الراية القطرية قبل سنوات لم يكن مصطلح "الوهابية" مقبولاً لدى أتباع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والمتأثرين بها؛ أدبيات الدعوة كانت ترفض هذا المصطلح الذي أطلقه خصومها القدامى نبزاً لتعييرها به، ومن هنا جاء رفضه والانزعاج منه، وفيما كان الخصوم يصرون على أن دعوة الشيخ مضارة لعقيدة المسلمين والمذاهب الفقهية الأربعة التي ارتضتها الأمة، كان أتباع الدعوة يردون بأن دعوتهم ليست إلا اتباع عقيدة السلف في الأصول ومذهب الإمام أحمد بن حنبل في الفروع، وكلما استجدت دواعي معاداة الدعوة في زمن ظهرت ذات الشبهات التي تُفترى عليها ودافع أصحابها بذات التفنيد الذي فندوها به في أزمان سابقة . واليوم لم يعد الجيل الجديد من أتباع الدعوة يكترثون بنبز شآنئيها، كما لم تعد كلمة "الوهابية" تسوءهم أو ترهبهم لأنهم أدركوا أن هناك مؤامرة تدبر لاستئصال دعوتهم؛ ليس هدفها النقد الموضوعي أو إصلاح ماقد اعترى الدعوة من نقص أو قصور بل استأصالها كلياً عبر شجبها واستنكارها تمهيداً لتجريمها والتخلص منها، وهذا الذي جعل هذا الجيل يقبل وبتحدٍ ترديد الوهابية بفخر واعتزاز وكأنه يقول للمتآمرين: أجل نحن "وهابية" فما تريدون ؟! دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب كغيرها من الدعوات الإسلامية المباركة التي نفع الله بها المسلمين لا يمكن أن تكون كاملة ومعصومة كرسالة سماوية، ولابد أن فيها أخطاء في المنهج أو قصورا في التطبيق، لكن هذا لا يبرر محاربتها والتآمر عليها، ومن يقرأ تاريخ الدعوة في أزمان تمكينها المصاحب لقيام الدولة السعودية في أدوارها الثلاثة يجد أن الدعوة في عهد الدولة السعودية الثالثة ليست كالدعوة في عهد الدولة السعودية الثانية أو الأولى، كما سيجدها في كل زمن تتطور بهدوء وتصلح من أخطائها بصمت، ومن الخطأ أو التربص أن يؤتى بأخطاء بدايات ظهور الدعوة أو أخطاء بعض أفرادها للاستشهاد بها على ديمومة هذه الأخطاء التي يستغلها المتربصون للنيل منها، ومحاولة إلصاق كل مشاكل عالمنا العربي والإسلامي بها هي كمحاولة أعداء الإسلام الذين يحاولون إلصاق كل الشرور بالمسلمين لمجرد وقوع بعض المسلمين في أخطاء لا يقرها الإسلام ! الشيخ محمد بن عبدالوهاب ودعوته ليسا معصومين وليسا فوق النقد، لكن من غير المروءة ولا الأخلاق تناولهما بالنقد وهما يستهدفان بكل النقائص والعيوب التي تجاوزت حدود النقد إلى الكذب والتلفيق والافتراء وإلا من كان يصدق أن داعية كأحمد الكبيسي يمكن أن تطيش به أحقاده على الشيخ محمد بن عبدالوهاب ليصفه بأنه صنيعة يهودية، ومثل الكبيسي كثيرون ممن ستكشف عنهم مخاضات الأيام القادمة ! من يحاربون دعوة الشيخ ويودون استئصال شأفتها تيار عريض يعمل في الخفاء والعلن، وهم ذاتهم من يريدون استئصال الإسلام كمنهاج حياة، ليس لأن الإسلام هو دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ولكن لأن دعوة الشيخ هي محاولة تطبيق الإسلام نقياً كما عاشه النبي صلى الله عليه وسلم، وقطعاً لا مشكلة في ذلك لمن تهفو فِطرهم النقية للإسلام الصحيح؛ لكن من تلوثت نفوسهم بالأهواء لا يريدون إلا صورة ملوثة للإسلام ليشكلوها كيفما شاؤوا دون أن يظهر عبثهم فيها! twitter: @almol7em