معالجة الهدر والاحتيال وسوء استخدام التأمين الصحي    الذكاء الاصطناعي هل يمكن استخدامه لاختيار شريك الحياة؟    من قلب أفريقيا إلى السعودية: الغبار الأفريقي ينتقل عبر البحر الأحمر    نسك من الحجوزات إلى الخدمات والخصومات للحجاج والمعتمرين    48 ألف عينة بيولوجية في مختبرات وقاية    ارتفاع الدولار وهبوط العملة الكندية    امطار على جنوب المملكة و رياح و حرارة عالية على عدة مناطق    الصين تطور قطارًا تصل سرعته إلى 600 كيلومتر في الساعة    القلاع والبيوت الحجرية في جازان مقصدًا للسياحة محليًا وعالميًا    أخضر البراعم يدشن مشاركته في البطولة الآسيوية بمواجهة الصين تايبيه السبت    مجموعة روشن شريكاً لبطولة "LIV Golf"    الاتحاد السعودي للإعاقات البصرية ونادي الشباب يوقّعان اتفاقية شراكة استراتيجية    الحارثي : إدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم ضرورة وطنية تستجيب لتحولات العصر    رسمياً .. الفرنسي"ثيو هيرنانديز"هلالياً    ريال مدريد يُخبر النصر بسعر رودريغو    قطة تهرب مخدرات    تنظيم النسخة الثالثة من معرض "صنع في السعودية" في الرياض.. ديسمبر المقبل    القوة الناعمة.. السعودية غير؟!    لماذا يداوي القائد المجروح؟    خمسة كتب توصي سوسن الأبطح بقراءتها    السينما وعي    مازن حيدر: المُواطَنة تبدأ بالتعرّف على التاريخ    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالأحساء ينظم ورشة عمل نوعية بعنوان: "القيادة الإعلامية"    الهلال خير ممثل وسفير    د. إبراهيم الداود: الرياضة ثقافة مجتمعية تسهم في تعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    رسميًا.. الهلال يضم ثيو هيرنانديز    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة فرنسا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    القبض على باكستانيين في الرياض لترويجهما (2) كجم "شبو"    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على جهود لجنة مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة    أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لفرع صندوق التنمية الزراعية بالمنطقة لعام 2024    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة بزه بنت سعود    جمعية الذوق العام تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة    أمين الشرقية يكرم 29 مراقبًا وقائدًا ميدانيًا تميزوا في برنامج "عدسة بلدي"    العلاج الوظيفي: أمل جديد لتحسين حياة المرضى    ‫محافظ عفيف يُطلق المرحلة الثانية من مبادرة الصحة السكانية بالمحافظة    رحلة شفاء استثنائية.. إنهاء معاناة مريضة باضطراب نادر بزراعة كبد فريدة    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    اختتام أعمال توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    أكد على تعزيز فرص التعاون مع روسيا..الخريف: السعودية تقود تحولاً صناعياً نوعياً وشاملاً    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    "ورث" يجدد الفنون بلغة الألعاب الإلكترونية    "لويس الإسباني".. أول رواية عربية مستوحاة من "الفورمولا"    "درويش" في الخليج نهاية أغسطس    خالد بن سلمان يبحث المستجدات مع وزير الدفاع المجري    أمر ملكي: تعيين ماجد الفياض مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    أكبر مصنع لأغشية التناضح العكسي    شدد على تسريع مشروعات الطاقة والتوسع في التدريب التقني.. "الشورى" يطالب بتحديث مخططات المدن    آل باخذلق وآل باعبدالله يحتفلون بزواج عبدالعزيز    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    المملكة توزّع (2.617) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان        أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنادرية ومعرض الكتاب: صياغة جديدة
نشر في أنباؤكم يوم 05 - 03 - 2009


بدأت –يوم أمس– فعاليات حدثين ثقافيين على درجة عالية من الأهمية والتأثير والإمتاع –متى ما أردنا أفرادا ومؤسسات- وهما المعرض الدولي للكتاب والمهرجان الوطني للتراث والثقافة واللذان تحتضنهما العاصمة – الرياض، ولعلهما يكونان فرصة سانحة لصياغة خطاب ثقافي حقيقي يمثل الشرارة الأولى دائما لوهج الحضارة في أية أمة تريد أن تُرسخ لوجودها حضورا فاعلا في المشهد الكوني الحضاري العام، حيث يمكن – بلحظة إنسانية جادة فاعلة، أن نبدأ جميعاً بإقامة علاقة وطيدة وحاسمة بالكتاب (المنهل الأول للمعرفة) وصياغة خطاب ثقافي (صحيح) تتحدد ملامحه من خلال تعاط حيوي متجدد للمصادر التراثية، ونظرة واثقة وحتمية للمناهج والآداب الحديثة. أزعم أنه يمكن ترسُّم خطى تلك الأهداف المعرفية – بجد – بتوافر عدة شروط لعلي (أختصرها) بحسب أهميتها في ثلاثة جوانب رئيسة: أما أول تلك الشروط فهو توفر القناعة الداخلية للفرد داخل مجتمعنا بأن للكتاب ومناشط الثقافة المتعددة الدور الحاسم دائماً في صنع الحضارة الإنسانية من خلال توفير الأداة الفاعلة لبناء وعمارة الأرض، التي جعلها الله، عز وجل، مشروعا لخلافته على هذا الكون، فلا يجدي أبدا أن نكتسب ذلك الكم الهائل من المعلومات داخل مؤسساتنا التعليمية، ونحن لا نعي الغايات المعرفية لتلك العلوم وفلسفة تأليفها وأهدافها الرئيسة: (الطالب لدينا، مثلا، يحفظ ما يجده على صفحات كتابه المدرسي وهو لا يعرف جواباً عن الأسئلة الحاسمة التي كان من الأجدر أن يبدأ بها مشروعه التعليمي، متى بدأ مشروع التأليف في مادة العلم التي يدرسها؟ ومن هم رواد ذلك المشروع؟ وما علاقة مادة العلم تلك بالعلوم الأخرى؟ وكيف يمكن تصنيف تلك المادة العلمية ضمن أشكال العلوم والمعارف؟! وما هي الأسباب التي دعت للكتابة في ذلك العلم – الفن؟ وما هي الغايات العامة للبحث والتعلم في تلك المادة العلمية؟ وكيف يمكن أن تمثل تلك المادة العلمية علاقة ما بواقعها الماضي أو بواقعها الحاضر؟!. قطعاً، فإن الإجابة على تلك التساؤلات يهيئ لها التعاطي (الصحيح) والفاعل مع (الكتاب)، فلا يجدي أن نمارس مخرجات الثقافة من تقنيات ومخترعات شتى، ونحن لم نستوعب الثقافة نفسها التي أنتجتها؟! (كذلك فإن المخرج المعرفي لتعاملنا مع وسائل الإعلام – القنوات الفضائية – الشبكة المعلوماتية يبقى ضئيلاً دائماً، وكذلك المنتج المعرفي لمؤسساتنا التعليمية إن لم نقل ذلك منذ البداية)، ولا يجدي – كذلك – أن نرتهن في كل الأحوال لتلقي معارفنا من النخب الدينية والثقافية ونجعل (اجتهاداتهم) البشرية قناعات صارمة تشكل نظرتنا الثابتة – دائما – للكون والإنسان والحياة. وثاني الشروط لإقامة تلك العلاقة الجديدة بالكتاب وصياغة الخطاب الثقافي الحقيقي من خلال (معرض الكتاب ومهرجان التراث) المقامين حاليا: تحطيم كل السياجات المصنوعة التي منعت عن مجتمعنا ضياء المعرفة وأشعة الثقافة والفنون باسم أكثر القيم رفعة وسمواً في الحياة؛ الدين وهوية الإنسان، إذ الحقيقة أن الدين الإلهي الحق هو الذي يحفز دائماً على المعرفة الحرة والانفتاح على تجارب الآخرين، أما الهوية الإنسانية، فقد كانت بالفعل لدينا هوية اجتماعية حقيقية كان من الممكن أن تترسخ بشكل إنساني حضاري قبل أربعة عقود، عندما كان مجتمعنا (يعيش) وينمو بشكل طبيعي منسجم بدون معيقات مصنوعة، وعلاقات أعيد صياغتها بشكل خاطئ لذواتنا مع رجال الدين والمثقف والمرأة والفنان والحياة بشكل عام، وبالتالي، فإن بعض معطيات الخطاب الديني وليس الدين العظيم بالتأكيد، قرآنا وسنة، وما أفضت إليه من خطاب اجتماعي مستلب من (هويته) هما اللذان مثلا تلك السياجات حول المعرفة والرعاية الفكرية المتطرفة للأدب والثقافة. وعندما يتخلص الخطابان الديني المتشدد والاجتماعي الشعبي لدينا من بعض مفرداتهما المتشنجة بفعل مؤثرات تاريخية خاطئة، فعندئذ يكون الفضاء متاحاً لإقامة أعراس ثقافية فرائحية حقيقية تنشد بتراجيع شجية حُميّا العقول المتعطشة لشوارد الثقافة ومسارب الوعي المنير. عندها لا يكون ثمة حجب ومصادرات وسوء ظن بالكتاب وبالآخرين، وتهجم على المنصات المشرعة نوافذها لاستقبال اشعة الابداع والثقافة.. عندها يدخل الرجل الى ساحات الثقافة مع زوجته وابنائه سويا للاستمتاع المطمئن بلحظة ثقافية ملحة في حاجاتها ورغباتها.. وتستقبل (المسارح) الخاوية على عروشها أبطالها الذين لطالما استمرأوا اطلاق نداءات الحق والخير والجمال وتحتضن (الجدران) المعتمة (رساميها) لينقشوا على عروقها المنتظرة تشاكيل الحب والفن والإبداع. اخر تلك الشروط- كما أزعم مقاربة- هو ان تتجاوز تلك الاحتفالية الثقافية النخب المثقفة الى الاطياف الاجتماعية المتنوعة، بتآزر عدة اطراف فاعلة: الاسرة التي تمثل باهتماماتها الثقافية المنشودة القدوة المثلى للابناء، والمؤسسات التعليمية التي ينهض روادها ومعلموها بتكريس اهمية معارض الكتاب وفعاليات الثقافة في (اللاوعي الجمعي) لطلابهم ومريديهم بعد أن تتحقق تلك الاهميات المشروعة في (اللاوعي المعرفي) لهؤلاء المعلمين بداية! كما أن ثمة دورا فاعلا للاعلام بوسائله المتنوعة وتغطياته المستمرة لكل تفاصيل هاتين الفعاليتين (كالإشادة في كل تغطية تلفزيونية مثلا الى عدد الكتب المباعة ليوم ما، وأكثر الكتب مبيعا، وابرز المؤلفين تداولا..) وربما يكون هذا من شأنه ان ينتج نماذج (نجومية) اخرى في عرف افراد المجتمع، ينهض بها هذه المرة المثقفون والروائيون وليس (لاعب الكرة) ككل مرة في أعراف المجتمع!. بقي ان اشير فيما يختص (بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة) الى ضرورة تجاوز التكرار الممل لبدايات العرض الافتتاحي والفعاليات المصاحبة خلال ما يقارب (الربع) قرن من الزمن. لماذا نبقى دائما في المربع الاول ذاته، نردد مع الصوت الفيروزي (يا دارة دوري فينا.. ظلي دوري فينا). ثمة أساليب كثيرة (بحجم الكون) يمكن ان تقدم في كل مرة تعاطيا جديدا مع اشكال التراث وثقافة الانسان. كما ان اقتصار فعاليات الاحتفاء بالتراث على الحرف والرقصات والاكلات يحصر منظومة الثقافة التراثية على سقف يقترب من ارضه كثيرا فيبقى مجال التلقي محدودا للغاية! منظومة الثقافة التراثية تتسع بالضرورة لتشمل الطقوس.. التقاليد.. الحكايات الاسطورية.. النماذج الثقافية التي اضطلعت بوضع اللبنات الأولى للثقافة في بلادنا، وكذلك النماذج الشعبية التي كانت بحق مثالا للرجولة الحقة والفروسية الملحة والوعي النبيل.. الآثار المكانية الممعنة في تاريخيتها.. او المنتمية الى حقبة تاريخية وطنية مع بدايات التأسيس لحياتنا المدنية المتحولة .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.