تشكل الألعاب الالكترونية جل اهتمام المراهقين في عصرنا الحاضر، مما يجعل البعض يعتقد بإمكانية تحول ذلك إلى اضطراب خاص بإدمان الألعاب لدى الأطفال والمراهقين. في عام 2016 بلغت مبيعات ألعاب الفيديو حول العالم 24.5 مليار لعبة، بزيادة عن 2015 الذي بلغت فيه المبيعات 23.2 مليار لعبة، وتشير الإحصاءات الأمريكية إلى أن 72% من ألعاب الفيديو المتداولة في الولاياتالمتحدة يستخدمها من تزيد أعمارهم على 18 عاماً، وهناك مجموعة من المخاوف تتعلق بمدى انتشار وتأثير هذه الألعاب، منها ما يتعلّق بالعنف، وإدمان الشاشة، والتأثير على الدماغ، والتأثير على الأنشطة البدنية الأخرى. وبحسب الإحصائيات والتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية والتي أشارت إلى أن المخاطر الناجمة عن الإفراط في الألعاب الإلكترونية، فقد أفادت بأن هناك 175 ألف حالة مرضية نتيجة الإدمان على الألعاب الإلكترونية في العالم، كما أن هناك 285 ألف طفل قد أصيبوا بمشاكل في النظر نتيجة ألعاب الفيديو عبر شاشات الكمبيوتر. من خلال الإحصائيات فإن هناك 112 ألف طفل قد أصيبوا بالمسدسات البلاستيكية، وهي كرات شديدة القوة وتكون مؤذية خاصة إذا كانت الإصابات في العيون والرأس بشكل عام، وقد بلغ عدد الأطفال الذين توفوا نتيجة ابتلاع قطع من هذه الألعاب 55 ألف طفل، ولذا فإن إدمان ألعاب الفيديو خطر يهدد حياة الأطفال. إن قرار منظمة الصحة العالمية بإدماج الاضطراب رسمياً في التصنيف الدولي للأمراض هو الخطوة المناسبة، وهو قرار صائب لحماية المجتمعات، وشرائحه المختلفة من الصغار والكبار. أعراض الإدمان من جانبه، أوضح المستشار النفسي والتربوي د. فهد عبدالرحمن الماجد أن الأعراض التي يقاس منها إدمان الأطفال على الألعاب الإلكترونية تتمثل في تعلّقه الشديد بالأجهزة الإلكترونية، وغياب الرغبة في اللعب مع الأطفال الآخرين أو اللهو في الخارج. ومن بينها ظهور التوتر الشديد والمستمر في حال لم يملك الأجهزة الإلكترونية ليلهو بها، مما يجعله في حالة من القلق والتشنّجات المستمرة. ضعف التعليم كما يفقد الطفل التركيز على الدرس وقت التعلم، وعدم قدرته على الكتابة والدراسة بشكل صحيح، كما لا يمكنه أن يجلس لمدة طويلة لإتمام واجباته الدراسية وفروضه المدرسية، إذ يصعب عليه الثبات من دون أن يلهو ببعض الأمور الصغيرة ويقلّد الألعاب الإلكترونية التي يلعبها على الأجهزة، مستعملاً أدوات الكتابة كالقلم والممحاة وغيرها. أضرار الألعاب وأضاف الماجد: إن الطفل قد يشكو من اضطرابات في النوم وفشل على صعيد الحياة الخاصة أو الدراسة، وكسل وخمول وعزلة اجتماعية، إضافة إلى التوتر الاجتماعي وفقدان المقدرة على التفكير الحر وانحسار العزيمة والإرادة لدى الفرد، كذلك ضعف المهارات الاجتماعية، مما يؤدي إلى إخفاقه وفشله في التعامل مع مواقف الحياة. كما تتمثل التأثيرات الصحية على الأعصاب والعين، وضعف التحصيل الدراسي وانعكاساته على المستوى التعليمي، والتأتأة وعدم الاكتراث لمشاعر الآخرين، والعدوانية في السلوك تجاه إخوانه وزملائه، فضلاً عن تأثيرها على القيم إضافة لتفويت الواجبات الدينية. علاج الإدمان وأكد الماجد أنه ينصح لعلاجهم بأن يلتفتوا قبل كل شيء إلى أن الأفضل عدم السماح للأطفال بممارسة هذه الألعاب قبل سن التعليم الأكاديمي، ويفضل أن يكون بعد سن التاسعة، للحفاظ على النمو الطبيعي للعمليات الإدراكية للطفل. ومن الحلول الناجحة للتصدي للإدمان هو تخصيص أوقات للتنزه والترفيه لإدخال السرور على أولادنا، وتوفير البديل الصحي عن الألعاب الالكترونية، وتشجيع الأولاد على ممارسة الهوايات، إضافة لتعليم الطفل القانون والنظام في المنزل، ووضع الأولويات في الحياة، ليحدد وقت راحته ويمارس فيه هذه الألعاب الإلكترونية المناسبة، وعدم السماح له بتجاوز عدد الساعات المسموح له فيها باللعب، ويفضل أن يشارك الوالدان في تلك الألعاب أو الإشراف عليهم من أجل خلق علاقة حميمية بينهم وبين الاولاد. وعن اختيار الألعاب الإلكترونية، قال: يجب تحديد ما يناسب أعمارهم، وعدم السماح بشراء الألعاب التي تحمل طابع العنف أو الشدة وتتسبب في بناء شخصية عدوانية سلبية. ولفت إلى أن تعليم الأبناء أن الإنترنت والجلوس أمام الكمبيوتر، لا يتلخص في الألعاب فقط، ولكن هناك أشياء عديدة ومفيدة يمكن أن يقوم بها الشخص من خلال الكمبيوتر، كالرسم والقراءة أو تعلم اللغات أو غيرها من الأمور النافعة التي تؤثر بشكل إيجابي في شخصية الطفل، ولننمي حب القراءة لدى الأطفال ونحببهم في القصص الهادفة التي تربطهم بقيمهم وبتاريخهم. وأكد على أهمية التعاون بين مختلف المؤسسات الاجتماعية مثل المنزل، والمدرسة، ووسائل الإعلام وغيرها، في توعيتهم بأهمية استثمار أوقاتهم، وإيجاد البديل المناسب للألعاب الإلكترونية، والعمل على تنظيم الأوقات بصورة إيجابية، وبخاصة في أيام العطلات والإجازات، إضافة إلى أهمية التركيز على نشر الوعي اللازم الذي يبين مخاطر ومضار ومساوئ المكوث الطويل أمام الشاشات صحياً وفكرياً واجتماعياً.