اندفعت عجلة قطاع السلع الأساسية، استنادا إلى مزيد من التراجع في أسعار الدولار الأمريكي. وساعدت تغطية المركز القصير في قطاعي الطاقة والمعادن الثمينة بتعويض الانتكاسة الحادة التي تعرضت لها الحبوب على خلفية تراجع حدة المخاوف الأخيرة من الطقس. واتخذت نهاية السياسة النقدية الفضفاضة خطوتها التالية عندما انضم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى بنك كندا الذي رفع الأسعار الرسمية لفائدته يوم الأربعاء للمرة الأولى منذ سبع سنوات، وهو ما يعادل ربع نقطة إلى 0.75%. وفي شهادتها نصف السنوية أمام الكونجرس الأمريكي، أكدت جانيت يلين، رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أن المجلس يواصل رفع أسعار فائدته بالتدريج وصولا إلى وضعها الطبيعي، مع احتمال اتباعها لنهج أبطأ في حال لم يتم تحقيق الأهداف المرجوة من التضخم. وتم تداول النفط الخام بأسعار أعلى بعد أسبوع من المؤشرات المختلطة، حيث لمست وكالة الطاقة الدولية نموا متزايدا في حجم الطلب، فضلا عن ارتفاع إنتاج أوبك وانخفاض مستوى الالتزام بقيود الإنتاج المتفق عليها. وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية، تم تعويض السحب غير المتوقع من المخزونات عبر زيادة الإنتاج، وذلك بعد خمسة أسابيع من استقرار حجم الإنتاج. واستمرت هذه الجولة غير الثابتة، والتي غالبا ما تشهدها المحاصيل الرئيسية خلال موسم النمو المتقلب، طوال الأسبوع ولكن بالاتجاه المعاكس. واختبرت كافة المحاصيل الرئيسية الثلاثة عمليات بيع بعد الارتفاع الكبير للأسعار في مطلع يوليو، والتي قادتها عمليات بيع قمح الربيع ذي الجودة العالية على خلفية المخاوف من الطقس، والحد من الأرقام القياسية التي سجلها فول الصويا. وتسارعت وتيرة عمليات البيع بعد أن أصدرت وزارة الزراعة الأمريكية تقريرها الشهري حول العرض والطلب، وأظهر القوة النسبية للمخزونات العالمية من المحاصيل، كما جاء ذلك نتيجة لتغير توقعات الطقس على المدى القصير نحو درجات حرارة باردة نوعا ما، مع احتمال تساقط الأمطار. وحتى الآن، تم تعويض ثلاثة أسابيع من تحسن بيانات مخزونات النفط الأمريكية عبر الأخبار السلبية للأسعار من أوبك. وأوضحت وكالة الطاقة الدولية هذه المسألة في تقريرها الشهري الأخير بخصوص الطاقة كما يلي: «يبدو أن شيئا جديدا يحدث كل شهر فيؤدي إلى زيادة الشكوك حول وتيرة عملية إعادة التوازن. وتبدو في هذا الشهر عقبتان: الانتعاش الدراماتيكي لحجم إنتاج النفط من ليبيا ونيجيريا، وانخفاض معدل التزام أوبك باتفاق الإنتاج الخاص بها». وبالرغم من رؤيتها لارتفاع حجم نمو الطلب العالمي، أكدت وكالة الطاقة الدولية انخفاض معدل امتثال أوبك إلى أدنى مستوياته منذ ستة أشهر الشهر الماضي ليصل إلى 78% من 95% في شهر مايو الماضي. وترتفع حدة المخاوف جراء ازدياد معدل الإنتاج الإجمالي إلى 700 ألف برميل يوميا من ليبيا ونيجيريا - وكلاهما مستثنى من اتفاق أوبك لتخفيض الإنتاج- مما يبقي جهود اتحاد المنتجين خاضعة لثقل التحديات. وكان من الواضح أن تظهر مشكلة أوبك في أول توقعاتها لحجم الطلب في عام 2018. وتمت تلبية الارتفاع المرتقب في الطلب العالمي بمقدار 1.26 مليون برميل يوميا بإجراء زيادة طفيفة جدا على حجم إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك بمقدار 1.14 مليون برميل يوميا. وبناء على هذه الافتراضات، سيكون من الصعب على أوبك التوقف عن سياستها في تخفيض الإنتاج بعد 31 مارس لأنها ستخاطر مرة أخرى بإغراق السوق بكميات غير ضرورية من النفط. وأدى الارتفاع الكبير والمستمر لحجم العرض العالمي، إلى جانب تباطؤ الامتثال بسياسة خفض الإنتاج التي نشهدها حاليا، إلى زيادة التركيز على الحاجة لأسعار أقل ولفترة أطول. وتبدو أهمية ذلك في التأثير على قدرة منتجي النفط الصخري مرتفع التكلفة في الولاياتالمتحدةالأمريكية أو استعدادهم لمواصلة إضافة الحفارات وزيادة الإنتاج. وما زالت توقعات النفط صعبة على المدى القصير، بحيث تظهر أفضل فرص الانتعاش عبارة عن أحداث غير متوقعة تدفع نحو انخفاض مكانة المركز القصير القريب من الرقم القياسي، والتي يتبوؤها خام غرب تكساس الوسيط وبرنت. وسيتطلب الانتعاش المطرد نحو الطرف الأعلى للنطاق المحدد إجراء العديد من الأمور التالية: إبطاء منصات الحفر الأمريكية ونمو الإنتاج ردا على انخفاض الأسعار. انخفاض موسمي كبير في مخزونات النفط الخام الأمريكية (يستمر عادة حتى نهاية شهر سبتمبر). سعي أوبك للحفاظ على انضباط أعضائها، وخاصة العراق وإيران. قيام أعضاء أوبك البارزين بتخفيض صادراتهم في الربع الثالث لتلبية الاستهلاك المحلي المتزايد. تباطؤ أو تجديد العقبات الكفيلة بعرقلة نمو الإنتاج من ليبيا ونيجيريا. وما زلنا نراهن على ارتفاع الأسعار في هذا الربع بناء على الاعتقاد بأن العديد مما سبق ذكره قد يتكشف خلال الأسابيع المقبلة. وحتى ذلك الوقت، من المرجح أن تظل السيطرة بيد دببة النفط إلى أن يتم اختراق موجة الارتفاعات المنخفضة على النحو الذي شهدناه في فبراير. وعلى هذا الأساس، نركز على المقاومة عند 47.3 دولار أمريكي للبرميل في خام غرب تكساس الوسيط، و50 دولارا للبرميل في خام برنت، باعتبارها المستويات الرئيسية في المستقبل.