اختتمت يوم الجمعة الماضي 15 ابريل 2016 القمة الثالثة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي في مدينة إسطنبول، تركيا، والتي شارك فيها ممثلون عن أكثر من 50 دولة من العالم الاسلامي. وقد بحثت القمة ملفات مهمة كمكافحة التطرف والارهاب ودعم التنمية وحقوق الإنسان في العالم الإسلامي. ورغم ان القضية الفلسطينية لم تغب عن اعمال القمة حيث أكد إياد مدني، أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، خلال كلمة افتتاح القمة: ان القضية الفلسطينية لا تزال القضية الأم للمنظمة. وأضاف: "دعت قمة جاكرتا إلى مطالبة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية"، وناشد الفرقاء الفلسطينيين التنازل عن الاختلافات لتشكيل حكومة وفاق فلسطينية. كما ذكر الرئيس التركي رجب طيب في كلمة الافتتاح كذلك إن "علينا أن نعمل لإنهاء الاحتلال وتأسيس دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وعلى المنظمة أن تدعم كافة الشعوب المسلمة التي تكافح من أجل حقوقها في مختلف أنحاء العالم". وقد تصدر الإعلان الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام لوضع الآليات المناسبة لتقرير الحماية للشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بما في ذلك للقدس الشرقية. الا انه بشكل عام هناك غياب للقضية الفلسطينية سواء على المستوى الاعلامي او على المستوى السياسي او حتى على مستوى الرأي العام الشعبي بعد ما يسمى بالربيع العربي والذي يعود برأيي الى ثلاث أمور رئيسية.. الامر الاول: ان الأنظمة العربية الجديد بعد مخاض ما يسمى بالربيع العربي، اصبحت مشغولة بقضاياها القطرية. فقضية الامن و التنمية والإصلاح، ومراقبة دور الحكومات الجديدة، اصبحت تأخذ حيّز الاهتمام لدى هذه الدول في الفترة الحالية، اكثر من الاهتمام بالشأن الخارجي وعلى رأسها القضية الفلسطينية. كما ان المواطن العربي اصبح مشغول بلقمة عيشه التي اصبحت أولى أولوياته في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع الاسعار. وعليه فانشغال البلدان العربية بهمومها وقضاياها الداخلية ساهم كثيرا في تهميش القضية الفلسطينية، ولم تعد القضية الفلسطينية كما كانت سابقا هي المحور بل نزلت ربما درجة او حتى درجات من سلم الأولويات العربية في الدول التي شهدت ما يسمى بالربيع العربي. الامر الثاني: إن بيئة الثورات العربية التي اصبحت تعاني من غياب الاستقرار السياسي والترهل المؤسساتي وخاصة مؤسسة الامن والجيش الذي فرضته هذه الاحداث، أفرزت إشكاليات عابرة للحدود كقضايا الارهاب والتطرف، الذي وجد في هذه المناطق ارض خصبه ونقطة جذب لجميع الجهاديين الإرهابيين في العالم، بل ونقطة تمركز لها للتمدد الاقليمي والعالمي. وبالتالي فانتقال خطر الارهاب من الداخل القطري وتجاوز الحدود القطرية إلى الساحتين الإقليمية والدولية، دفع بمسالة مواجهة الارهاب وتجفيف منابعه، تتسيد اجندات الدول، واصبحت هذه القضايا – قضايا الارهاب والتطرف واسلوب مكافحته- لها صدى وصوت إعلامي يفوق في احيان كثيرة الصدى الإعلامي لمتغيرات الساحة الفلسطينية. الامر الثالث هو الانقسام الفلسطيني الداخلي بعد 2007 وظهور سلطتين سياسية الاولى في الضفة الغربية تحت سيطرة حركة فتح والثانية في قطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس، لأول مره في تاريخ القضية، مما ادى الى تشتت الاهتمام بالقضايا الكلية قضايا التحرر والاهتمام بالقضايا الجزئية المتعلقة بملف المصالحة ومحاولة رأب الصدع بين الاخوة الفلسطينيين، وفشل كل الوساطات في تهدئة الأوضاع، حتى نظموا الشبان الفلسطينيون مظاهرات في عام 2011 في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة لإنهاء الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، والتي افضت الى قيام حكومة توافق وطني. ورغم قيام هذه الحكومة في يونيو 2014 حيث ضمت في عضويتها وزراء من الضفة الغربية وقطاع غزة، على امل وضع حد للانقسام المستمر بين الحركتين، الا ان الحكومة ظلت شكلية ومشلولة ولم تستطع تنفيذ مهامها بالشكل المطلوب بسبب استمرار سيطرة حركة حماس على قطاع غزة وانها ما زالت تماس صلاحياتها كاملة على القطاع، الأمر الذي يمنع الحكومة من تنفيذ مهامها بالشكل المطلوب. والتي برأيي افقدت القضية الفلسطينية وهجها ومصداقيتها وتحولت من مقاومة للاحتلال الى صراع على السلطة. واخيرا اعتقد ان استقرار الاوضاع بالمنطقة سواء على المستوى السياسي او على المستوى الامني ووصول الاخوة الفلسطينيين الى توافق حقيقي يضع كل المصالح الشخصية جانبا ويعلي من المصلحة العليا للقضية باعتبارها حجر الاساس واستعادة الوحدة الوطنية ، سوف يدفع بكل تأكيد بالقضيّة الفلسطينيّة إلى تصدر المشهد السياسي والاعلامي من جديد، وحصولها على اهتمام التي تستحقه، لا سيما وأنها ما تزال القضية المركزية في قلب ووجدان وعقل كل عربي ومسلم .