يوافق يوم العشرين من هذا الشهر الحالي (نوفمبر) اليوم العالمي للطفل. وقد أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1954 بأن تقيم البلدان يوما عالميا للطفل للاحتفال بهم. الحقيقة حين نفكر أننا جميعا كنا يوما أطفالا تتغير طريقة نظرتنا لهم، وربما يتطور أسلوبنا في التعامل معهم. وهم في المقابل حين يبدأون في النمو لا تتجاوز همومهم في الغالب ثلاثة أشياء: اللعب، الأكل، والنوم. والحياة بالنسبة لهم جدا بسيطة، بل اعتقد أنهم ينظرون إلينا بنوع من الشفقة؛ لأننا نحن الأكبر سنا نعقد الأمور أكثر من اللازم!! ولكن في العقدين الأخيرين أعتقد أن حياة أطفالنا أصبحت أكثر تعقيدا، وكنا نحن من المسببات في تزايد ذلك التعقيد! نحن جزء من المشكلة بسبب هوسنا الشديد بالتكنولوجيا، ولأننا فتحنا الباب على مصراعيه لهم بدون حسيب أو رقيب. وبحسب موقع -Growing Wireless - فإن 56% من الأطفال الذي تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 12 يملكون هواتف نقالة. ويذكر موقع –digital trends - أن الأطفال يقضون ست ساعات ونصف أمام شاشات مختلفة من تلفزيون أو ألعاب أو جوالات وأجهزة ذكية. بينما في منتصف التسعينيات من القرن الماضي كانوا يقضون ثلاث ساعات فقط. يعني تضاعف الاستخدام مرتين خلال عقدين من الزمن، فما الذي سيحدث للأجيال القادمة!! هذه التكنولوجيا وما تحمله معها من فوائد لها جوانب أخرى سلبية تؤثر على الأطفال. منها: ضعف العلاقة العاطفية مع الوالدين خصوصا والأسرة عموما. إن أجمل ما في الطفولة هي تلك العاطفة القوية الجياشة، والتي تجعلهم دائمي الابتسامة والضحك ؟! فإذا خسرنا تلك الميزة الرئيسية فما الذي تبقى منها؟ إضافة إلى ذلك هم يفقدون اللمسة الإنسانية من كثرة التعامل مع تلك الأجهزة الصماء إنسانيا وعاطفيا. أما المؤثر الآخر والذي لا يقل خطورة فهو السلوك العدواني أو غير الأخلاقي الذي قد يتزايد مع الوقت حين نغفل عنه أو نتساهل فيه، فنحن جزء من المشكلة والحل في نفس الوقت. ومن المؤثرات التقليل من النواحي الإبداعية. فلم يعد الإنسان يحتاج إلى وقت طويل في البحث والتفكير؛ لأن تلك الأجهزة سهلت عملية البحث عن الحلول العلمية والفكرية. وهناك أيضا مؤثر خطير عليهم وهو الانطوائية والعزلة الاجتماعية؛ بسبب كثرة برامج وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى حين نجتمع معهم بأجسادنا فإن عقولهم وقلوبهم مشغولة بالشاشة نظرا ولمسا. ومن الحلول لهذه الإشكالية هو التوسط؛ لأن المنع يولد الانفجار، والانفتاح اللا محدود يولد الضياع والتخبط. ولذلك من غير المنطقي يكون لدى الطفل أو المراهق حسابات كثيرة في آن واحد مثل: «فيس بوك»، «انستغرام»، «توتير»، «سناب»، «تليجرام»، و«يوتيوب»... وغيرها؛ لأنه لو قضى ساعة واحدة على كل برنامج منها، لم يتبق وقت لباقي أنماط الحياة الطبيعية! الحل إذا هو الاكتفاء بواحد أو اثنين من هذه البرامج على الأكثر للبقاء على الاتصال بالعالم الحديث، ولأن الأخبار والقصص متكررة في مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي. وقبل الختام.. لا يمكن أن يمر اليوم العالمي للطفل دون أن نتذكر أطفال اخواننا من العرب والمسلمين الذين يعانون من حروب وتشريد، وغربة عن الأوطان. ولذلك لا بد من ترسيخ المفاهيم السليمة لدى أطفالنا ليبقى التوازن موجودا بين الأسرة الصغيرة وهي العائلة، والأسرة الكبيرة وهي الأمة العربية والإسلامية. إذا مهمتنا هي زرع البذور الصحيحة دينيا ووطنيا وأخلاقيا في عقولهم وأفئدتهم، وأما النتائج، فهي إن شاء الله رائعة إذا أحسنا الاعتناء بالبذور وهي الأفكار. ولعلي أختم بهمسة وهي أن هناك أطفالا نشأوا رجالا، ورجالا ما زالوا أطفالا!!، والسبب هو بذور الهمة والهم منذ الصغر.