استمعت كما استمع غيري إلى هرطقات عبدالملك الحوثي في خطابه الانفعالي الإنشائي، الذي ألقاه بُعيد انطلاق عاصفة الحزم لِدَكه ودك خزعبلاته وخزعبلات من جندوه؛ ووجدته في هذا الخطاب ذلك الرجل المنفعل، غير القادر على تحديد إستراتيجية واحدة لما يقوم به من عبث في بلاد اليمن الأبي؛ فكان خطابا استجدائياً إن ساغ التعبير يتلمس في عباراته وتراكيبه الطريق لاستعطاف الشعب اليمني، واللعب على أوتار مصالحه ومقوماته؛ فاستعطف واستجدى وحث وحفز، محاولا تجييش الحس الوطني لدى شعب اليمن؛ حينما كرر هذا الحوثي، أو كما أسميه صاحب المشروع السياسي المستورد عبارة الشعب اليمني مرارا ومرارا؛ وضمنها كل تراكيب خطابه وكأنه الأشد حرصا وخوفا على مصلحة هذا الشعب الكريم، الذي تفنن هو وأزلامه في الإساءة إليه، وذبحه من الوريد إلى الوريد. بدا لي من خلال هذا الخطاب الغارق في العاطفة، أن عبدالملك الحوثي يراهن على شعب اليمن؛ ويجعله خط دفاعه الأول وواجهته؛ كعادة كل الشرذمات التي تطعن أوطانها وشعوبها في الظهر؛ وإذا استشعرت الخطر والخوف استحضرت شماعة الشعب لتجعلها طوق النجاة؛ وهاهما الحوثي والخائن عبدالله علي صالح يعولان على هذا الشعب الأبي الكريم نجاتهم من الغرق، وبعد أن أوسعوه خيانة وغدرا وتدميرا وتفريقا؛ ولا أظن أن اليمنيين الشرفاء تنطلي عليهم مثل هذه الألاعيب أو الأكاذيب ولا الشعارات المارقة كالتي يحملها هذان. فشعب اليمن يدرك تمام الإدراك أن عاصفة الحزم ليست حربا ضده، بل ضد أعدائه وأعداء مستقبله ومصيره الإستراتيجي؛ ويوقن هذا الشعب الصديق -بكل ما تعنيه الكلمة من معنى- بمصداقية القيادة السعودية ومن معها من حلفاء، بل ويعي ما تربطه بالشعب السعودي والخليجي عامة من روابط الدين والجوار والمصالح المشتركة؛ وبالتالي لن تنطلي عليه أكذوبة الحوثي ولا عبارات خطابه الرنانة. شعب اليمن الكريم على يقين بأن خادم الحرمين الشريفين وكل أفراد شعبه يكنون لليمن وأهله التقدير والمحبة والاحترام؛ ويفتحون له ذراع الإخاء والمودة؛ كما أن الجالية اليمنية التي تعيش على أرض هذا الوطن تشهد على محبة الشعب السعودي لكل اليمنيين؛ وعلى الثقة المتبادلة بين الشعبين؛ وعلى قوة العلاقة ومتانتها؛ حتى أنك تلمس هذا البعد الأخوي العميق في سياسة المملكة العربية السعودية منذ بداياتها الأولى؛ فالشعب اليمني واكب مسيرة المملكة في كل تحولاتها؛ وعاش معززا مكرما في كل مراحل نموها؛ وها هو الآن وفي ظل هذا الظرف العسكري يحظى بكل الاحترام والتقدير من المملكة حكومة وشعبا؛ لتبقى مزايدة عبدالملك الحوثي ضربا من ضروب العجز في أن يدق مسمارا في عمق هذه العلاقة ومداها. أيها الشعب اليمني الكريم.. عاصفة الحزم جاءت لتحررك من خطر داهم يحدق بك وبنا وبالمنطقة جمعاء، وانطلقت لتلبي نداء الشرعية والحكمة والعقل؛ وهي في واقعها عاصفة لنجدتك وللحفاظ على كرامتك وأمنك وضمان مستقبلك، من شرذمة لها في وطنك أطماع خارجية، ولها فيك وفي مقدراتك مآرب أجنبية؛ فكن على قدر المسؤولية كما عهدناك، أبيا كريما عزيزا تقف مع الحق وتؤيده، آملين معك أن تحقق هذه الضربة العسكرية أهدافها وأن تعيد اليمن إلى وضعه الطبيعي وحياته المستقرة. * أستاذ الأدب والنقد - كلية الآداب - جامعة الملك فيصل