كنت في زيارة لقريب يسكن في حي يتميز بجمعه بين سعوديين من الطبقة الوسطى وعدد كبير من الوافدين، وخرجنا سوياً لإحضار غداء لكلينا.. فقد كان يومها «عزوبي» ويستشعر رغبة كبيرة في الاستمتاع بفعل كل شيء! وبينما كنا نسير بسيارته في شوارع الحي.. لفت انتباهي الكمية المهولة ل «الصبات» التي ترامت في كل اتجاه تقريباً! تساءلت: ما كل هذه الصبات؟! قال مبتسماً: إليك «السالفة».. هذا الشارع تم حفره ثلاث مرات خلال العام 2014م.. وأنت شاهد اليوم على الحفرية الأولى للعام 2015م! قلت: غريب.. الأسفلت يبدو جديداً.. وعيون القطط.. وحتى الرصيف! قال: نعم.. انتهوا من تجديد الشارع بالكامل في ديسمبر الماضي.. ولكن يبدو أنهم اكتشفوا أمراً منسياً.. وعليه يجب الحفر من جديد.. والقذف بالمنسي في جوف الأرض لمواراته مهما كلف الأمر! الحقيقة الماثلة في كل هذا تؤكّد أن التنسيق معدوم بين أهم اللاعبين في محفل التنمية المدنية التي تلتهم الجزء الأكبر من موازنة الوطن، فلا المعني بتجديد الطرق يعلم أن هناك توسعة للصرف الصحي، ولا المعني بالصرف يعرف أن المكلف بتصريف السيول قادم للحفر، وصاحب صرف السيول غائب عن حقيقة أن مقاول الأرصفة قد انتهى للتو من الرصف ضمن مشروع كلف ميزانيتنا حفنة من الملايين. النتيجة النهائية دائماً.. شارع «ذكي» يعمل بتقنية «التنطيط» والمستفيد الوحيد هم المقاولون وورشة «الذراع الذهبي» لميزان الأذرعة وتغيير المساعدات.. بإدارة الخبير صالح قايد. ومن شدة التركيز في بحثي عن تفسير، أكاد أجزم أحياناً أن هناك ملثماً يترصّد بكل شارع جديد.. ويتضايق كلما رأى طريقاً مستقيماً ومنسجم المسارات.. وحتى لو لم يجد ماسورة منسية لم تدفن تحت الأرض كيفما اتفق.. سيبلغ عن أهمية عمل «مطب» أمام مخبز التميس نظراً للكثافة العالية من المتزاحمين صباحاً ومساء! والمطب هذا أصلاً بدعة لم تجد من يتصدى لها، لأن المشكلة هي في الموافقة والترخيص لافتتاح محلات ومراكز بيع جاذبة في مبانٍ لم تستوف أحد أهم الشروط المرورية، ألا وهو توفير مواقف سيارات. ومن أهم المشاريع التجارية التي يجب منع الترخيص لها دون توفير 100 موقف سيارة على الأقل: مطاعم المثلوثة، المكتبات الكبرى، المستشفيات الأهلية، ومراكز بيع الهواتف النقالة. عجيب أن تحرص البلديات على تركيب «شفاط» في المطعم للترخيص له.. بينما لا تترك منفذاً للهواء في الشارع بسبب اختناق السيارات.. فيكون الحل دائماً باستخدام استراتيجية «المطب»!