على الرغم من الجهود التي تقوم الهيئة العامة للسياحة والآثار للنهوض بمستوى الخدمات المقدّمة في الوحدات السكنية المفروشة، الا ان جولة ميدانية واحدة كفيلة برسم صورة قاتمة عن وضع هذه الوحدات وأسعارها المبالغ فيها. واظهرت زيارة قامت بها «اليوم» الى إحدى أشهر الوحدات المفروشة بالرياض تدني مستوى الغرف التي تؤجرها لروادها وغياب النظافة وحتى الرقابة على هذه الوحدات التي تتقاضى إيجارات تفوق في تكلفتها سعر غرفة فندقية في دبي او المنامة. فعند الوصول إلى البهو الرئيسي لهذه المنشأة، يستطيع المراقب ملاحظة عدم وجود أي وثيقة خاصة بهيئة السياحة، سواء وثيقة الترخيص أو قائمة الأسعار أو حتى ملصق يساعد السائح في معرفة الرقم الخاص بتقديم الشكاوى أو الإبلاغ عن المخالفات، وهذا الأمر يدل وبكل وضوح على انعدام الرقابة التي تحفظ حقوق السائح أياً كانت جنسيته. مرتادو الشقق المفروشة يجمعون على وجود تباين بين اسعار الوحدات المفروشة وغياب الرقابة والتفتيش على واقع الخدمات المقدَّمة للعملاء، فضلاً عن وجود الكثير من المنشآت غير المرخصة من الهيئة العامة للسياحة والآثار.. وللتحقق من وضع هذه المنشأة التي تحتفظ «اليوم» باسمها وبعد إنهاء الإجراءات الخاصة بتسلم الغرفة ودفع مبلغ (485 ريالاً) كإيجار لليلة الواحدة باستخدام الخصم الخاص بالشركات، توجّهنا الى الغرفة المخصصة، وكانت في حالة يُرثى لها ومحتوياتها «تلفظ أنفاسها الأخيرة».. فدورة المياه متهالكة، والأسلاك الكهربائية الخاصة بسخان الماء مكشوفة، ومقاعد الغرفة متهالكة، ويبدو ان عمرها الافتراضي انتهى منذ زمن، وأخيراً أغطية الاسرة تعطي انطباعاً قوياً بأن احداً قد استخدمها. وبعد كل هذه الملاحظات عُدنا لموظف الاستقبال للاعتراض على المستوى المتدنّي للوحدة السكنية، وأخبرناه بأننا سنقوم بتحرير شكوى لدى الهيئة العامة للسياحة والآثار، وبكل هدوء، رد علينا الموظف (روح اشتكي)!.. وبعد عزمنا في التحرّك وإبلاغ هيئة السياحة عما شاهدناه في هذه المنشأة، قمنا بالاتصال على الرقم المجاني المخصص لتلقي الشكاوى، وقد كان الاتصال في الساعة 2 صباحاً، وقد سعدنا بالرد السريع على الاتصال رغم تأخر الوقت. وقام الموظف بأخذ بياناتنا والملاحظات وأبدى تفاعلاً جيداً في تلقي المعلومات ونصحنا بإتمام ليلتنا، ووعدنا بتحويل البلاغ للشخص المسؤول، وبالطبع بدون أي رقم خاص بالبلاغ لكي نتابع ونعرف ماذا سيحدث، وحتى كتابة هذه السطور لم نتلقَ أي تعليق أو تفاصيل خاصة بما تم من الجهة المسؤولة عن الشكوى! «اليوم» استطلعت آراء بعض مرتادي الشقق المفروشة عن الخدمات المقدّمة وعن تكلفة الإقامة في هذا القطاع والذين اجمعوا على وجود تباين بين اسعار الوحدات المفروشة وغياب الرقابة والتفتيش على واقع الخدمات المقدّمة للعملاء، فضلاً عن وجود الكثير من المنشآت غير المرخّصة. وروى المواطن سعد القحطاني تجربته مع مجمّعات الشقق المفروشة بالرياض.. وقال: «مررت بعدد كبير من هذه الوحدات المفروشة أثناء بحثي عن شقة فندقية، ولكن معظمها بحالة سيئة فلم أشاهد أي شيء يدل على رقابة الهيئة العامة للسياحة والآثار، سواء ملصقات أو التسعيرة المعتمدة، وما يثير تساؤلي هو مستوى السياحة في المملكة والذي يُوحي بتطوّر ملحوظ، ولكن للأسف كثير من الوحدات لا تواكب هذا التطور، والسبب في ذلك ضعف الرقابة من الجهات المسؤولة». فيما وصف المواطن هزاع محمد خدمات الوحدات الفندقية المفروشة بالرديئة وقال: «السياحة الداخلية ليست بالمستوى الذي يليق بالمملكة كدولة رائدة، فما أشاهده من خدمات سيئة في جوانب كثيرة ومن أهمها الأسعار المبالغ بها دون مردود يُذكر على السائح، فأسعار الشقق المفروشة في المدن السياحية كالمنطقة الشرقية وغيرها، قد تصل ببعض الغرف إلى ثلاثة أضعاف سعرها الحقيقي، والرقابة الضعيفة هي السبب وراء ذلك فلا نظافة أو خدمات تعادل ما يدفعه السائح في هذه الوحدات، أضف إلى ذلك عدم وجود ترخيص من الجهات المختصة، والدليل على ذلك هناك شقق مفروشة قد زرتها منذ 5 سنوات، وما زالت على حالها إلى الآن ولم تجدّد من أثاثها أو خدماتها، وبالطبع يتهالك الأثاث مع كثرة الاستخدام. فيما ارجع المواطن خالد القحطاني سبب تدهور خدمات الشقق المفروشة إلى ضعف أو انعدام الرقابة، وقال: «كنا نقرأ في الصحف المحلية عن حملات التفتيش التي تقوم بها هيئة السياحة، ولكن للأسف لا نجد أي أثر يُذكر لهذه الحملات، فهناك انعدام النظافة وبشكل ملحوظ والسبب يعود إلى مالكي هذه المنشآت، فبعضهم يبحث عن الربح فقط دون الخوض في تفاصيل العمل ويترك ادارة مشروعه للعمالة الأجنبية. أضف إلى ذلك انعدام وجود الموظفين السعوديين تماماً.. فأين السعودة في قطاع السياحة»؟! وتابع: «العمالة الاجنبية تتحكّم في القطاع وترفع الأسعار، فقارورة الماء تباع في بعض المنشآت ب 5 ريالات مقابل ريال واحد فقط في الاسواق، وقِس على ذلك أسعار باقي الخدمات». وعن وجود التراخيص الخاصة بهيئة السياحة يقول خالد: إنه من خلال جولته في الوحدات السكنية لم يشاهد أي وثيقة أو ملصق يدل على تصنيف او رخصة هيئة السياحة، فكل ما شاهده قائمة بالأسعار.