عزيزي رئيس التحرير تعقيبا على ما نشرته (اليوم) تحت عنوان (تعيق التوسع العمراني في المطيرفي المواطنون: الارض تضيق بأهلها ولابد من ازالة قنوات الري) في ملحقها الاسبوعي (الاحساء الاسبوعي) يوم الخميس 11 ذو القعدة 1425ه العدد (11514) لقد ذكرني هذا الطرح بالقصة التي كثير منا قد سمعها او قرأها في المراحل الاولى من دراسته، والقصة تحكي ان شابا يافع العود لم تصقله الحياة بعد من دروسها، مر على فلاح كبير في السن ارتسمت على ملامح وجهه دروس الحياة وعبرها بأفراحها واتراحها وبان على جسمه النحيل شقى الايام وهموم الليالي، رغم ذلك لازال يتمتع بروح الشباب وعنفوانه، كان ممسكا بمجرفته (الصخين) يزرع فسيلة نخلة كانت بجانبه، شد المنظر ذلك الشاب واخذ ينظر اليه باستغراب حتى انتهى من عمله اقترب منه الشاب وبعد ان سلم عليه سأله يا عم لماذا تزرع هذه النخلة وفي مزرعتك ما يكفيك من اشجار النخيل، وفسيلة النخلة التي زرعتها تحتاج الى سنوات لتثمر وقد لا.. فقاطعه الرجل العجوز بحكمة تقصد ان تقول: وقد لا اعيش لاكل من ثمرها، وقد تكون على حق في ذلك، ولكن انظر الى ما حولك من اشجار فهل سألت نفسك من زرعها ورعاها الى ان آتت اكلها؟ واستطرد قائلا يا بني: لقد زرع اباؤنا فأكلنا واليوم نزرع ليأكل ابناؤنا، انتهت الحكاية. قد تكون هذه مجرد حكاية نقرؤها للتسلية ولكنها في الحقيقة حكاية فيها كثير من العبر والمواعظ انها تتحدث عن واقع الحال الذي نعيشه فشتان بين نظرة هذا الرجل العجوز لقيمة الشجرة وبين نظرة ذاك الشاب والذي يمثل ما يطالب به كاتب المقال على لسان شريحة من ابناء الاحساء (بكل اسف) لقد ذكر في بداية المقالة المشار اليها ما يلي: تقف قنوات الري الممتدة لنحو 2 كيلو حجر عثرة في التوسع العمراني في المطيرفي حيث ناشد اهالي المنطقة هيئة الري والصرف التابعة لوزارة الزراعة العمل على اخفاء القنوات التي تفصل بين المزارع والمساكن حيث سمح مؤخرا لهم بالبناء خلف القنوات بجوار المزارع نظرا لضيق المساحات العمرانية بالقرية. ان اهالي القرية يطالبون وبقوة واصرار على قطع كل شجرة ونخلة، فانهم لم يكتفوا بهجرهم المزارع حتى اصبحت مزارعنا ارضا جرداء. لم يكتفوا بان حولوا تلك البساتين الغناء بعبقها وجمالها وعطائها الى خلاء واستراحات شوهتها تلك المباني التي شيدوها على انقاض النخيل.. لم يكتفوا بان استنزفوا ماءها بكثرة ما حفروه من آبار حتى اضحت اليوم (وبفضلهم) عيون واحة الاحساء الدافئة غائرة بعدما كانت مضرب مثل في كثرة عددها وغزارة مائها، انها والله لكارثة تترك في النفس اسى وفي القلب لوعة وعلى الخد دمعة حائرة. انهم اليوم (وما اكثرهم) يريدون ان يحرثوا الارض ويقلعوا الزرع ليقضوا على ماتبقى من بقعة خضراء في هذه الواحة من اجل ان يشيدوا جدارا من طوب وسقف اسمنتي وشتان بين هذا وذاك، ولا ادري من سيعيش ليسكن في هذا المنزل اذا قطعنا مصدر قوتنا! وانني اتساءل مستغربا هل يوجد انسان عاقل يأمر بقطع رأس ابنه؟! نعم ان تلك النخلة هي بمثابة الابن البار الذي نأنس بوجوده بيننا والمعين لنا (بعد الله) في الشدة والرخاء، فمن يريد قتله؟ انني وان كنت اعتب على كل مواطن يطالب ويساهم في تغير واحة الاحساء المشرقة والتي هي جزء من وطننا الكبير، ولكن عتبي وبمرارة وأسى موجه الى كل المسؤولين الذين لهم علاقة بهذا الامر اعتب على صمتهم غير المبرر وكأن الامر لا يعنيهم من بعيد او قريب. ان الدنيا لا تضيق بأهلها كما جاء في عنوان الموضوع المشار اليه ولكن نفوسنا والله هي التي ضاقت وعندما تضيق نفس الانسان تضيق معه الدنيا بما رحبت، وانني اريد ان اوجه هذا السؤال لمن يطالبون بتوسعة القرية على حساب الرقعة الزراعية: هل هناك قانون انساني او اقتصادي (سمه ما شئت) يفرض علينا بالقول والفعل على ان كل سكان القرية يجب ان يسكنوا في نفس محيط قريتهم؟ اذا كان نعم فارشدونا اليه جزاكم الله خيرا! واذا كان لا فلماذا لا نفكر بروح الوطن والجماعة وليس بروح ال (انا؟). الدكتور احمد عبدالله العبيد وزارة الصحة