البريد السعودي ‏يُصدر طابعًا تذكاريًا بمناسبة تكريم أمير منطقة ⁧‫مكة‬⁩ المكرمة ‬⁩تقديرًا لإسهاماته    الأسهم الآسيوية تتباين وأستراليا تسجل مستويات قياسية    مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية بالمدينة المنورة، يرعى تسليم جائزة السيارة للمستفيد    قوات الاحتلال تعتقل صحفية فلسطينية    أمير تبوك يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    كرنفال التمور ببريدة.. بيئة عمل جاذبة تصنع جيلًا رياديًا من الشباب    سيرة من ذاكرة جازان.. إياد أبوشملة حكمي    ارتفاع مؤشر الأسهم    من تنفيذ تعليمات إلى الفهم والقرارات.. سدايا: الذكاء الاصطناعي التوكيلي يعزز الكفاءة والإنتاجية    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    محكمة كامبريدج تنظر اليوم في قضية مقتل «القاسم»    موسكو تعلن حرية نشر الصواريخ المتوسطة.. استهداف روسي أوكراني متبادل يعطل الإمدادات العسكرية    بعد 80 عاما من قصفها هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي    رواندا تستقبل 250 مهاجرا مرحلا من الولايات المتحدة    إيران تكشف قائمة سرية لجواسيس بريطانيا    نوتنجهام ينافس أندية سعودية على نجم اليوفي    برشلونة يفتح إجراء تأديبياً بحق تيرشتيغن    القادم من الأهلي.. العلا يتعاقد مع "المجحد" حتى 2027    لاعب الهلال مطلوب في أوروبا والبرازيل    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    «إنسان» تودع 10 ملايين ريالٍ في حسابات المستفيدين    تعديل تنظيم المركز الوطني للأرصاد.. مجلس الوزراء: فصلان دراسيان لمدارس التعليم للعام الدراسي القادم    «الفصلان الدراسيان» يعودان برؤية تطويرية.. رضا مجتمعي واسع واستجابة للمتغيرات التعليمية    أداء قوي رغم تقلبات الأسواق.. أرامكو السعودية: 80 مليار ريال توزيعات أرباح الربع الثاني    والد ضحية حفل محمد رمضان: أموال الدنيا لن تعوضني عن ابني    هيئة التراث ترصد (24) حالة تعدٍ على مواقع وقطع أثرية    معرض «المهمل»    احذروا الثعابين والعقارب ليلاً في الأماكن المفتوحة    سعود بن نايف يشدد على الالتزام بأنظمة المرور    اختتام برنامج أساسيات الشطرنج في جمعية الإعاقة السمعية    محمد بن عبدالرحمن: تطور نوعي في منظومة "الداخلية"    قطاع عقاري مستقر    سرد تنموي    فيصل بن مشعل: المذنب تشهد تطوراً تنموياً وتنوعاً في الفرص الاستثمارية    "الإسلامية" تنفذ برنامجاً تدريبياً للخُطباء في عسير    صحن المطاف مخصص للطواف    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    الأخضر تحت 15 عاماً يخسر أمام أميركا    الانضباط تغرم الهلال وتحرمه من المشاركة في السوبر المقبل    النقد السلبي    اتحاد المنطاد يشارك في بطولة فرنسا    مُؤتمر حل الدولتين يدْفع لإِقامة الدولة الفِلسطينية    الصمت في الأزمات الإعلامية    لجنة الانتخابات تعتمد قائمة نواف بن سعد لرئاسة الهلال    أسماء المقاهي العالمية حيلة تسويقية تستهدف الباحثين عن عمل    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    الراحل تركي السرحاني    دواء من الشوكولاتة يواجه فيروسات الإنفلونزا    الأمن العام : الصلاة في صحن المطاف تعيق حركة المعتمرين    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    الشؤون الإسلامية تختتم البرنامج التدريبي المتخصص للمراقبين ومنسوبي المساجد في جازان    الاتفاق يواصل تحضيراته وديمبيلي يقترب من العودة    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    أغسطس.. شهر المناعة العالمي لحماية الأجيال    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    الدقيسي    الحراثة التقليدية    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالمجيد سعود منقره
نشر في اليوم يوم 15 - 01 - 2005

أن الفرد اليوم أصبح يتعامل مع الفتاوى كما يتعامل مع البضائع الاستهلاكية المعروضة بالسوق , فهولا يشتري من أول مرة , بل يبحث عن أخرى اقل كلفة وأجود صنعة , وأحيانا ذات أصالة وعراقة , وفي نهاية الأمر هو من يقرر وهو من يختار وحرية الاختيار هنا لا تعلق لها بصواب الاختيار وعدمه.
تطرح ثورة تكنولوجيا المعلومات التي تعصف بالعالم اليوم عددا من التحديات أمام النظم والأنماط الثقافية السائدة. وهي تحديات في أسلوب ممارسة التثقيف, وفي المضمون والمحتوى الثقافي. .احد هذه التحديات هو في البنية التثقيفية ذاتها, إذ أن الثورة التقنية كونت بيئة ذات طابع أفقي والأنماط السائدة تعتمد على منظومة تثقيف رأسيه. البنية الأفقية تنتقل فيها الرسالة الثقافية ضمن دائرة واسعة يصعب في كثير من الأحيان تحديد نقطة البدء فيها من نقطة النهاية. و نقاط الدائرة متساوية كلها أمام المركز, وتتحرك كلها ضمن حركة واحدة وان كان باتجاهات وزوايا مختلفة. في البنية الأفقية تتسع دائرة الخيارات مما يضع الفرد أمام اختبارات متواصلة قد يفشل في بعضها وينجح في البعض الآخر, إلا انه في النهاية سيكسب عقله من خلال معاناة الاختيار الصعبة والشاقة. البنية الأفقية توفر بيئة حاضنه للإبداع ومحفزة له, والإبداع علاقته بالحرية علاقة طردية يزداد بوجودها ويضمر بفقدانها . فا البنية الأفقية تفترض وجود أفراد لديهم قدرة على الاختيار والفرز والانتقاء حتى يستطيعوا أن يسيروا بشكل منسجم ومتسق بدون شذوذ في القول أو خروج عن المركز.أما إذا افتقد الفرد لذلك فهو يتحول إلى مستودع لكل الأفكار والآراء حتى المتناقضة منها.
أما نمط التثقيف الرأسي فهو نمط ذو اتجاه واحد تنتقل فيه الرسالة من الأعلى إلى الأسفل. الذي هو دائما طبقه من الأتباع لا مقدرة لديهم على الاختيار, والافتراض الكامن في هذا النمط أن الأتباع فاقدون للأهلية, فهم بحاجة إلى نظام وصاية يوفر لهم الحماية ويحيطهم بالرعاية الثقافية المطلوبة. والرسالة الثقافية في النمط الرأسي تقوم بمهام متعددة , قد لا يكون التثقيف إلا آخرها , فهي عادة ما تحمل بين مفرداتها ما يمكن أن نسميه فيروسات الإخضاع , والتي غالبا ما تأتي بصيغ ذات طابع توكيدي ويقيني, نجد ذلك في بعض أنماط الإفتاء التي تقوم على هذه الطريقة الرأسية, وابرز الأمثلة عليها بعض مناهج الفتوى ،ويلحق بذلك منهج الفتوى القائم على رأي مجموعة من العلماء المعاصرين تشكل أقوالهم نموذجاً قريباً من المذاهب القديمة , فتجد أن الطريقة التي تصاغ بها الفتوى تحمل عبارات مثل قول الشيخ في فتواه ,وهذا أرجح الأقوال وأقواها دليلا, أو هذا هو القول الصحيح, وكأن الرجحان هنا والصحة أحكام موضوعية لا علاقة لها بقائلها البتة أو لقد نظرنا في أدلة هذا الفريق فوجدناها ضعيفة وساقطة, أو هذا القول مخالف للإجماع, ومثل هذا من الصيغ التي تربي الأتباع على الوثوق المطلق بفتوى الشيخ وبالتالي الشك الدائم بأي فتوى مخالفة لقوله بل والتشكيك بقائلها أحياناً, وكل هذا من آثار الفيروس المضمن في مثل هذه الفتاوى, وكان يفترض أن تضاف لهذه الجمل التو كيدية عبارات تخفف من هذا اليقين وتنقله إلى درجة غلبة الظن فقط , إلا أن هذا الأسلوب سيفقد الفتوى احد أهدافها وهو هدف إخضاعي لكي يحافظ البناء الراسي على تماسكه وقيامه.
ولكن التحدي الذي تواجهه الأنماط الرأسية هو أن القاعدة التي تقوم عليها هذه الأنماط يتم احتواؤها من قبل أنماط أفقية ذات بريق وجاذبية ومرونة لا تمتلك هي منها شيئآ والكفة تميل لصالح الفريق الآخر. ولو عدنا لمثالنا السابق لوجدنا الأمر واضح وبين , إذ أن الفرد اليوم أصبح يتعامل مع الفتاوى كما يتعامل مع البضائع الاستهلاكية المعروضة بالسوق , فهولا يشتري من أول مرة , بل يبحث عن أخرى اقل كلفة وأجود صنعة , وأحيانا ذات أصالة وعراقة , وفي نهاية الأمر هو من يقرر وهو من يختار وحرية الاختيار هنا لا تعلق لها بصواب الاختيار وعدمه , فهذا مبحث آخر , ولكن هذا هو الواقع و ما نحن إلا واصفون له وهذا هو جوهر التحدي الذي تواجهه الأنماط الراسية.
مواجهة هذا التحدي تقتضي تربية الناس على أن يختاروا بشكل صحيح ومتوازن, وان يمارسوا رياضة النقد الايجابي, أما تنمية الجهل وقتل جذوة الإبداع وإطفاء أنوار العقل بحجة الحفاظ على أنماطنا الرأسية فهو انتحار للثقافة الأصيلة واستقبال لمولود جديد يسمى فوضى الثقافة, يفتت قطع الهرم ويمزقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.