القصة الخلفية وراء فيلم (The Exorcist: The Beginning) (طارد الأرواح: البداية تكفي في حد ذاتها لتحير المشاهد.. ان هوليوود مولعة باعادة صنع الافلام، ولكن في هذا الفيلم المسبق - وهو الرابع في سلسلة افلام (اكزورسيست) نبذ ثم اعيد صنعه حتى قبل توزيعه من اجل عرضه. ولا تنتهي المشاكل عند هذا الحد. فمخرجه الاصلي توفي، والمخرج الذي حل مكانه اقيل، والمخرج الثالث صدمته سيارة خلال التصوير وتغير طاقم الفيلم وارتفعت ميزانيته الى اكثر من الضعف. ويتساءل البعض من قبيل المزاح ما اذا كانت هذه لعنة طارد الارواح. الا ان مخرج النسخة الحديثة التي نزلت الى صالات العرض مؤخرا، ليس من هؤلاء المازحين، بل ينظر الى الامر بجدية. ويقول هارلين المخرج الذي صدمته السيارة خلال الانتاج: اذا فكرت ترى الأمر ليس طريفا. انني اؤمن به. لست مؤمنا بالخرافات، غير انني اؤمن بالخير والشر، وينبغي ان تكون حريصا جدا مع مثل هذه الامور. يعتبر فيلم (اكزورسيست) الاصلي الاول فيلما كلاسيكيا عصريا، عن فتاة شابة يمسها شيطان قديم، ويواجه كاهن ذلك الجان. وقد اشتهر الفيلم بالمشاهد التي تتقيأ فيها الفتاة المسكونة سائلا اخضر، وتدير رأسها على 360 درجة. وقد اصبح الفيلم كاسحا وجمع 10 ترشيحات لجائزة الاوسكار، بينها جائزة لافضل فيلم، وفي النهاية فاز بجائزتي افضل اقتباس وافضل صوت. وهذا غير معهود في افلام الرعب. وبعده جاء فيلمان تابعان (اكزورسيت 2) في العام 1977 ببطولة ريتشارد برتون و(اكزروسيث 3) ، ببطولة جورج سي. سكوت. ثم اعلنت شركة مورغان كريك للانتاج في فبراير سنة 2001 انها تختار الطاقم لفيلم يسبق الفيلم الاصلي. في الفيلم الاول لعب ماكس فون سيدوف دور مرين طارد الارواح المسن (الذي اشار اليه عنوان الفيلم) الذي كشف عن انه واجه نفس الشيطان عندما كان يخدم في افريقيا كمراسل شاب. والفيلم (الاستباقي) الجديد ل (اكزورسيست) الاول الذي كتبه اصلا وليام ويشر ثم اعاد كتابته كالب كار، يروي تلك المعركة الروحية المبكرة. جون فرانكنهايمر، مخرج (المرشح المنشوري) ، وافق على اخراج الفيلم في شهر اغسطس 2001، وسرعان ما اختير ليام نيسون للعب دور مرين في شبابه. وبعد اكثر من سنة من العمل الاستعدادي للانتاج انسحب فرانكنهايمر من الفيلم في شهر يونيو 2002 - بعد ثلاثة اشهر فقط من مباشرة التصوير. واخضع فرانكنهايمر المريض (72 سنة آنذاك) لعملية جراحية في ظهره وادت الاختلاطات الى اصابته بنوبة دماغية، وتوفي بعد حوالي الشهر. وبغياب المخرج ارجىء الانتاج لمدة شهرين، وبذلك خسر الفيلم الاستباقي نجمه. فقد استقال نيسون من العمل لان التأخير سيعيق ارتباطاته للعمل في افلام اخرى. وحل بول شريدر - كاتب النص السينمائي لفيلم (سائق التاكسي) مكان فرانكنهايمر. ومع ان اعمال شريدر تميل الى استكشاف النواحي المظلمة والحميمية الخفية للحياة، كان له مريدون يحبذون افلام الإثارة والرعب، مثل (أناس القطط). وحل ستيلان سكارسغارد مكان نيسون للعب دور مرين. ولم يكن سكارسغارد اسما كبيرا، غير انه يشارك في سيدوف خلفيته السويدية، وهو يشبهه اكثر من نيسون. وبدت الامور انها عادت الى طريقها وبدأ التصوير في المغرب في أواخر شهر نوفمبر. ويقول شريدر انه ورث مقاربة فرانكنهايمر وكار في تعاملهما مع القصة. وحسب شريدر كان النص الذي كتبه كار وويشر اكثر اخافة من المبالغة، وتعارض مع الفيلم الاصلي الذي تحولت فيه الممثلة الطفلة ليندا بلير الى غول مشوه عندما يسكنها إبليٍ. اما كار فقد اختلق فتى افريقيا مريضا ومشوها واصبح مسكونا. وقال شريدر انه احب الفكرة ولكنها (انتزعت المحرك تماما) من عربة الرعب، ولم يعد هناك مخلوق مسكين ومشفق يجري تعذيبه. وكان شريدر قد انجز كل شيء ما عدا الموسيقى عندما قدم النسخة النهائية للفيلم لرئيس شركة مورغان كريك للانتاج جيمس روبنسون في السنة الماضية. الا ان النتيجة لم تحظ باستحسان روبنسون وقال شريدر ان روبنسون ايقن في نهاية المطاف انه كان يتوجب ان يصنع فيلم رعب تقليديا اكثر. ووجد شريدر نفسه مطرودا من العمل. ووجدت شركة مورغان كريك انها تملك فيلما استباقيا شبه منجز ل (اكزورسيست) الاصلي لا تريده. وفوتح عدد من المخرجين لتصوير مشاهد جديدة يمكنها ان تقوي عنصر الرعب. وطرح هارلين الذي اشتهر بفيلمه (بحر ازرق عميق) اقتراحا بدا صعبا، يقضي باعادة تصوير فيلم شريدر بكامله واستبدال بعض الممثلين والتخلص من بعض الشخصيات وتعديل الحبكة. ولم يلق هذا الاقتراح آذانا صاغية ايضا. ليس على الفور، على الاقل. قالوا له (نراك لاحقا). ولاحقا اتصلوا به هاتفيا قائلين: فكرنا مليا بفكرة اعادة صنع الفيلم من اساسه. انها لفكرة عظيمة ، فلننفذها. والفيلم الاعادي رفع اجمالي التكاليف الى ما يزيد على 90 مليون دولار، بما في ذلك مبلغ ال 35 مليون دولار الذي انفقه شريدر. وفي حين تم استبدال معظم الممثلين الآخرين احتفظ سكارغارد بدور مرين ولكنه غير مقاربته. وقال سكارغارد لاسوشيتد برس: (الفيلم الاول الذي صنعته كان فيلم اثارة نفسانية، في اساسه عن رجل يواجه ازمة. اما في فيلم هارلين فقد غيرت ادائي، بل في الحقيقة غيرت الماكياج. اعتقد انني ذهبت الى اعماق اكثر ظلاما من نسخة شريدر). وقبيل مباشرة التصوير من بدايته صدمت سيارة هارلين في روما وحطمت ساقه فأمضى بقية فترة التصوير على العكازات ويعالج عظامه المسحوقة المثبتة ب 14 مسمارا معدنيا. ثم مشى على البساط الاحمر في حفل العرض الاول للفيلم.. اي الفيلمين سيعجب جمهور السينما، نسخة شريدر او نسخة هارلين؟ الفيلمان يتوفران على اشرطة الفيديو المنزلية الآن.