يتذكر عليان علي الحربي (60 عاماً) مدينة حفر الباطن حين كانت قرية صغيرة، لا يتجاوز عدد سكانها 300 شخص، مركزها مقر الإمارة، التي كان يتولاها صالح بن عبدالواحد (رحمه الله)، ثم حل محله ابنه ثم ابن نمشان ثم حمود بن شبيب، ثم حسين بن عادي وأخيراً المحافظ الحالي حمد بن جبرين. وكان مقر الإمارة مبنياً من الطين، وله 4 بوابات كبيرة، و4 أبراج كبيرة. يقول الحربي: جئت إلى هنا قبل قرابة 40 عاماً، لم يكن في المدينة أشخاص كثر، وكان الناس يعرفون بعضهم، حتى أنهم كانوا يجتمعون سوياً إذا كانت هناك وليمة لدى أحدهم. ومن المعالم البارزة التي كانت في حفر الباطن ولا زالت في مخيلة الحربي، مسجد الجامع ومقر الشرطة والسوق.. يقول: أسقف جميع الدكاكين في السوق مبنية من خشب الصندل، وكان يباع فيها كل شيء، سواءً الإبل، الغنم، الماعز، الفقع، الأقط، التمر والسمن.. ويضيف: لم يكن في حفر الباطن إلا حي واحد يسكن فيه جميع الأهالي، وهو الحي القديم الذي يقع شمال مقر الإمارة، بينما يقع السوق بين مقر الإمارة والبيوت، حتى ان من يصعد إلى الروشن الموجود أعلى مبنى الإمارة كان يستطيع ان يرى جميع من في السوق. أكثر ما كان يخشاه أهالي حفر الباطن قبل 4 عقود هي السيول، يقول عليان: كانت تسبب لنا قلقاً مستمراً، وتثير مخاوفنا، فالأمطار الغزيرة تؤدي إلى جريان شعيب فليح القادم من أم رقيبة والصمان، فإذا هطلت الأمطار فإن السيول تدخل إلى البيوت، وقد ابتلع عدد من السيارات، قبل ان ينشأ السد، الذي حمى السكان. كما ان شعيب الباطن إذا سال فإن الجمل لا يستطيع السير فيه، وفي إحدى السنوات، هطل المطر غزيراً فداهمت السيول المنازل، مما اضطر الدفاع المدني إلى التدخل لإنقاذ الناس، وتوزيع الخيام على الناس، ومن الطريف ان بدو حفر الباطن عرفوا الفواكه والخضار لأول مرة في تلك الحادثة، حيث جرفتها السيول معها من السوق. والغريب ان حفر الباطن كانت تشكو في نفس الوقت من نقص المياه، إلا أنه تم حفر مجموعة من الآبار لتصل إلى السكان على بعد 60 كيلومتراً. وعن مركز الرقعي يقول الحربي: كان اسمه سابقاً (البيت)، وكان جمرك ومنفذ المملكة مع الكويت، ولم يكن المسافرون إلى الكويت يستطيعون العبور إلا بورقة، يحصلون عليها من الإمارة، وتسمح لهم بالسفر لمدة عام كامل، ولم يكن يعمل في المركز سوى شخصين. ويتذكر عليان كيف وزعت الأراضي، يقول: وزعت الأراضي على شيوخ القبائل ، وكل شيخ يعطي جماعته وعامة الناس مما أعطي له من أراض. كما يتذكر تفاعل الملك خالد (رحمه الله) مع الطلبات التي تقدم بها 15 من الأهالي، والتي كانت تتضمن إنشاء مستشفى وإدارة التعليم وهيئة الأمر بالمعروف، وأشار رحمه الله إلى اعتماد تنفيذ جميع ما طلبوا، ولكنه طلب منهم متابعة المعاملات بأنفسهم، حتى لا تتعرض للضياع.