@ لا أعلم بالتحديد لماذا في كل مرة أكتب عن التوظيف أو أقترح فتح مجالات أكثر للشباب وإعطائهم فرصا حقيقية أو تبنيهم و دعمهم بشكل أكثر من قبل رجال الأعمال والقطاعات المعنية بالتدريب والتوظيف، إلا وتنهال على بعض من الانتقادات اللاذعة والاتهامات بما يشمل ذلك من همز ولمز للنظريات والتجارب التي بنيت عليها افتراضاتي، أو اتهام مقترحاتي بعدم المنطقية، خلاف صعوبة تحقيقها، والعجيب أن ذلك كله يأتي كردة فعل من أخوة مقيمين بعضهم يعمل في مراكز مرموقة ومحترمة جدا، ولا أفهم تحديدا سبب امتعاضهم واعتراضهم على ما أكتبه إذا لا تبرير له إلا من ناحية ربما شعورهم بالخوف من نجاح تطبيق هذه الأفكار وقد يؤدي ذلك لتذليل العقبات أمام التحاق مزيد من الشباب في صفوف العمل وتفوقهم على الغير، أو تكشف الحقائق أمام أصحاب الأعمال لما يدور خلف الكواليس في قطاعاتهم ويلفت نظرهم لتصحيح ذلك، وأفكر كثيرا باستغراب عما يضر هؤلاء مما أكتبه؟ وهل يفترض على شبابنا الذي يتزايد يوما بعد يوم ويتدفق من المدارس والمعاهد والجامعات إلى الشوارع بأعداد كبيرة، أن يبقى أسير طوابير فرص الانتظار الطويلة جدا في كل قطاع عمل، أو تحت رحمة اختبارات لجان التوظيف غير المنصفة والتي غالبا ما تقرر من تختاره مسبقا قبل أجراء المقابلات، أو يكونوا رهينة شروط تأهيل الوظائف التعجيزيه بالنسبة لحديثي التخرج وممن لا يملكون خبرات أو مهارات العمل بعد، أو يتذللوا تحت وطأة انحطاط الأجور لمستويات دنيا تكاد تساوي أجورهم بالعمالة اليدوية، أو يتسلط عليهم مسسؤلون كل همهم التأكد من عدم اجتياز الشباب لفترة التجربة، هل ذلك يرضي ويريح ضمير الأخوة الذين ينزعجون مما نكتبه عن السعودة وتوطين الوظائف؟ دعوني أتجرأ قليلا وأسرد لكم بعضا من الأمثلة التي يواجهها الشباب وتحصل خلف أستار بعض قطاعات العمل المختلفة، والتي قد لا يهتم أو يشعر بها أحد، بل وقد نمر عليها وكأن شيئا منها لم يحصل قط، ومنها: @ العامل السعودي إذا ما تغيب أو تأخر عن العمل أو أرتكب مخالفة ما في العمل فيتم تبليغ المسئول الأعلى في القطاع بنفس اليوم وخلال لحظات من ارتكابه الخطأ و يؤمر بالتحقيق معه فورا وسيكون جزاؤه صارما حتما وقد يشمل ذلك الفصل ردعا لأمثاله المتسيبين، بينما تمر الأيام والأسابيع قبل أن يشعر أحد بأن زميله العامل غير السعودي لم يأت للعمل أو يلاحظ احد تأخيره المتكرر أو ينتبه لمخالفاته في العمل، وإذا حصل وعرف بها المسئول فسيستكفي بأن يوجه له العتاب حتى لا يكرر ذلك. @ أما الموظف السعودي فيفترض بأنه يجيد استخدام الحاسوب بجميع تطبيقاته ويتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقه ويتقن فن التعامل مع الجمهور والتفاوض مع العملاء، ومهارة تقليص الورق بالعمل وإدارة الوقت، الخ، وكل ما يجعل عمله مفيدا منتجا قبل التحاقه بالعمل وإلا انتقده المسئول واعتبره ضعيف الأداء وحرمه من فرصة الزيادة أو الترقية أو المكافأة، وقد يطلب منه أن يدرب نفسه بنفسه من خلال دورات على حسابه بالطبع وخارج أو بعد ساعات العمل، بينما الموظف غير السعودي يجدول له منذ الأيام الأولى لالتحاقه برامج سهله ومريحة للتدريب أما أثناء تواجده على رأس العمل أو بابتعاثه داخل المملكة أو في الخارج وفي أحسن معاهد التدريب وكل ذلك مغطى بالكامل على حساب القطاع وشامل مصاريف السفر والأكل و الإقامة والدورة، وما أن يرجع حتى تتم ترقيته ويعامل كأنه خبير متخصص في هذا المجال، وقد يترك العمل لجهة منافسة فيعطى تنازلا أيضا لتسهيل بقائه واستمراره. @ الشاب السعودي عندما يرغب بترك العمل خلال فترة التجربة حسب النظام ، ينظر إليه وكأنه ارتكب الذنب الذي لا يغتفر، ويشنع به أسوء تشنيع ويضرب بتصرفه المستهتر هذا مثالا لجميع الموظفين وقد يحرم حتى من استلام راتبه للأيام القليلة التي عملها، بينما غير السعودي يتوسل اليه بعدم ترك العمل وقد يزاد راتبه وينقل إلى عمل أفضل وبشروط أحسن، أو حتى يوافق على أن يستقدم عائلته، كل ذلك كي لا يترك جنابه العمل ويتأثر الشغل ؟ هل في ذلك إنصاف أو مواساة؟ الآن قد نعرف ليش موضوع السعودة ما يستسيغه البعض !.