المنظومة الصحية تعلن جاهزيتها الكاملة لموسم حج هذا العام    نائب رئيس جمهورية جامبيا يغادر المدينة المنورة    بتوجيه ومتابعة الأمير خالد بن سلمان.. «الدفاع» تنهي استعداداتها لدعم خطط الأجهزة الأمنية في الحج    بوتين يدعو إلى نقل مقار بعض الشركات الكبرى خارج موسكو    الحكومة اليمنية تدين حملة اختطاف الحوثيين لعشرات الموظفين الأمميين    جامعة الملك خالد تتقدم 160 مركزًا في تصنيف QS العالمي للجامعات 2025م وتحقق المركز 601    بايدن يعتذر لزيلينسكي عن تعليق المساعدات الأمريكية 6 أشهر    فيصل بن مشعل يقدر لامين وأمانة القصيم جهودها في مدينة حجاج البر    "سدايا" تحصد الآيزو بإدارة الذكاء الاصطناعي    «ميدل إيست آي»: مقترح «الهدنة» الإسرائيلي لا يتضمن إنهاء الحرب    "ميتا" تتيح إعلانات الشركات على واتساب ب"الذكاء"    ثغرة في أدوات الرقابة الأبوية بأجهزة آبل    يايسله يطلب بديلاً لفيرمينو في الأهلي    حظر دخول أسطوانات الغاز للمشاعر المقدسة    اليحيى يُراجع خدمات الحجاج بمطار المؤسس    البسامي يدشن مركز المراقبة على الطرق    «أرامكو»: 27.25 ريال سعر الطرح النهائي للأسهم للمكتتبين الأفراد    400 مشروع فني وتصميمي لطالبات كلية التصاميم بجامعة الإمام    تطمينات "أوبك+" تصعد بالنفط    «الأحوال»: منح الجنسية السعودية لشخصين.. وقرار وزاري بفقدانها لامرأة    المفتي: الحجّ دون تصريح "يأثم فاعله"    بطلب من رونالدو.. 6 لاعبين على رادار النصر    تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    قرض تنموي سعودي ب103 ملايين دولار لتمويل إنشاء وتجهيز مستشفى كارلوس سينتينز في نيكاراغوا    زيادة مقاعد برنامج "طب الأطفال" بتجمع القصيم الصحي إلى 100 متدرب    المسحل يتحدث عن تأهل السعودية إلى المرحلة الثالثة من تصفيات كأس العالم    تراجع الدولار واليوان وصعود اليورو أمام الروبل الروسي    الأحمدي يكتب.. في مثل هذا اليوم انتصر الهلال    الحقيل يفتتح مركز دعم المستثمرين بالمدينة المنورة ويتفقد عدداً من المشاريع البلدية    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    أغنيات الأسى    لاعبون بكلية مزروعة    الصيف الساخن يعكر نومك.. 3 نصائح تساعدك    هل نجح الفراعنة في علاج سرطان المخ قبل 4 آلاف عام؟    "ابن نافل" يسعى لكرسي رئاسة الهلال من جديد    "بوليفارد رياض سيتي" و" أريناSEF " تستضيف كأس العالم للرياضات الإلكترونية    "الأخطبوط" عبادي الجوهر.. "أرينا" أكبر تكريم والسعودية نعمة    وفد من مجموعة البنك الدولي يزور هيئة تقويم التعليم والتدريب    "الأرصاد": موجة حارة على منطقة المدينة المنورة    وزير التعليم يرعى جائزة الفالح للتفوق العلمي والإبداع    فضائل الدول الصناعية وعيوب من عداها    «التحيّز».. الداء الخفي    مع التحية إلى معالي وزير التعليم    التطوع والحج    كوبا تعلن أن غواصة نووية روسية سترسو في هافانا الأسبوع المقبل    عمارة الحرمين.. بناء مستمر    أشهُرٌ معلومات    كيف تبني علامة تجارية قوية عبر المحتوى ؟    الاتفاق يُحدد موقفه من فوفانا وجوتا    الركن الخامس.. منظومة متكاملة    وزير التعليم يتفقد القطاع التعليمي بمحافظة الزلفي    حفلات التخرج.. من الجامعات إلى رياض الأطفال    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    نجاح فصل التوأم السيامي الفلبيني "أكيزا وعائشة" بعد عملية استغرقت 5 ساعات    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    انطلاق أيام البحر الأحمر للأفلام الوثائقية    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع الشراكة الشرق اوسطية.. ورؤية باول للاصلاح الديمقراطي
ماذا تريد امريكا من العرب؟
نشر في اليوم يوم 16 - 06 - 2003

ماذا تريد امريكا من العرب؟ وهل هي صادقة في طرحها مشروع الشراكة الشرق اوسطية من خلال اقامة منطقة تجارة حرة؟ وماذا تعني باجراء اصلاحات داخلية في الدول العربية كشرط لإقامة المنطقة التجارية الحرة؟ وهل هذا الطرح له ابعاد سياسية أم لا؟ وما هو مغزى توقيت طرح مثل هذا المشروع عقب احتلال امريكا لبلد عربي ونهب ثرواته؟ وهل هناك علاقة بين هذا المشروع ورؤية باول التي طرحها للاصلاح الديمقراطي في الدول العربية؟ هذه الاسئلة وغيرها من التساؤلات اصبحت تردد بقوة في مختلف الاوساط الشعبية والسياسية في الوطن العربي منذ ان اعلنت الولايات المتحدة عن خطتها لاقامة منطقة تجارة حرة مع دول الشرق الاوسط.
اليوم تتابع في هذا الجزء الثاني والاخير من هذا الموضوع الهام ردود الفعل المختلفة حول هذه القضية.
تفعيل العمل العربي
واذا كان المشروع الامريكي . لا يخلو من النوايا السيئة فالسؤال الذي يطرح نفسه لماذا العرب حتى الان لم يوجدوا لهم مشروعا للسوق المشتركة التي لاتزال حلما للشعب العربي منذ ما يزيد على 35 عاما؟
طرحنا هذا السؤال على الدكتور احمد جويلي امين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية فاجاب ان هناك صعوبات لا تزال تمثل عقبة امام تحقيق هذا الحلم في ظل المتغيرات الاقتصادية الدولية والاقليمية التي تفرض علينا الاتجاه نحو التكتل الاقتصادي حفاظاً على قدراتنا ومستقبل الاجيال المقبلة.
وفي هذا السياق كشف الدكتور جويلي عن مجموعة من الاقتراحات التي تجري مناقشتها لتفعيل العمل العربي المشترك في هذا المجال. ومن بين هذه الاقتراحات ايجاد آلية دقيقة ملزمة ومتفق عليها لتفعيل اقامة تلك السوق والتي يمكن بمقتضاها تمديد السقف الزمني للقرار رقم 1092 والصادر في 6 ديسمبر عام 1998 والخاص باعتبار الاول من شهر يناير 2002 تاريخ بدء التحرير الكامل من كافة الرسوم الجمركية والضرائب ذات الاثر المماثل والقيود الجمركية على السلع المتبادلة بين الدول الاعضاء في السوق العربية المشتركة القائمة في نطاق اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية ليصبح الاول من شهر يناير 2004.
وتتضمن المقترحات ايضا قيام الدول الاعضاء لموافاة الامانة العامة لمجلس الوحدة الاقتصادية بالقرارات الرسمية التي تتخذها بهذا الشأن او التعليمات التنفيذية المحلية التي تصدرها جهات الاختصاص فيها لكي يتمكن من البدء في عملية المتابعة المستمرة وتقييم التطبيق ونتائجه، وعقد اجتماعات وزارية نصف سنوية مستقلة تتزامن مع عقد دورات مجلس الوحدة لتطوير مسيرة تطبيق احكام السوق.
وأشار الدكتور جويلي إلى اجتماع عقد مؤخرا لتنمية التجارة بين الدول العربية وتم الاتفاق خلاله بحضور عدد كبير من الخبراء والمهتمين بالتجارة العربية المشتركة على اهمية تعظيم وتسريع نتائج التحرير الكامل للتجارة العربية واعداد دراسة ومقترحات حول امكانية انشاء مجالس سلعية مماثلة للاتحادات العربية النوعية المتخصصة تعمل في مجال السلع الزراعية والمواد الخام الرئيسية والمنتجات الصناعية تامة الصنع التي تنتجها الدول العربية على ان تضم تلك المجالس السلعية اتحادات قطرية لمنتجي ومصدري ومستوردي هذه السلع وذلك بهدف تنسيق وتطويرانشطة وتقنيات انتاجها وتبادلها وتسويقها وتجهيزها وتخزينها ومتابعة تحسين اسعارها عربيا ودوليا والدفاع عن مصالحها التجارية إلى جانب اعداد دراسات جدوى ومقترحات وتنفيذ تدابير مختلفة تهدف إلى تنمية وتطوير الخدمات المساندة للتجارة مثل التسويق والنقل والشحن والتخزين والتمويل والتأمين
واشار ايضا إلى انه من الافكار المطروحة استكمال اجراءات تأسيس الشركة العربية المشتركة القابضة للتسويق والتجارة والتي تجري بحثها حاليا بصورة مشتركة في اطار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية واتحاد المستثمرين العرب ولقيت تشجيعا من المجلس. ويؤكد الدكتور جويلي ان أحياء عملية السوق العربية المشتركة سوف تعزز من قدرة الدول العربية، في الدخول في منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة وسوف يكون لها عائد على الاقتصاديات العربية.
فائدة مشتركة
من جانب اخر يرى خالد ابو اسماعيل رئيس اتحاد الغرف التجارية جدوى في اقامة منطقة تجارة حرة مع امريكا ويؤكد ان الدول العربية تمتلك كل الادوات والمقومات التي تؤهلها لذلك وان امريكا لن تستطيع فرض ما لا نقبله نحن وما يتعارض مع مصالحنا وثقافتنا. وان الذين لديهم تحفظات على دخول اسرائيل طرفا في هذه الشراكة فان ذلك مرهون بمدى انصياع اسرائيل لقرارات السلام والانسحاب من الاراضي العربية المحتلة بل استطيع القول ان المبادرة العربية التي قبلها العرب كأسس للتسوية بين العرب واسرائيل تقتضي بالتطبيع التام مع اسرائيل اذا انسحبت من الاراضي العربية المحتلة إلى حدود ما قبل 5 يونيه، وبالتالي فلا خوف من التعاون مع اسرائيل بشرط ان يتحقق السلام العادل والشامل في المنطقة.
ويرى خالد ابو اسماعيل الدول العربية مطالبة باصلاح اقتصادي شامل في انظمتها الاقتصادية حتى تستطيع ان تستفيد من الشراكة الامريكية وتجذب الاستثمارات الاجنبية اليها ولكن يجب قبل كل ذلك. تفعيل اليات السوق العربية المشتركة لدعم الاقتصاد العربي وتحقيق التكامل مشيرا إلى ان هناك رغبة واضحة من منظمات الاعمال العربية لتحقيق هذا الهدف حيث تم الاتفاق على عقد اجتماع في اغسطس المقبل لاتحاد الغرف الغربية لبحث كيفية تفعيل منطقة التجارة العربية وتحقيق التكامل لمواجهة التحديات الاقليمية العالمية في هذا المجال
الاطماع الامريكية
في رأي معارض للمتفائلين اكد الدكتور ابراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي العربي ان الاقتراح الامريكي باقامة منطقة تجارة حرة امريكية - شرق اوسطية خلال 10 سنوات يحمل العديد من علامات الاستفهام بل ويظهر مدى الاطماع الامريكية في المنطقة، فهو مشروع يرسخ الهيمنة الاقتصادية الامريكية فلا يعقل ان تطرح امريكا مثل هذا المشروع من اجل عيون دول المنطقة فهي تريد ترسيخ التبعية الاقتصادية لها في المنطقة.
وما يثير الشك في هذا المشروع انه ياتي في اطار برنامج امريكي اعدته للمنطقة بدأ باحتلال العراق ثم بالشروع في تنفيذ خارطة الطريق بشروط اسرائيلية - امريكية والحديث عن اصلاحات سياسية تراها واشنطن ضرورية في الدول العربية، وما اطلق عليه رؤية باول للاصلاح الديمقراطي ، والامر الواضح في ضوء ما تقدم هو ان الولايات المتحدة بصدد إعادة ترتيب الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط وذلك وفق استراتيجية تؤكد اهميتها وتكرس وضعها تاكيد قوة في العالم.
احياء الشرق اوسطية
ويضيف الدكتور ابراهيم العيسوي ان الولايات المتحدة في مفاوضاتها مع الدول بالمنطقة حول اقامة هذه المنطقة سوف تؤكد على اصلاحات اقتصادية وسياسية كبيرة منها تحرير التجارة والاقتصاد بصفة عامة وفتح الاسواق بلا قيود بالاضافة إلى القيام باصلاحات سياسية وديمقراطية ونظام تعليمي معين. أن الوجه الاخر لمشروع منطقة التجارة الحرة هو خدمة المصالح الاسرائيلية فالمشروع هو احياء لمشروع الشرق اوسطية الذي سعت اسرائيل ومن ورائها امريكا إلى فرضه على المنطقة على الاقل من الناحية الفكرية و بالتالي فنحت امام مشروع يسعى إلى تذويب الكيان العربي او الغائه واقامة كيان بديل هو الكيان الشرق اوسطي الذي يكرس التفوق الاسرائيلي في المنطقة ويضع مقادير المنطقة بين امريكا وبين اسرائيل حليفها الاكبر في المنطقة. وحتى تتكامل الصورة فقد طرحت امريكا مشروع خريطة الطريق وسعت إلى دعمه بتأييد دولي جهدت ان يكون لاسرائيل الهيمنة الاقتصادية كبديل لسيطرتها على جزء من الارض التي تتنازل عليها لاقامة دولة فلسطينية ممسوحة.
ويؤكد ان لهذه الاسباب يصبح المشروع مرفوضا جملة وتفصيلا لانه يرسخ الهيمنة الامريكية الاسرائيلية على المنطقة ويصبح البديل له هو التعاون العربي - العربي يوفر الاليات اللازمة لقيام قوة عربية اقتصادية وهذا التعاون في حاجة إلى مراجعة لاسس التعاون وذلك لاعطاء الاولية للانتاج والاستثمار المشترك.
" نكتة " امريكية
الدكتور صلاح الدسوقى - الخبير الاقتصادى ورئيس المركز العربى للادارة والتنمية - يشير الى ان مفهوم اتفاقية التجارة الحرة يعنى قيام الدول الموقعة عليها برفع القيود التى تعوق انسياب التجارة فيما بينها خاصة تلك المتعلقة بالجمارك وغالبا ماتكون هذه الاتفاقيات بين اقتصاديات متقاربة من حيث درجة النمو وهو ماتفتقد اليه مبادرة بوش بشان اقامة منطقة للتجارة الحرة بين منطقة الشرق الاوسط والولايات المتحدة الامريكية الامر الذى يجعل الاقتصاديين ينظرون اليها على انها " نكتة " او " مزحة " امريكية وذلك لانها لاتعبر بحال من الاحوال عن مصلحة الدول العربية الاطراف فيها وارجع السبب فى ذلك الى عدة عوامل منها التفاوت الواضح فى النمو الاقتصادى بين الولايات المتحدة الامريكية وهذه الدول والذى تتم ترجمته فى المستقبل الى مجرد تحويل الدول العربية الى سوق للمنتجات الامريكية ويحدث نوع من تقسيم العمل بينها وبين تلك الدول خاصة مصر التى ستتعامل الولايات المتحدة معها على انها مصدرا للمواد الخام وسوقا لتصريف منتجاتها مما ينعكس فى نهاية الامر على ميزانها التجارى باحداث عجز كبيرفيه لصالح الاقتصاد الامريكى وما ينطبق على الاقتصاد المصرى ينطبق على غيره من الاقتصاديات العربية.
ويعتبر الدكتور الدسوقى ان الفكرة التى طرحها بوش لاتحقق مصلحة اقتصاديات الدول العربية وانما تهدف فى المقام الاول الى خدمة الاقتصاد الامريكى من ناحية والاقتصاد الاسرائيلى من ناحية اخرى وهو مايعنى انها فكرة للعودة لمشروع الشرق اوسطية عبر الابواب الخلفية وهو المشروع الذى دعت اليه اسرائيل فى عهد اسحق رابين والذى لاقى معارضة عربية شديدة فى وقته ثم تعود الفكرة على يد بوش الابن لتكون بديلا للسوق العربية المشتركة ولكى تعمل على احلال منطقة اقليمية تسمى الشرق الاوسط بدلا من منطقة الدول العربية واحداث نوع من الهيمنة الاقتصادية الامريكية الهدف منها خدمة اسرائيل قبل الولايات المتحدة الامريكية ذاتها وذلك على حساب جامعة الدول العربية والهوية العربية.
وعن البديل يقول الدكتور الدسوقى ان امام العرب بديل افضل من مبادرة بوش وهو العمل على تفعيل السوق العربية المشتركة واحداث نوع من الاندماج بين الاقتصاديات العربية كى تستفيد من بعضها البعض من خلال الميزات النسبية التى تتفاوت بين اقتصاد بلد وبلد آخر.
املاء شروط
الدكتور حمدى عبد العظيم - استاذ الاقتصاد باكاديمية السادات للعلوم الادارية ورئيس مركز الدراسات الاقتصادية بالاكاديمية - يصف المبادرة بانها محاولة لزيادة حجم التجارة الامريكية والاسرائيلية فى المنطقة العربية وذلك عن طريق فرض واملاء شروط على الدول العربية من اجل العمل على ازالة العوائق الجمركية امام التجارة الخارجية خلال مدة عشر سنوات من توقيع اتفاقية التجارة الحرة العربية الامريكية.
ويوضح ان نجاح اى اتفاقية للتجارة الحرة يقوم بشكل اساسى على القدرة التصديرية والقوة التنافسية للسلع القابلة للتصدير وهو الامر الذى تفتقد اليه الاقتصاديات العربية ومن ثم فان مثل هذه الاتفاقية من شانها خدمة الاقتصاد الامريكى الذى يتمتع بسلع ذات قدرة تنافسية عالية وبالتالى فانها تجد اسواقا لتصريفها فى الدول العربية خاصة ذات الاعداد السكانية الكبيرة مثل مصروالمغرب وغيرهما وعلى ذلك فان التجارة بين الولايات المتحدة الامريكية والدول العربية تكون غير متكافئة نظرا لعدم وجود سلع عربية متكافئة مع السلع الامريكية وضرب لذلك مثلا بالاقتصاد المصرى الذى فقد ميزته التنافسية حتى بالنسبة للسلع الزراعية التى اتضح فى نهاية المطاف انها تكلف كثيرا بسبب تكاليف الشحن ومن ثم ارتفاع اسعارها مقارنة بغيرها من الدول مما جعل الولايات المتحدة الامريكية تنصرف عنها هذا بجانب المنتجات الصناعية مثل السيراميك والسجاد والكليم اصبحت هى الاخرى غير قادرة على المنافسة مما جعل اصحابها ينتقلون الى الولايات المتحدة وينتجون داخلها.
ويرى الدكتور عبد العظيم ان الايجابية فى موضوع منطقة التجارة الحرة تكمن فى حالة واحدة وهى لو انها صاحبها تدفق لرؤوس اموال امريكية فى شكل استثمارات فى الدول العربية تساهم فى علاج مشاكل البطالة مشيرا الى صعوبة تحقيق ذلك بسبب الشروط التى تمليها الادارة الامريكية على الدول العربية والتى تتمثل فى اشتراطات لاصلاح الجهاز الحكومى والقضاء على البيروقراطية والتعاون معها فى القضاء على الفساد الادارى فى المشروعات العامة وفى البنوك والافصاح والتزام الشفافية فى عرض الميزانيات وهى املاءات تضعها الادارة الامريكية كشروط على الدول العربية قبل الدخول فى الاتفاقية.
ويلفت الدكتور عبد العظيم النظر الى نقطة يعتبرها الفحوى الاساسى لمبادرة بوش وهى اشتراط المكون الاسرائيلى فى المنتجات التى يتم تصديرها للولايات المتحدة الامريكية من منطقة الشرق الاوسط والتى حددتها ب 30 بالمئة وهو الشرط الذى رفضته الدول العربية قبل ذلك باستثناء الاردن مما يؤكد ان الهدف من المبادرة ليس خدمة الاقتصاديات العربية وانما امتداد لفكرة الشرق اوسطية عن طريق فتح سوق عربية امام المنتجات الاسرائيلية بجانب تقديم تسهيلات لامكانية وجود استثمارت اسرائيلية مع الدول العربية وبالتالى فتح ثغرة امام كل من الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل للتدخل فى الشئون الداخلية للبلاد العربية عن طريق الباب الاقتصادى ومن ثم القدرة على ضرب تلك الدول عن طريق هدم الاقتصاد القومى لها.
التنمية العربية الذاتية
ويشدد الدكتور عبد العظيم على ضرورة رفض فكرة التجارة الامريكية العربية الحرة ويطالب الدول العربية بضرورة البدء فى اتخاذ اجراءات التنمية العربية الذاتية من خلال برنامج عربى متكامل للنهوض بالاقتصاديات العربية دون الاعتماد على الولايات المتحدة الامريكية وذلك حتى تكون قادرة على الصمود امام اى اتفاقيات اوربية او امريكية على اساس وجود تميز اقتصادى وبالتالى خلق فرص للتبادل التجارى العربى هذا بجانب ضرورة تدعيم السوق العربية المشتركة وتفعيل الاستثمارات العربية التى تمارس آثارا ايجابية فى النهوض بالاقتصاديات العربية.
اعادة رسم المنطقة
الدكتور انور الهوارى - استاذ الاقتصاد ووكيل اللجنة الاقتصادية الاسبق بمجلس الشورى - يرى ان فكرة اقامة منطقة للتجارة الحرة بين بعض دول المنطقة والولايات المتحدة الامريكية ليس لها اهداف اقتصادية بقدر مالها من اهداف سياسية تدخل فى اطار اتجاه الولايات المتحدة الامريكية لاعادة هندسة الشرق الاوسط بما يخدم مصالحها ويحقق امن اسرائيل مستخدمة فى ذلك سلاح المعونات الذى كان دائما وابدا سلاحا تستخدمة الولايات المتحدة ليس من اجل المساعدة ولكن من اجل فتح ابواب شبه شرعية للتدخل فى السياسات الاقتصادية للدول المتلقية لمساعداتها وهو الامر الواضح فى الاقتصاد المصرى الذى بدأ مايسمى بمراحل الاصلاح منذ بداية التسعينيات فى حين انه يسير وفقا لاملاءات الولايات المتحدة الامريكية والصندوق الدولى مما كان له اكبر الاثر السلبى على الاقتصاد القومى والذى اصبح يعانى اختلالات هيكلية ادت بدورها الى العجز فى الميزان التجارى وفشلت الحكومة فى احداث توازن له منذ اكثر من 5 سنوات وبالتالى فان الاقتصاد المصرى لم يعد قابلا للتدخل فى اى اتفاقيات للتجارة الحرة لانها تضيف الى مشاكله الحالية مشاكل اضافية بسبب عدم قدرته على المنافسة فى السوق العالمية ومن ثم احداث مزيد من الاختلالات الهيكلية فى بنيانه.
ويرى الدكتور الهوارى ان الولايات المتحدة تنظر الى الفكرة على انها منحة للدول المؤيدة لسياستها الخارجية فى حين انها تهدف لاستكمال مخططها بالهيمنة على المنطقة وفتح المجال امام اسرائيل وهو مايجب ان تعيه الدول العربية التى لن تستفيد من هذه الاتفاقية سوى مزيد من الضغوط وفرض الشروط الامريكية والاسرائيلية بزعم ان الولايات المتحدة الامريكية تسعى لدعم الاقتصاديات العربية فى حين انها تسعى لتدميرها.
غموض المشروع الامريكي
وفي النهاية يمكن القول: ان هناك شبه اجماع على غموض المشروع الامريكي المطروح وان هذا الغموض يثير العديد من علامات الاستفهام حوله، وان عدد كبير من الخبراء اكدوا انه ليس في صالح الدول العربية لانه يدعم السيطرة والهيمنة الامريكية في المنطقة وتحويلها إلى سوق للمنتجات والسلع الامريكية علاوة على انه يستعرض على الدول العربية شروطا و اصلاحات تتعارض مع قيمتها وثقافتها. ويمكن القول ايضا انه هناك شبه اتفاق على ضرورة تفعيل السوق العربية المشتركة التي سوف تساهم في دعم قوة العرب الاقتصادية التي تؤهلهم فيما بعد للدخول في اتفاقيات تجارة حرة وتضمن عدم سيطرة دول اجنبية على اقتصادياتهم.
السوق العربية المشتركة ستساهم في انسياب البضائع
المشروع له سلبياته على الناتج العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.