يستقبل المسلمون اليوم أول أيام عيد الأضحى المبارك بعد ان وقف ضيوف الرحمن في عرفات لأداء ركن الحج الأكبر بعد ان قضوا يوم التروية في منى ثم ينفرون الى مزدلفة ويعودون الى منى لذبح الهدي ورمي جمرات اليوم الأول من أيام عيد الأضحى اقتداء بخاتم الأنبياء والرسل عليه أفضل الصلاة والسلام في جمع كبير بلغ مليونين وثلاثمائة وعشرين ألف حاج تقاطروا الى هذا البلد الأمين من مائة وسبعين دولة, وهو جمع يدل دلالة واضحة على وحدة المسلمين وتآلفهم وتآزرهم, غير ان هذه الدلالة لاترقى في جوهر الأمر الى ما يجب ان ترقى اليه, فالقلوب شتى, رغم ان أهداف المسلمين وتطلعاتهم وآمالهم واحدة, فقد تآلبت عليهم في العصر الحاضر قوى الشر من كل حدب وصوب يحاولون بث الفرقة بين صفوفهم, وبعثرة كلمتهم وتشتيت شملهم, وقد نجح أعداء العقيدة الإسلامية مع الأسف الشديد في الوصول الى تلك الغايات, فهاهم المسلمون تنخر في صفوفهم عوامل الفرقة والتشتت والتشرذم, لا يجتمعون حول كلمة, ولا يصلون الى هدف من أهدافهم المرسومة, وها هم الأعداء يتحكمون في مصائرهم ومقدراتهم وشعوبهم, ولا سبيل الى خلاصهم من أزماتهم الحالية الطاحنة إلا بالرجوع الى كتاب الله وتحكيمه في شؤونهم وأمورهم, فابتعادهم عن مبادىء وتعاليم عقيدتهم الإسلامية السمحة هو السبب الأول والأخير في تقاعسهم وتخاذلهم وذهاب ريحهم, ولن يغير الله هذه الأمة إلا اذا غيرت ما بنفسها, ولن ينصر الله أمة إلا اذا نصرت كلمة الله لتبقى هي العليا, وكلمة الباطل السفلى ولعل من المناسب في هذا الحشد الإيماني الكبير ان يعمل المسلمون من أجل الالتفاف حول عقيدتهم واتخاذها نبراسا يضيء لهم كل درب, فابتعادهم عنها أدى الى اصابتهم بهذه الهزائم, والنكسات, وقربهم منها سوف يؤدي بإذن الله الى النهوض بعزائمهم والقيام من عثرتهم ليكونوا كما وصفهم رب العزة والجلال في محكم تنزيله الشريف: (خير أمة أخرجت للناس).