المملكة العربية السعودية أمة ناهضة في عالمنا المعاصر، تتسم بتعدد منظوماتها التعليمية، وتسعى دوما إلى تحقيق وثبات في كل مجالات وأنشطة الحياة التربوية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، الأمر الذي يفرض عليها تحديات متعددة، من أجل إحداث التطوير المنشود، وما من تطوير وتقدم إلا ويحتاج إلى إستراتيجية علمية محكمة. وعادة ما تكون الإستراتيجية تعبيرا عن السياسة القومية العامة الموضوعة أو المستهدفة، بيد أنها تهتم بالإطار العريض أو المسار العام الذي في ظله تتم العمليات المختلفة للتطوير في مجال التعليم. ومن الطبيعي أن تتعدد الإستراتيجيات بتعدد منظومات المجتمع ومؤسساته، إذ تسعى كل منها إلى تحقيق أهداف نوعية تختص بطبيعة نشاطها، ولكن يتعين أن تتكامل جميعا لتحقيق السياسة العامة للدولة التي تعبر عن الفلسفة الاجتماعية التي تعتنقها. ويعتبر التعليم الأداة الرئيسية لتنفيذ إستراتيجيات مختلف المنظومات في الدولة، لأنه الوسيلة الأساسية لإعداد القوى البشرية المؤهلة لهذا التنفيذ، إذ إن التعليم لم يعد ترفا يطلب لذاته، وإنما هو نشاط لا غنى عنه، ودعامة لتنمية المجتمع وتطويره، حتى يستطيع البقاء في عالمنا المعاصر، والتصدي لتحديات التغيير والتحديث. من هنا، يتعين على التعليم أن يلتزم باتجاه إعداد المواطن القادر على الإسهام الفعلي في تحقيق ذلك، بتوفير إمكانات التنمية المتكاملة لشخصيته، من النواحي الجسمية والعقلية والوجدانية والروحية، بما يؤدى إلى إيمانه بالله وتمسكه بالقيم الدينية دون تعصب أو انغلاق، واعتزازه بالانتماء إلى وطنه وبالحضارة الإسلامية والثقافة العربية، ووعيه بمشكلات بلده وإقباله على الإسهام في حلها بكفاءة. وتنمية قدرته على التفكير الحر والاختيار، وإدراكه لحقوقه وواجباته في إطار المفهوم الحقيقي لقيم ومبادئ المملكة، وضرورة صقل قدراته واستعداداته وتنمية مهاراته، بما يساعد على إتقانه عمله واعتزازه به، وإيمانه بالعلم ومنجزاته والتطور وحتميته. ولذا، كان لا بد من أن توضع له إستراتيجية واضحة تشارك في صياغتها مختلف قطاعات المجتمع، كي تربطها بقضاياها المتشابكة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وتضفي عليها الطابع القومي الضروري، الأمر الذي يستلزم ضرورة الاستناد إلى مفهوم واضح لرؤية الدولة والسياسة القومية للتعليم. التحديد الواضح للأهداف العامة للعملية التعليمية والأهداف الخاصة بمراحل التعليم ونوعياته مع صياغتها في صورة إجرائية، تساعد على وضع خطط تحقيقها، وتجنب الصيغ الخطابية. مراعاة الظروف المحلية والإمكانات الفعلية، والبعد عن النقل أو التقليد أو الاقتباس شبه العشوائي من مجتمعات أخرى. شمول الأهداف بحيث تعنى بمختلف جوانب تنمية شخصية المواطن، وتتضمن مختلف مرتكزات العملية التعليمية الأساسية، كسلم التعليم والمناهج وإعداد المعلم وتدريبه، والتقويم والإدارة وغير ذلك. الاهتمام إلى جانب تاريخنا الإسلامي وواقعنا الاجتماعي بالرؤى والاحتمالات المستقبلية للتطورات الاجتماعية والعلمية والتكنولوجية، ومراعاة المرونة التي تساعد على تعديل الخطط التعليمية وتكييفها مع ما يطرأ من تغيرات ومستحدثات.