تتواصل الحرب الروسية الأوكرانية للعام الرابع على التوالي، وسط تداخل معقّد بين جهود دبلوماسية محدودة، وتصعيد عسكري متبادل يشمل الضربات بالطائرات المسيرة، وتوسّع نطاق المخاطر الأمنية إلى مناطق جديدة داخل أوروبا. وفي حين تتكرر الدعوات إلى التهدئة، تعكس التطورات الأخيرة هشاشة أي مسار سلام مستدام. هجوم مسير وأثارت تصريحات الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو جدلا واسعا بعد كشفه أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض مقترحات داخلية دعت إلى استهداف القيادة الأوكرانية ردا على هجوم بطائرة مسيرة استهدف مقر إقامته في منطقة نوفغورود. ووصف لوكاشينكو الهجوم بأنه عمل إرهابي ترعاه الدولة، ملمحا إلى تورط أوكراني محتمل، في حين أكد أن موسكو رفضت خيار ضرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أو مراكز صنع القرار في كييف. وفي المقابل، نفت أوكرانيا الاتهامات الروسية، محذرة من استخدام هذه الروايات كذريعة لتصعيد عسكري جديد، بينما عبّرت أطراف غربية عن شكوكها في صحة الرواية الروسية، معتبرةً أن موسكو تسعى إلى تحويل الأنظار عن مسارات دبلوماسية جارية. تبادل الضربات وشهدت الأيام الأخيرة تصعيدا ملحوظا في تبادل الضربات الجوية. فقد أفادت تقارير بحدوث انقطاعات واسعة للتيار الكهربائي في مناطق من موسكو عقب هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية، ما أثر على مئات الآلاف من السكان لساعات. وفي المقابل، شنّت القوات الروسية هجوما واسعا بطائرات مسيرة على مدينة أوديسا الساحلية، استهدف مباني سكنية وبنية تحتية خدمية، وتسبب في انقطاع الكهرباء والتدفئة والمياه، إضافة إلى إصابة مدنيين، بينهم أطفال. ويعكس هذا النمط من الضربات اتساع رقعة الاستهداف المتبادل، مع تزايد اعتماد الطرفين على الطائرات المسيرة كسلاح منخفض الكلفة وعالي التأثير. مخاوف متصاعدة وخارج ساحة المعارك المباشرة، أعلنت فنلندا تفتيش سفينة يُشتبه في ارتباطها بأضرار لحقت بكابلات بحرية في خليج فنلندا، في تطور يعكس تصاعد المخاوف الأمنية في منطقة البلطيق منذ بدء الغزو الروسي عام 2022. وأكدت هلسنكي استعدادها لمواجهة تحديات أمنية متعددة، في ظل تكرار حوادث انقطاع خطوط الكهرباء والاتصالات وخطوط الغاز، ما يثير قلقا أوروبيا متزايدا بشأن أمن البنية التحتية الحيوية. دعم عسكري وعلى صعيد الدعم الدولي، رحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بانضمام رومانيا وكرواتيا إلى مبادرة PURLDefense، الهادفة إلى تجميع الموارد لشراء أسلحة أمريكية لصالح أوكرانيا، بما في ذلك منظومات باتريوت الدفاعية. وبحسب كييف، انضمت 24 دولة إلى المبادرة، وبلغت قيمة المساهمات المعلنة 4.3 مليارات دولار، في مؤشر على استمرار الدعم الغربي العسكري، رغم الحديث المتكرر عن ضرورة إيجاد حل سياسي للنزاع. تبادل الاتهامات وأعلنت أوكرانيا أن أكثر من 10 آلاف جندي روسي وقعوا في الأسر منذ بدء الغزو، مع ارتفاع ملحوظ في أعداد الأسرى خلال عام 2025 مقارنة بالسنوات السابقة. وأشارت كييف إلى أن عمليات التبادل تسير ببطء، متهمة موسكو باستخدام الملف كورقة ضغط في مفاوضات أوسع، رغم وجود أطر تفاهم سابقة. وفي المقابل، لم تصدر موسكو أرقاما مماثلة، لكنها اتهمت كييف باستغلال الملف إعلاميا، في وقت لا تزال فيه عمليات التبادل محدودة وغير منتظمة. الاتحاد الأوروبي وسياسيا، برزت مؤشرات متباينة حول مستقبل العلاقة بين موسكووبروكسل. ففي حين رفضت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي روايات روسيا بشأن الهجمات الأخيرة، معتبرةً إياها محاولة لصرف الانتباه عن جهود السلام، لمح دبلوماسيون روس إلى إمكانية تحسّن العلاقات مع تشكيل مفوضية أوروبية جديدة. وترى موسكو أن العقوبات ألحقت أضرارا بالاتحاد الأوروبي نفسه، بينما تؤكد بروكسل أن أي حوار مستقبلي يبقى مشروطا بتغيّر السلوك الروسي على الأرض. تحديات داخلية وفي الداخل الأوكراني، أعلنت السلطات ضبط مخابئ ضخمة للأسلحة غير المشروعة خلال عام 2025، في مؤشر على التحديات الأمنية المتزايدة داخل البلاد. ويحذر مسؤولون من أن الانتشار الواسع للأسلحة منذ بداية الحرب قد يخلّف آثارا طويلة الأمد على الأمن المجتمعي، حتى في حال التوصل إلى تسوية سياسية. مسار معلق وتعكس هذه التطورات توازنا هشا بين محاولات احتواء النزاع وتجنّب التصعيد المباشر، وبين واقع ميداني يتجه نحو مزيد من الاستنزاف والتوسع الجغرافي للمخاطر. ومع استمرار تبادل الضربات وتضارب الروايات السياسية، يبقى مسار السلام في الحرب الروسية الأوكرانية معلقا على تحولات دولية أوسع لم تتبلور ملامحها بعد. خط زمني للحرب الروسية الأوكرانية: • فبراير 2022: بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا • 2022–2023: معارك واسعة وعقوبات غربية ودعم عسكري متصاعد لكييف • 2024: تصعيد الضربات بالطائرات المسيرة وتوسّع الاستهداف المتبادل • 2025: محاولات تهدئة محدودة مقابل استمرار القتال وتبادل الضربات