دخل وقف إطلاق النار في غزة مرحلة سياسية حساسة مع اقتراب انتهاء ترتيباته الأولى، وبدء النقاشات الدولية حول انتقال الاتفاق إلى مرحلته الثانية التي تتضمن ترتيبات أمنية وإدارية تمس شكل الحكم في القطاع، ومستقبل الوجود العسكري الإسرائيلي، إضافة إلى مسار سياسي طويل يرتبط بتسوية أوسع للقضية الفلسطينية. وسلطت تصريحات رئيس الوزراء القطري في منتدى الدوحة الضوء على هشاشة الهدنة، وعلى غياب شروط الاستقرار الكامل على الأرض رغم توقف القتال العنيف، كما كشفت المناقشات الجارية عن تباينات بين القوى الإقليمية والدولية بشأن صيغة القوة الأمنية المنتظرة، ودور المؤسسات الدولية المعنية، خاصة وكالة الأونروا التي تواجه تهميشًا متزايدًا رغم اعتماد غزة عليها لتقديم الخدمات الأساسية. لحظة حرجة وذكر الشيخ، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن وقف إطلاق النار في غزة يمر بلحظة حاسمة مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى من الاتفاق، مشيرًا إلى أن الهدنة لم تتحول بعد إلى وقف كامل لإطلاق النار، واعتبر أن الشروط الأساسية لأي تهدئة دائمة لم تتحقق، بما في ذلك الانسحاب الإسرائيلي الكامل وعودة الاستقرار وقدرة السكان على الحركة، وأضاف أن ما يجري على الأرض ما زال يهدد اتفاق الهدنة، حيث تتواصل أعمال عنف متقطعة في مناطق حدود خطوط وقف إطلاق النار. وأوضح أن الوسطاء الدوليين بقيادة الولاياتالمتحدة يعملون على تحديد مسار الانتقال نحو المرحلة الثانية من الاتفاق، مؤكدًا أن ما تم حتى الآن يمثل مجرد خطوة أولى يجب البناء عليها للوصول إلى ترتيبات سلام أوسع، ورغم توقف القتال المفتوح منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ في أكتوبر، تؤكد بيانات وزارة الصحة في غزة أن أكثر من 360 فلسطينيًا قتلوا بنيران إسرائيلية خلال فترة الهدنة. ومع استمرار أحداث العنف، أعلن مستشفى الشفاء مقتل فلسطينيين في غارة شمال غرب مدينة غزة. المرحلة الثانية وبدأ تطبيق المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، في العاشر من أكتوبر، وتضمنت وقف القتال وتبادل الأسرى وإطلاق سراح مئات الفلسطينيين مقابل تسليم رهائن كانت تحتجزهم فصائل غزة، كما أرسلت إسرائيل وفدًا إلى القاهرة للتفاوض حول رفات آخر الرهائن. إلا أن المرحلة الثانية، التي يشكل محتواها محور الجدل الحالي، لم تبدأ بعد، وتتضمن الخطة ترتيبات واسعة تشمل نشر قوة أمنية دولية في غزة، وتشكيل حكومة تكنوقراطية لإدارة القطاع، إضافة إلى عملية لنزع سلاح حركة حماس، وانسحابا كاملا للقوات الإسرائيلية. وتحدثت مصادر عربية وغربية عن توجه لتشكيل هيئة دولية تشرف على تنفيذ المرحلة الثانية، على أن يترأسها الرئيس الأمريكي، وترى الخطة أن الترتيبات الأمنية يجب أن تُفتح على مسار يؤدي في المستقبل إلى استقلال فلسطيني، رغم معارضة الحكومة الإسرائيلية المتشددة لأي صيغة تخص الدولة الفلسطينية. وأكد الشيخ محمد أن أي ترتيبات مقبلة يجب أن تكون مؤقتة، مشيرًا إلى أن السلام الحقيقي في المنطقة لن يتحقق دون إنهاء جذور الصراع وإقامة دولة فلسطينية، وقال إن معالجة آثار الحرب في غزة وحدها غير كافية، وإن التعامل مع الضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين عنصر أساسي لأي تسوية. القوة الأمنية وشهدت جلسات منتدى الدوحة نقاشًا حول تشكيل القوة الأمنية الدولية، وأعرب وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عن تساؤلات حول الدول المشاركة وهيكل القيادة والمهمة الأساسية للقوة، وتعد تركيا أحد ضامني اتفاق وقف إطلاق النار، لكن إسرائيل رفضت مشاركة أنقرة في أي ترتيبات بسبب الخلافات السياسية. وقال فيدان إن هناك آلاف التفاصيل التي يجب تسويتها قبل نشر القوة. دور واضح وبرزت أيضًا قضية مستقبل وكالة الأونروا، التي تواجه ضغوطا متواصلة منذ بداية الحرب، ورغم التجديد الدولي لتفويضها حتى عام 2029، قالت الوكالة إن دورها في المرحلة المقبلة لا يزال غامضًا، واتهمت الأونروا الولاياتالمتحدة وإسرائيل بالسعي لتهميشها، مشيرة إلى أنها تمثل القطاع العام في غزة من خلال شبكة خدمات واسعة تعتمد عليها مئات الآلاف من السكان. وقالت مديرة العلاقات الخارجية في الأونروا إن استبعاد الوكالة من المحادثات الخاصة بالمرحلة الثانية يفتح سؤالا حول البديل الممكن. خسائر الحرب واندلعت الحرب في أكتوبر 2023 بعد هجوم قادته حماس أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل، وأسر أكثر من 250 آخرين، وردت إسرائيل بحملة عسكرية واسعة أسفرت عن مقتل أكثر من 70 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة. أهمية الانتقال إلى المرحلة الثانية 1 - إنشاء إطار أمني دولي يمنع تجدد القتال ويسمح ببناء ترتيبات دائمة. 2 - تشكيل حكومة تكنوقراطية لإدارة القطاع وضمان الخدمات الأساسية. 3 - بدء مسار سياسي يرتبط بحل نهائي للصراع وإقامة دولة فلسطينية. 4 - انسحاب القوات الإسرائيلية بما يتيح عودة الاستقرار وحرية الحركة للسكان.