لعلكم تلاحظون معي كيف تغيرت الحياة.. وكيف اختلف نمط العيش وأسلوب التفكير فيها حتى صارت أكثر صعوبة وأشد تلونًا وقسوة.. فلم تعد بتلك السهولة واليُسرولا كما كانت عليه من السلاسة والطُهر؟! وبغض النظر عمن تقدم أو تأخر ومن انطلق أو تعثر.. فالحياة حقًا لم تعد كما كانت عليه من قبل ولم تعد كتلك التي عرفناها وعشناها... خصوصًا في ظل ما نراه ونشاهده وما يعصف بحياتنا من تقلبات ومتغيرات. لقد تغيرت الحياة حتى في إعداداتها، وهنا أصل الحكاية وفيها المنتهى، والسؤال الأبرز هنا والذي يفرض نفسه هل الحياة هي التي تغيرت؟ أم نحن من تغير؟ ربما نجد في تلك الطفرة والنقلة النوعية التي حدثت فيها بعض التبرير، وربما يكون في التكلفة المادية العالية وارتفاع سقف الطموح الذي تجاوز الحد المسموح شيء من التفسير، لكن كل الإجابات والاحتمالات تظل عائمة ومعلقة.. فهي تحتمل الكثير والكثير.. فذلك التغير بات مخيفًا في بعض الجوانب، فقد وصل إلى حد المساس بالأخلاق والقيم .. كل ذلك وأكثر جاء تحت بند التطور ومواكبة العصر إلى أن وصلنا إلى ما يسمى بنهج القطيع! ووصل التغير إلى حد إحداث الخلل والفارق في بعض الموازين.ولن نستطيع أن نبرئ أنفسنا، هنا فنحن مدانون بشكل أو بآخر، ولن نخرج من دائرة الاتهام تلك، فمهما بلغ ذلك الاختلاف أو التغير لا يبرر لنا ذلك التنصل من المسؤولية، فما بين ضعف واستسلام إلى خنوع وتسليم.. أوغلنا في بحر الإدانة الحياة لم تعد بذلك الثبات ولا تستجيب لنا كما كان أو فات نتفق على ذلك، ولكن علينا ان نتحلى بالصبر فيها وأن نتعلم كيف نتقاسمها مع من حولنا دون خصام أو نزاع فلم يعد هناك مجال لأكون أو لا أكون لمن أراد أن يستمر، ما عاد هناك من يركز على الأفضل أو يصر على الجيد ويبحث الأجود لم يعد هناك من يفكر بالمغادرين أصلا أو حتى يعير اهتماما للقادمين.! فمن انضم للمجموعة كمن غادر منها... هذه الحقيقة التي يجب أن تخضع لها كل الإجابات.. علينا أن نعيش حياتنا كما هي وفق تلك المعطيات التي تظهر أو تفرض،وإذا ما طاعتك الحياة وإلا طيعها، سدّدوا وقاربوا، فإما أن نواكب أو تسحقنا وتتعدانا الكواكب.. هكذا صارت الحياة، وهكذا سوف تستمر بنا أو بسوانا بشكل أو بآخر سوف تستمر... ولن تنتظر أو تراعي أحدًا.. ولن ينفع أي تبرير لأي قصور أو تأخير، لذلك.. علينا أن نتقاسمها مع الآخرين وبعقل وحكمة، فنحن ليس وحيدين فيها.. فمن يفقد صبره ويتهور فيها في الغالب.. هو الخاسر الأكبر وربما الأوحد. الحياه تغيرت والبديل دوما سيكون جاهزًا بغض النظر عن المستوى أو الجودة، فلا الزمان كما كان ولا نحن كما كنا. الحياة ستستمر سواء حصلنا على صك البراءة أو كنا مدانين . علينا أن ندرك ذلك تمامًا وأن نتأقلم معها، وإن لزم الأمر.. استعنا بكل أدوية الحموضة أو لجأنا لأقوى المسكنات.. حتى وإن أوجعتنا وأدخلتنا من بوابة الضغط والسكر، فالأمر هنا قد لا يهم أحدا بقدر ما يهمك أنت.. المهم ألا تفقد نفسك وقيمك.