أمير منطقة جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة    نائب أمير تبوك: الخطاب الملكي أكّد مضي بلادنا لتحقيق المزيد من التطور والازدهار    أسواق الأسهم العالمية قرب أعلى مستوياتها معززة بأسهم التكنولوجيا    الفتح يغادر إلى جدة لمواجهة الاتحاد .. وباتشيكو ينضم للتدريبات    عقد ب 5.5 مليون ريال لصيانة شوارع البصر    فريق رواء الأمل ينفذ مبادرة "رتق" بالتعاون مع مركز ضماد الحرف الطبي بجازان    منتدى المشاريع المستقبلية 2025 يثمن دور «عين الرياض» الرائد في دعم قطاعات الأعمال والمؤتمرات والسياحة والاستثمار    غدا..إقامة الحفل الختامي لمهرجان ولي العهد للهجن في نسخته السابعة بميدان الطائف    مدير مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير يرأس الاجتماع التحضيري للاحتفاء باليوم الوطني ال95    " كريري" يزور المدخلي للاطمئنان على صحته بعد نجاح عمليته الجراحية    استمرار إنطلاقة مبادرة "إشراقة عين" بمركز الرعاية الأولية بالشقيق    250 مشروعا رياديا تتأهل إلى التصفيات النهائية لكأس العالم لريادة الأعمال بالرياض    محافظ الطائف يلتقي القنصل الامريكي رفيق منصور    نائب أمير منطقة تبوك يدشّن مشروع السكتة الدماغية الشامل بالمنطقة    أصالة الموروث الشعبي السعودي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    تركي العمار يواصل الرحلة... تجديد العقد حتى 2029    قمم منتظرة في أولى جولات دوري يلو    إسقاط 17 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    نائب أمير منطقة عسير يتوّج المنتخب السعودي تحت 19 عامًا بكأس الخليج في نسخته الأولى    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    هوساوي: أعتز برحلتي الجديدة مع الأهلي    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    المملكة تعزي قطر في وفاة أحد منسوبي قوة الأمن الداخلي جراء الاعتداء الإسرائيلي الآثم    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذ الخطة العامة للطوارئ    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025.. موروث ثقافي يعزز الأثر الاجتماعي والحراك الاقتصادي    أرامكو تصدر صكوكاً دولارية دولية    إسهاماً في تعزيز مسيرة القطاع في السعودية.. برنامج لتأهيل «خبراء المستقبل» في الأمن السيبراني    «الفطرية»: برنامج لمراقبة الشعاب المرجانية    اليوم الوطني.. نبراس للتنمية والأمان    فيلانويفا يدافع عن قميص الفيحاء    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    غوميز: مهمتنا صعبة أمام الاتحاد    الفضلي يستعرض مشروعات المياه    "التعليم" توقع اتفاقية "الروبوت والرياضات اللاسلكية"    «آسان» و«الدارة» يدعمان استدامة التراث السعودي    «سلطان الخيرية» تعزز تعليم العربية في آسيا الوسطى    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    «الحج والعمرة» تُطلق تحدي «إعاشة ثون»    التأييد الحقيقي    سكان غزة.. يرفضون أوامر الإخلاء ومحاولات التهجير    العراق: الإفراج عن باحثة مختطفة منذ 2023    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    إنقاذ حياة مواطنَيْن من تمزّق الحاجز البطيني    هل توقف العقوبات انتهاكات الاحتلال في غزة    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " ثمرة تماسك المجتمع تنمية الوطن وازدهاره"    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن علوي ل «الحياة»: زمن الوحدة العربية «تعدى»... وتداول السلطة يتخلله صراع مرير غير موجود في الخليج
نشر في الحياة يوم 20 - 04 - 2014

لا يريد وزير خارجية سلطنة عمان لحواره مع «الحياة» أن يمضي عابراً من دون مكاشفة، فمنذ جوابه الأول، صارح قراءه بأن الخليج ليس مستعداً لتداول السلطة، بسبب كلفته العالية وما يتخلله من «صراع مرير بين فئات المجتمع غير موجود في الخليج»!
وأعلن صراحة أن الخليجيين الطيبين شاركوا إخوتهم العرب ثرواتهم بالبلايين، انطلاقاً من قناعة بأن الجميع إخوة في العروبة ومستقبلهم في سفينة واحدة، إلا أن الأقدار كما يقول الوزير «قضت بعكس ذلك، مثلما صار في 2011 وما زلنا نعاني ونعاني من إفرازاته في الوقت الحاضر».
وبدا أن بن علوي موجوع من تصرفات عرب لم يسمّهم، إذ عاد إليهم في إجابة أخرى، وشدد على أن «فأساً» وقع في الرأس، ملمحاً إلى مواقف من أولئك العرب كانت صادمة.
إلا أنه اعتبر السبب وراء ذلك يعود إلى الخليجيين أنفسهم الذين لم يكلفوا أنفسهم قراءة التاريخ، ف «أنا عربي في عمان لا أعرف عن التونسي إلا مظهره ولا أعرف جوهر التونسي، ولا أعرف جوهر الليبي كما ينبغي، حتى التاريخ لم نكلف أنفسنا قراءته، ولا نكلف أنفسنا أن نقول لأحد اقرأ التاريخ، وما هو تاريخ العرب، حتى عندما نساعد عربياً فالمفترض أن نعرف تاريخه (...) ولكن عندما وقع الفأس في الرأس وجدنا أن العرب الذين كنا نقف معهم ونناصرهم (...) هم غير الذين كنا، والآن عرفنا كيف يتصرفون من خلال واقعهم»!
وفي الشق الخليجي، اعتبر الوزير الخليجي المخضرم أن الخلافات بين دول مجلس التعاون موجودة، ولا بد من أن تكون كذلك ما دامت الحياة موجودة.
غير أنه أبدى ثقته بصلابة البيت الخليجي الذي قال إن دوله قادرة على استيعاب خلافاتها «الطبيعية»، واستطاعت إنهاء أزمة الخلاف مع قطر ذاتياً، من دون حاجة إلى وسطاء من خارج البيت الخليجي الذي جزم بأنه «لم ولن يسمح بذلك».
غير أن التماسك الخليجي لا يصل في نظر بن علوي إلى إمكان تحول مجلس التعاون إلى «اتحاد» مثلما تطمح بعض دوله، معتبراً نظام المجلس الذي ينصّ على أنه يستهدف الوصول إلى «اتحاد» صِيغ في زمن القومية العربية الذي «تعدى»، وبات غير ممكن التطبيق، لذلك رأت بلاده كما روى ل «الحياة»، أفضلية ترحيله للأجيال القادمة.
وفي شأن الوساطة العمانية بين إيران وأميركا التي أثارت جدلاً خليجياً واسعاً، تفهّم بن علوي التساؤلات التي تتردد في هذا الصدد، إلا أنه خلص إلى أن المكسب من تلك الوساطة كان لكل الخليج والإقليم.
وأشار إلى أن كلا الطرفين الأميركي والإيراني بدا مقتنعاً بأن الخيارات أمامهم غدت محدودة، فإما حوار حقيقي أو صراع مميت، ما جعلهم يفضلون «النقاش المباشر عبر الوسيط».. في ما يأتي نص الحوار.
كوزراء خارجية في دول مجلس التعاون الخليجي مضت على بعضكم عقود في هذه المناصب.. متى ستغادرونها وتتيحون المجال لغيركم؟
- متى ما يريد رب العالمين.. أولاً نحن لا نخدم حزباً ولا نخدم فلسفة، نحن و«معازيبنا» ما زلنا نخدم بلداً أو بلداناً، الديموقراطية الغربية تداول السُلطة، وتداول السُلطة يتخلله صراع مرير بين فئات المجتمع، وهذا غير موجود في دول الخليج. ولكن لا يبقى إلا الصالح، أما الفاسد ففساده بذاته هو ما سينبذه.
كيف تشخّص الحال داخل البيت الخليجي بعد سحب السفراء والخلافات التي تحت الرماد؟
- بغض النظر عمّن يشخصه كما يشخص الطبيب المريض لأن الطبيب عنده علم محدد، وعنده حال معروفة، لأنه ربما شخّصها آلاف المرات فهو يتحكم بها، أما في ما يتعلق بالسياسة فالسياسة تتأثر وتؤثر، فدول الخليج بغض النظر عمّا نسمعه ونشاهده ونقوله ونتحدث فيه، يظل صفاء أهل الخليج صفاء طبيعياً لا شيء فيه، أي شيء من المسائل التي يمكن أن تلمعها أو تجملها، ولكن ما يحصل في الإقليم ومؤثراته على دول الخليج على كل مستوياته شيء لم يكن متوقعاً، لأن دول الخليج كانت على الدوام فاعلة في العمل العربي المشترك، وحريصة على أن تكون عوناً ومعيناً لإخواننا العرب في كل المراحل التي مرّت بها، ولكن الحاصل في هذه المرحلة من التاريخ الخليجي أو التاريخ العربي تغيّر، ولم يكن تغيراً في طبيعة الاجتهاد بشأن التطور، لأنه إذا ذهبنا إلى أية دولة خليجية نجد التطور الذي قامت به مشهوداً ولا يحتاج إلى تحليل.
الخليج شارك العرب ثرواته
كل الثروات التي وهبها الله لها استخدمت في التطوير في كل المسارات، واستخدمت بنية وإرادة صادقتين لتطوير المجتمعات الخليجية وليس هذا فقط. ولكن هذه الأموال والثروات النفطية التي يتحدث عنها العالم البعيد والقريب، تشارك أهل الخليج فيها مع الآخرين، لا بل شاركوا فيها العرب وغير العرب، والدليل على هذا الصناديق الاستثمارية التي خصصت لدعم الدول العربية والإسلامية وبكل نوايا حسنة.
هذه الدول تتطور، ومثل هذا العمل لا يأتي بمجرد رؤية بالليل ومتنفس بالنهار إذا لم يكن هناك أفق وقناعات بأن هذا المال الموجود لا بد من أن يكون عوناً للآخرين، ولو جئنا لنرى المبالغ التي صُرفت خلال ال40 عاماً الماضية، فهي بلايين صُرفت، وأرقام فلكية صرفت، ولكن حسن التدبير والتصرف ربما لم يكن على المستوى المطلوب أحياناً، وما كسبه الخليج من هذا هو الأخوة العربية والعروبة، والنظر إلى أن مستقبلنا واحد، ونحن في سفينة واحدة، فقضت الأقدار بعكس ذلك مثلما صار في 2011، وما زلنا نعاني ونعاني من إفرازاته في الوقت الحاضر، لكن هذه كما يقال عاصفة شمسية وتمر، والناس ما زالوا على العهد نفسه.
لكن الخلافات وصلت إلى داخل البيت الخليجي.. وآخرها سحب السفراء؟
- أنا دائماً أقول إنها وسيلة من وسائل التعبير، وهي تحصل بين الأسرة الواحدة.
ولكن ألا تتوقع أن هناك تصعيداً؟
- المقصود هو التعبير عن تباين الخلافات الحاصلة، وهذا الشيء طبيعي يحصل بين الناس ولكن ليس هو الجوهر، بالقياس على الذي رآه الناس هو شيء كبير، وكأنه شيء لا يحصل ولا ينبغي أن يكون، ونحن بشر ولا بد من أن نقبل بالواقع والمرحلة الحالية التي نحن فيها، ونحن نختلف ونعبّر بطرق مختلفة في هذا الجانب، وفي المرحلة الحالية التي نحن فيها، كل واحد يعبّر عن خلافه مع الآخرين بشيء من الانزعاج واتخاذ إجراء.
لم نسمح ولن نسمح!
لكن خلافات البيت الخليجي ما كانت تخرج؟
- ما دمنا في بيت فيمكن أن تخرج. خذ دولة عربية أو مسلمة، لا بد من أن تكون مثل هذه الخلافات موجودة ما دامت الحياة موجودة.
أين دور سلطنة عُمان؟ وهل قامت بدور الوسيط بين أشقائها؟
- أعتقد أننا تجاوزنا هذه المسألة. المشكلة انتهت.
هل قمتم بالدور؟
- خلاص خلصت.
انتهى موضوع أزمة السفراء والخلاف الخليجي؟
- انتهى، ولم يترك لأحد أن يتدخل فيه غير البيت الخليجي، ولم نسمح، ولن نسمح.
ولكن السفراء لم يعودوا؟
- السفراء اعتبرهم في إجازة، وبإمكانهم أن يرجعوا وهذه ليست مشكلة.
ألا تلاحظ اللغة الموجودة اليوم في الإعلام الجديد والتقليدي، وأنها كلها تصب الزيت على النار؟
- أكيد، ولا أحد يستطيع منعهم، ولكن هذه مرحلة تاريخية يمرّ بها الإنسان الخليجي. أنا أقول - وما زلت - إن هذا شيء طبيعي يحصل، لأننا في المراحل الأخيرة من الدولة الوطنية، فمثلاً أنت ما زلت تقول أنا سعودي، وما زلت أقول أنا عماني. والهوية الخليجية ما زالت فيها هذه الوسائل، فهذا ليس شيئاً غير معروف، ولكن أنت تتحدث عن متى نزيل هذه الأشياء. وهذا هو موضوع الاتحاد الخليجي، ولكننا لسنا مؤهلين له الآن.
زمن الوحدة العربية «تعدى»!
لكنك تعرف أن المادة الرابعة في النظام الأساسي عند تأسيس مجلس التعاون الخليجي تقول (...) وصولاً إلى الوحدة؟
- «وصولاً».. هذه كانت عبارة عن تطلع.. يتحقق هذا التطلع أو لا يتحقق، ولن يتحقق في القريب العاجل، هذا الموضوع له علاقة بوحدة الأمة العربية، وأخذت من أدبيات القومية العربية، ونحن عرب وهم عرب، والعرب الذين كانوا في ذلك الزمن هدفهم الوحيد كان القومية العربية والوحدة العربية وزمنهم تعدى.
ألا ترى أن المخاطر والتحديات الموجودة تأخذكم باتجاه الاتحاد والوحدة؟
- المخاطر الآن على كوكب الأرض كثيرة، وتنسى نفسك، ونحن إن شاء الله على ما نحن عليه، مخاطرنا هي أقل المخاطر، وهذا ليس بقوتنا الجبارة، ولكن بحسن النوايا التي نبديها تجاه الآخرين، ولو عملنا بما يبديه الآخرون لكنا دخلنا في مخاطر ومسائل لا أول لها ولا آخر، ولكن الحمد لله، إنما الأعمال بالنيات، ونوايا القادة الخليجيين طيبة جداً مع أنفسهم ومع من يتعاملون معهم.
ساعدنا عرباً نجهل تاريخهم!
بعض الدول الخليجية لا تريد الدخول في مشكلات، ولا تتدخل في شؤون الآخرين، ولكن بعضها تتجاوز وتتدخل!
- هذه المرحلة كانت موجودة، وكانت لدى البعض تطلعات كبيرة في أمور كثيرة إلى آخره، وكنا لا نعرف عن بعضنا البعض إلا القشور. وأنا عربي في عُمان لا أعرف عن التونسي إلا مظهره، ولا أعرف جوهر التونسي، ولا أعرف جوهر الليبي كما ينبغي، حتى التاريخ لم نكلف أنفسنا قراءته، ولا نكلف أنفسنا أن نقول لأحد اقرأ التاريخ.
وما هو تاريخ العرب؟ حتى عندما نساعد عربياً فالمفترض أن نعرف تاريخه، وما هي الصعوبات الحقيقية التي تواجهه، وهذا ما كنا ننظر إليه، ولكن عندما وقع الفأس في الرأس وجدنا أن العرب الذين كنا نقف معهم ونناصرهم، وآمالنا من آمالهم، وتطلعاتهم من تطلعاتنا وإلى غير ذلك، هم غير الذين كنّا.
ووجدنا حقيقة أخرى. الآن عرفنا كيف يتصرفون من خلال واقعهم. هذا ما كنّا لا نعرفه، ولذلك لما بحثنا في كيفية مساعدتهم كنا نجهل ما تحت التراب، ولكن ما زال المجال متاحاً، وبالإمكان مساعدتهم في ظل ما عرفناه الآن.
هل تبدون داخل المجلس الملاحظات على الدول الأعضاء التي تتدخل في شؤون غيرها، وأنه يجب عليها التوقف، أم تجاملون بعضكم بعضاً؟
- لا هذا تحصيل حاصل، والتدخل في شؤون الآخرين أمر غير مقبول، لا منّا نحن ولا من العالم. وهذا موجود في المواثيق الدولية. أنا أتدخل في شؤون أخي جميل بحسن النية لأساعده عندما أريد مساعدته، وأنا لا أعرف طبعه، ولكن ربما أكتشف وأنا أريد مساعدته أني أخطأت في حقه.
ولكن إذا اكتشفت ذلك المرة الأولى والثانية يبقى هنا السؤال، وهنا يجب علينا أن نراجع تصرفاتنا، لمصلحتنا ولتمكين أنفسنا من مساعدة الآخرين بطريقة مفيدة، ولا بد من أن نساعد الآخرين، وهذا قدرنا أن نساعدهم، ولكن يجب أن نساعدهم بطريقة صحيحة وحقيقية وواضحة.
السلطنة قامت بوساطة أفضت إلى ترتيب الاتفاق النووي بين إيران ودول «5+1». هل هذه الوساطة طلبتها أميركا من مسقط؟ أم طلبتها إيران؟ أم مسقط نفسها بادرت برغبة منها؟ ولماذا مسقط لم تبلغ أشقاءها بأن هناك وساطة ومحادثات بين إيران وأميركا وهي من تستضيف هذه الوساطة؟
- أولاً أتفهم طرحك هذا السؤال الذي يدور في خلد الكثيرين، لماذا كذا. ولماذا كذا؟ أولاً نحن مثل أشقائنا في المجلس حريصون كل الحرص على أن نوفر وسائل الاستقرار في كل المنطقة، لأن استمرار تطورنا وقدرتنا على مساعدة الآخرين في البلاد العربية فقط عندما نكون مستقرين، وعندما نكون غير مستقرين لأسباب تخصنا أو لأسباب تخص من حولنا لا نستطيع أن نتطور، بالتالي كان هو المبدأ الأساسي لعُمان ولسياستها مع الجميع، وما تسعى إليه.
نحن ندرك ونعلم أن علاقات كثير من أشقائنا العرب وفي الخليج أيضاً ليست على ما يرام مع أميركا أو مع إيران، وبالتالي المساحة المتاحة في هذا الشأن يجب أن تكون موضع قبول منا جميعاً. يعني هذه المساحة محدودة كمجلس تعاون في ما يتعلق بما يخصك أنت، وبين مصالح غير موجودة أو معرقلة أو تحس فيها بخطر عليها، وبين الدولة الأخرى.
نحن يا أخي جميل في عُمان ووفقاً لمعايير السياسة العمانية نؤمن بالحوار، ولا ينقطع الحوار حتى مع اختلافنا معهم. علينا أن نتحاور حتى نزيل ما يمكن إزالته من اختلاف في أي مرحلة. وهذا وفّر لنا بيئة تجعلنا نستطيع أن نتحرك بشيء من المرونة هذا أولاً.
ثانياً: علاقتنا مع طرفي الخلاف النووي واشنطن وطهران مبنية على واقع وصراحة وشفافية، ونقبل ما نعتقد أنه صحيح، ونرفض ما نعتقد أنه غير صحيح. وما حصل هو أن كلاً من الولايات المتحدة وإيران وصلوا إلى قناعة أن عليهم أن يتفقوا. والرئيس بوش في الإدارة الأميركية السابقة وأحمدي نجاد لم يكونا مستعدين أن يفهما أنه يتوجب عليهما أن يتفقا، ولكن الرئيسين أوباما وروحاني كان لهما رأي مختلف، ولذلك فالإرادة كانت موجودة من الطرفين لأن الوقت حان، ولأن البديل سيكون كارثة، ونحن وجدنا فرصة. وإذا كان هذا يحقق لنا جميعاً استقراراً طبيعياً وحقيقياً في المنطقة فلِمَ لا؟
هنالك رأيان حول إيران
وأنا أذكر لك في أحد اجتماعات القمة، وعلى ما أذكر أنه كان في الكويت بعد التحرير، اتفق القادة على أن مسألة الملف النووي الإيراني مسألة دولية، ونحن لا نتدخل فيها على الإطلاق. وكان هناك كلام بأن هذا يمسنا بطريقة أو بأخرى، وعلى صلة ب «5+1»، ولكن كان رأي القادة لا.
وهكذا استمرت المسألة، ونحن نعتقد أن هذا فيه مصلحة كبيرة، وطبعاً هناك من له نظرة أخرى بأن إيران فيها 90 مليوناً، ولها فلسفة مختلفة عن فلسفتنا وتتقوى أكثر مما نستطيع أن نتحمله. وبالتالي إذا دخلت في مشكلة مع الآخرين فسيكون لمصلحتنا، وفي رأي ثانٍ أنه مهما كانت هذه الدولة فهي جارة لنا عبر التاريخ، وإذا استطعنا في كل الأحوال أن نصل معها إلى قناعات مشتركة فهذا أفضل من الاختلافات الدائمة، ومن هنا أتت الوساطة.
هذا يعني أن سلطنة عُمان هي من بادرت بالوساطة؟
- لا أستطيع أن أقول إنها بادرت بالوساطة، ولكن موضوع الاستقرار وعلاقتنا المتطورة بين الطرفين كان فيها حيز عن موضوع الخلاف الإيراني - الأميركي، لكن كان الاثنان يبحثان عن مداخل ومخارج لقناعتهما الداخلية وليس لقناعة سلطنة عُمان أو لقناعة طرف دون الآخر، وكان كل واحد يريد أن يكسب قدراً كبيراً من المساحة في تحقيق أهدافه.
أنا قصدت بالسؤال عن الوساطة إن كانوا حضروا إليكم وقالوا نحن نريد أن تستضيفوا المحادثات؟
- هي ليست فجأة، وهذه التفاصيل أخذت أعواماً وفترة زمنية طويلة، وربما لأننا بخلاف إخواننا في الخليج وحتى الدول الأخرى ليست لدينا مشكلة مع إيران أو أميركا.
لكن العتب الخليجي على الشقيق العُماني حضر بقوة؟
- بكل شفافية هذا الموضوع يُثار من قبلنا نحن دول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية في كل لقاء وفي كل اجتماع يحدث بينا وبين المسؤولين الأميركيين، وهم يعبّرون عن التزاماتهم تجاه دول الخليج، ونظرتهم تجاه هذا الموضوع طوال هذه السنين كلها من أيام ريغان، وبالتالي لم يكن هناك شيء نستطيع أن نقوله نيابة عن الآخرين، أعني الآخرين إن كانوا الإيرانيين أو الأميركيين وهم على صلات مباشرة مع دول الخليج.
صراع مميت أو حوار حقيقي
ولكن أنتم منظومة واحدة وأعضاء في مجلس واحد ووو إلخ؟!
- مفهوم، ولكن هذا الأمر يخص الجانب الأميركي والجانب الإيراني وهم على صلة مع دول الخليج، وهذا الموضوع يتحدثون فيه سوية، والأميركيون يرون أن هناك عدم قناعات في شأن التقارب الأميركي - الإيراني، لذلك قرروا الصمت وفضلوا أن يكون سراً، لكن الاثنين التقوا في أنهم وصلوا إلى مرحلة إما أن يدخلوا في حوار ويصلوا إلى قناعات أو يدخلوا في صراع حقيقي، ويكون صراعاً مميتاً، ففضلوا أن يلجأوا إلى الخيار الآخر والنقاش المباشر عبر الوسيط.
بعض الأحيان تصدر من سلطنة عُمان تصريحات تعلن أنه ليس من الضروري أن يكون هناك تطابق سياسي بين دول مجلس التعاون.. ألا يخالف هذا الأرضية التي بُني عليها مجلس التعاون الخليجي؟
- لا، الأرضية ليس فيها شيء يدل على أن نكون متطابقين سياسياً، ولكن علينا أن نحترم بعضنا بعضاً في ما قد يكون فيه شيء من التباين والرؤى، ولكن بما لا يضيع التوافق، وهذا هو الذي مشينا عليه، لأن نظام المجلس - وهذا تم بحثه أيام التشكيل الأولي - نصّ على أن يكون اتخاذ القرارات بالتصويت وبالإجماع.
وهل يتم الآن بالتصويت؟
- لا، تم رفضه من قبل الدول، ونحن 6 دول وهي الأغلبية نبدأ بخلافات من البداية واتفقنا بالإجماع، ولأننا نريد أن نبني ما لا نستطيع أن نعمله نؤجله ويرحّل إلى مرحلة أخرى.
لهذا عارضنا انضمام المغرب
هناك تصريحات سابقة لك شخصياً علقت فيها على دعوة دول مجلس التعاون الخليجي للأردن والمغرب للانضمام للمجلس بأنه لا ينبغي أن نكون بديلاً للجامعة العربية.. ألا ترى أن فيه اتهاماً لدول مجلس التعاون نفسها بأنها عندما تضم الأردن والمغرب ومصر سيكون ذلك تفكيكاً للجامعة العربية؟
- هذا سيحصل، أنت تبني كياناً سياسياً داخل المجموعة العربية التي أنت عضو فيها، أما مجلس التعاون فله خصوصياته كمنطقة واحدة وخصوصيات بين أهله، كان هذا بالاتفاق مع الدول العربية، وإذا توسعنا في هذا المجال مع من نحب ونكره فسندخل في منظومة أخرى.
ماذا عن المجلس الذي دعت له السلطنة كمجلس إقليمي أكبر يضم العراق وإيران؟
- غير صحيح، لا لم ندعُ إليه. كان هناك اجتماع في 76 أو 77 حول الملاحة في الخليج حضرته العراق وإيران، وموضوعه الملاحة في المضيق وفي الخليج، وهذا الاجتماع عقد في مسقط لكنه لم يخرج بنتيجة، وكان اجتماعاً واحداً وانتهى، لأنه كان يناقش موضوعاً معروضاً أصلاً على مؤتمر قانون البحار، وهو كيف تكون الملاحة في المضايق، ومضيق هرمز من ضمن المضايق، وكان هناك من يريد أن تكون الملاحة في الخليج حرة، ولكن في النهاية جاء القانون بأن الملاحة العابرة غير حرة وهذا تعريف قانوني، وما دام العالم كله وافق على هذه القاعدة «أن يكون مروراً عابراً لا يتوقف، أما إذا كان حراً فيصير موضوعاً ثانياً»، انتهت الفكرة الأصلية ولم يعد الحديث عن المجلس وجاء في مرحلة زمن إيقاف إطلاق النار في دعوة مجلس الأمن للدول الإقليمية أن تتبنى في ما بينها إجراءات تحقيق الاستقرار السلمي في الإقليم، ويقصد به دول الخليج وإيران والعراق.
غداً حلقة ثانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.