الإنسان الذي لا يطرد الأفكار السلبية «الوساوس الشيطانية» فورًا من بدايتها، بذكر الله، ثم بشغل أوقات فراغه بكل مفيد، سوف تتكاثر عليه الوساوس، وتشتد وتحاصره من كل جانب وتسيطر عليه وتزعجه، وتتطور إلى الوساوس القهرية. قال الله تعالى: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) ﴾ [الأعراف]، ويقول تعالى: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾، ومعنى كلمة يَعْشُ: يعرض، ومعنى كلمة نُقَيِّضْ: أي نجعل. الشيطان يلقي في نفس الإنسان الفكرة السلبية بصوت خفي لدفعه إلى ارتكاب الأفعال المحرمة، ويسبب له القلق، فإذا وجده تأثر بالفكرة واستسلم لها لن يتركه، وسوف يستمر في إلقاء الأفكار السلبية المزعجة في نفسه فكرة تلو الأخرى، وكل فكرة تكون أشد من التي قبلها. إن هدف الشيطان أن يجعل الإنسان حزينًا وخائفًا ومتوترًا وقلقًا، وأن يشغله بالوساوس ليبعده عن العبادات، وعن الحياة الطبيعية، وقد يأمره بالانتحار والقتل، لذلك أَلْحِقْ نفسك قبل أن يدمرك الشيطان.. ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المجادلة: 10]، ﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175]. الشيطان هو الوسواس الخناس الذي يخنس أو يتأخر، ويختفي عند ذكر الله، ثم يعود ليوسوس للإنسان بالشر عندما يغفل عن ذكره، ﴿ قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس (1) مَلِكِ 0لنَّاسِ (2) إِلَٰهِ 0لنَّاسِ (3) مِن شَرِّ 0لۡوَسۡوَاسِ الخناس (4) الذي يوسوس فِي صُدُورِ الناس (5) مِنَ 0لۡجِنَّةِ وَ0لنَّاسِ (6) ﴾. كثير من الناس يجدون تحسنًا في حالتهم النفسية بعد ذكر الله؛ لما له من تأثير مهدئ ومطمئن على القلب والدماغ، يسهم الذكر في تقليل مستويات التوتر والقلق والاكتئاب عن طريق تهدئة مناطق الدماغ المسؤولة عن الخوف وتقليل هرمونات التوتر، كما يحفز الدماغ على إنتاج النواقل العصبية المسؤولة عن السعادة، وذلك يؤكده القرآن نفسه في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾. تشجع، فإن الشيطان ضعيف، قال الله تعالى: «إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا»، ولكي تكون قويًا عليك التقرب إلى الله، والتمسك بالتقوى والطاعة، فهذا هو ما يضعف كيد الشيطان ويزيد قوة الإنسان.