في الجولة الأخيرة من الدوري السعودي، تصدّر وسم جماهيري مواقع التواصل بعد استياء عدد كبير من المشجعين من طريقة نقل المباراة من قبل القناة الناقلة. الحدث بدأ عندما لاحظت الجماهير أن الصوت المنقول للمباراة لا يعكس حجم الحضور في المدرجات، رغم أن المباراة كانت كلاسيكو يحظى بجماهيرية كبيرة. ما أثار تساؤلات واسعة تضمنت موجة من الاستنكار، ليس من منطلق فني، بل من زاوية تتعلق بكيفية إبراز صورة الحدث الرياضي أمام المتابعين داخل المملكة وخارجها. لم يكن الجدل حول الفريق أو النتيجة، بل حول تعامل القناة مع النقل، وهو ما جعل القضية تتحول إلى نقاش تسويقي أوسع. هذا يكشف أهمية الدور الذي يلعبه الناقل الرسمي في صناعة صورة الدوري وتسويقه. لم تعد القناة الناقلة مجرد وسيط ينقل الحدث من الملعب إلى الشاشة، بل أصبحت جزءًا من المنظومة الرياضية وشريكًا في إبراز صورة الرياضة السعودية. حين يحدث مثل هذا الجدل، فهو لا ينعكس فقط على القناة نفسها، بل على صورة الدوري ككل، لأن ما يُعرض يمثل واجهة البطولة أمام ملايين المشاهدين. الكرة السعودية تمر بمرحلة استثنائية من حيث الاهتمام العالمي والاستثمار الكبير. الدولة استثمرت في نجوم عالميين وتطوير المنشآت، وكل هذه الجهود تهدف إلى رفع قيمة الدوري السعودي كمنافس على الساحة الدولية. لكن هذه الجهود تحتاج إلى ناقل يواكب الطموح ويقدم المنتج بأعلى معايير الجودة. الناقل ليس مجرد قناة، بل واجهة تسويقية تسهم في بناء صورة الدولة والرياضة أمام العالم. عندما يظهر وسم جماهيري أو استياء من طريقة النقل، فإن التعاطي معه مسؤولية إستراتيجية. الجمهور اليوم ليس متابعًا صامتًا، بل طرف مؤثر في الرأي العام. تجاهل المطالبات أو عدم التعامل معها يُفقد القناة جزءًا من ثقة الجمهور ويضعف صورتها كمؤسسة إعلامية مسؤولة. في كثير من الدول، وعندما يحدث جدل جماهيري يتعلق بالنقل، يكون هناك رد سريع وواضح من القناة. الرد لا يكون دفاعيًا بل توضيحيًا، يهدف إلى الحفاظ على الثقة وبناء علاقة مع الجمهور. هذا ما تحتاجه القنوات السعودية اليوم، فالجمهور المحلي أصبح أكثر وعيًا ويقارن باستمرار. المطلوب ليس تقليد الآخرين، بل بناء نموذج سعودي احترافي يتعامل مع الجماهير كشريك في صناعة الحدث. الناقل الرسمي للدوري السعودي اليوم يحمل مسؤولية كبيرة تتجاوز حدود الملعب. فكل ما يُعرض ليس مجرد صورة عابرة، بل جزء من عملية تسويق تستهدف بناء مكانة عالمية للرياضة السعودية. لذلك فإن وجود آلية واضحة وسريعة للتفاعل مع الملاحظات الجماهيرية يُعد ضرورة. ما حدث بعد تلك المباراة لا يجب أن يُنظر إليه كأزمة، بل جرس إنذار إيجابي يؤكد أن الجمهور السعودي أصبح أكثر وعيًا وحرصًا على أن يظهر دوري بلاده بأفضل صورة. الكرة ليست مجرد مباراة، بل مشروع وطني كبير. والناقل ليس مجرد قناة، بل شريك في هذا المشروع. وكل وسم جماهيري لا يجب أن يُستقبل بانزعاج، بل كفرصة لتطوير المنظومة وتعزيز ثقة الجمهور. في النهاية، قوة الدوري لا تُقاس فقط باللاعبين والنتائج، بل أيضًا بجودة الصورة التي تصل للعالم. القناة الناقلة تمتلك مفاتيح هذه الصورة، والجماهير ليست خصمًا لها، بل حليف في نجاحها. وإذا استطاعت القنوات أن تبني جسور تواصل حقيقية مع الجمهور، وتتعامل مع الملاحظات بجدية واحترام، فإنها لا تحمي صورتها فقط، بل تسهم في بناء صورة رياضية تعكس ما يحدث على أرض الواقع من تطوير وازدهار في الرياضة السعودية.