الطب هو المهنة الأكثر نبلًا وإنسانية، وحلم كثير من الطلبة، ولكن كل سعودي حلم بدراسة الطب قبل عام 1967، كان عليه أن يحزم حقائبه ويودع أهله، ويتوجه للخارج ليدرس الطب، ولطموح الوطن ورغبة المواطن أنشئت أول كلية طب عام 1967، في جامعة الملك سعود بالرياض، تلتها كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة عام 1975، الذكور وحدهم كانوا يدرسون في كليات الطب حتى تم افتتاح كلية الطب للبنات في جامعة الملك سعود بالرياض عام 1974 أي بعد سبع سنوات من إنشاء كلية الطب. في الثمانينيات والتسعينيات، تأسست كليات أخرى مثل كلية الطب بجامعة الملك فيصل في الدمام سابقًا – والتي هي الآن جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، وكلية الطب بجامعة أم القرى في مكةالمكرمة عام 1996. وتوالت الكليات في مختلف الجامعات، حتى غطت جميع المناطق الرئيسة بالمملكة، ومع مطلع الألفية، شهدت المملكة قفزة نوعية في افتتاح كليات الطب الحكومية والأهلية، مما أتاح فرصًا أكبر لتخريج أطباء من الجنسين مؤهلين. واليوم يوجد أكثر من 30 كلية طب موزعة على مختلف الجامعات السعودية، جميع هذه الكليات تخضع لاعتماد أكاديمي صارم، وتبعًا أنشئت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية (SCFHS) في عام 1992 بموجب مرسوم ملكي، كهيئة علمية مستقلة لتنظيم مهنة الممارس الصحي في المملكة العربية السعودية، فهي توثق وتصنف المؤهلات الطبية، وتعتمد المراكز التدريبية، وتحت مظلتها عدد من التخصصات الطبية، كبورد سعودي، يؤهل الطبيب لأن يتدرج من طبيب مقيم لإخصائي ومن ثمّ لاستشاري في نفس المجال وهناك تخصصات دقيقة تتفرع من التخصص. البورد السعودي أو الزمالة السعودية وهي شهادة تعادل الدكتوراه في الطب، قوية في مستواها، معترف بها دوليًا، مما شجع أطباء غير سعوديين للالتحاق به لقوّته. وهناك أكثر من 160 مركزا تدريبيا معتمدا من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من خريجي كليات الطب، كل حسب التخصص الذي يرغبه مع مراعاة شروط كل تخصص، لا يوجد طبيب عام، وإن وجد فهو قليل جدًا. كل خريجي كليات الطب، يلتحقون ببرامج تدريبية تخصصية تختلف مدتها حسب التخصص من 4 - 7 سنوات، وتتابع الهيئة بعد ذلك، تصنيفهم حسب تدرجهم. لا أحد يصبح استشاريا بمجرد انتهاء الزمالة بل سيصبح أخصائيا وبعد مرور ثلاث سنوات من الزمالة من الممكن أن تعتمده الهيئة كاستشاري، أي يستغرق الأمر منذ التخرج في الكلية حتى يصبح استشاريا ربما عشر سنوات أو أكثر، في حال كان برنامج الزمالة سبع سنوات. شروط القبول في الزمالة ليست تعقيدًا، إنما للكفاءة والتميز. الطبيب السعودي أتيحت له أفضل الفرص، من تدريب محلي وبعثات خارجية، حسب ما يستدعيه التخصص، ليكون الأفضل والأول، فقد برع في إجراء العمليات المعقدة كزراعة الأعضاء وفصل التوائم السيامية، وأسهم بفاعلية في تطوير الخدمات الصحية. الطبيب السعودي ليس مجرد ممارس لمهنة، بل هو واجهة مشرّفة للوطن، يجمع بين العلم والإنسانية، ويسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030 نحو مجتمع صحي متكامل. لم يكن الطبيب السعودي ليحقق ذلك دون الدعم المستمر من حكومتنا الرشيدة. حفظ الله المملكة وحفظ قادتها وسدد خطاهم، ودام الإنسان السعودي ناجحًا ومشرفًا في كل مجال.. ودام عزك يا وطن.