في كل مجتمع، تبقى الأسرة هي اللبنة الأولى التي يُبنى عليها المستقبل. لكن حين يتحول البيت من مكان أمان إلى ساحة خوف، فإننا لا نتحدث فقط عن مشكلة اجتماعية، بل عن جريمة قانونية. العنف الأسري ليس مجرد خلاف بين زوجين أو توتر عابر، بل هو سلوك مُجرَّم بنص نظام الحماية من الإيذاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/52) بتاريخ 15 /11/ 1434 للهجرة. هذا النظام وضع إطارًا واضحًا لتجريم كل أشكال الإيذاء داخل الأسرة، سواء كان جسديًا أو نفسيًا أو لفظيًا أو حتى إهمالًا متعمدًا، كما أتاح للضحايا تقديم بلاغات والحصول على أوامر حماية. وبالرغم من هذا، ما زالت هناك فئة من الضحايا تفضل الصمت، خوفًا من الوصمة الاجتماعية أو من فقدان الاستقرار الأسري. هذا الصمت يُضعف فاعلية النظام، ويمنح المعتدي فرصة لتكرار العنف بلا رادع. ولذلك، لا بد أن نعيد التفكير في نظرتنا المجتمعية. القانون وحده لا يكفي إذا لم يكن هناك وعي بأن طلب الحماية ليس عيبًا ولا خيانة للأسرة، بل هو حماية للأسرة نفسها من الانهيار. إن مواجهة العنف الأسري تحتاج إلى شجاعة من الضحية، ووعي من المجتمع، وحزم من السلطات. وبين النصوص القانونية والواقع، يبقى صوت الضحايا هو الأهم، لأنه بداية الطريق نحو العدالة.