تُواصل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تطوير منظومة رعاية كبار السن، عبر توجه إستراتيجي يعكس أولوياتها في التنمية الاجتماعية المستدامة، ويُسهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 المتعلقة بجودة الحياة، وتمكين الفئات ذات الأولوية، وتعزيز المشاركة المجتمعية. وتقود الوزارة هذا التحول من خلال استراتيجية فرعية شاملة تهدف إلى الانتقال من النموذج التقليدي في تقديم الخدمة، إلى نموذج وطني أكثر شمولًا يستند إلى التمكين، ويعتمد على الحوكمة، وتوسيع الشراكات، وتنويع قنوات تقديم الخدمة، ضمن أطر تنظيمية تُراعي العدالة في الوصول، ورفع كفاءة الأداء، واستدامة الأثر. تأطير تنظيمي يحدد الأدوار ويوسّع نطاق المشاركة استندت الوزارة في هذا التوجه إلى النظام الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/47) لعام 1443ه، المتعلق بحقوق كبير السن وأوجه رعايته كل مواطن بلغ 60 عام فأكثر، الذي يُعد نقطة تحول في تنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع والأسرة، من خلال تحديد أدوار الجهات الحكومية والأهلية، وتوسيع نطاق المشاركة والاندماج، وضمان الرعاية، ضمن بيئة تنظيمية واضحة. وقد مكّن هذا النظام الوزارة من إعادة توزيع الأدوار، والانتقال إلى نموذج تشاركي بين كافة الأطراف المعنية، ويُحقق التوازن بين التمكين الفردي والمسؤولية الجماعية. نماذج تشغيل حديثة تعزز من كفاءة الخدمة ضمن هذا المسار، طورت الوزارة نماذج تشغيل متقدمة لمراكز كبار السن، تُنفذ من خلال الإسناد إلى جهات أهلية مرخصة ومؤهلة، وتراعي في تصميمها الأبعاد النفسية والاجتماعية والبيئية، مع إشراف مباشر من الوزارة لضمان الجودة والامتثال للمعايير. وقد شملت هذه النماذج تشغيل عدد من المراكز الأهلية التابعة للقطاع غير الربحي في مختلف المناطق، من أبرزها منتجع "إكرام" في الباحة، و"واحة الوفاء" في المدينةالمنورة والقصيم، و"مركز سعادة" في الشرقية، ضمن خطة توسع مدروسة تُراعي الاحتياج الجغرافي وتوزيع السكان. خدمات رقمية تدعم الوصول وتعزز الاستقلالية حرصت الوزارة على تطوير حلول رقمية تُسهّل استفادة كبار السن من الخدمات، وتُعزز استقلاليتهم في الوصول إلى الخدمات، شملت إصدار بطاقة امتياز كبار السن وإظهارها تلقائياً في تطبيق الوزارة أفراد وربطها بتطبيق "توكلنا"، إلى جانب إتاحة خدمة طلب الرعاية الإيوائية إلكترونيًا، وخدمة "الحق لكم" التي تُوفر قناة مباشرة لتيسير إجراءات الدعم لطلبات المستفيدين. ويمثل هذا التحول الرقمي امتدادًا لنهج الوزارة في تمكين المستفيد، وتعزيز الشفافية، وتبسيط الإجراءات، مع مراعاة احتياجات الفئة المستهدفة. دعم شامل وتسهيلات ميسّرة تُقدّم الوزارة منظومة متكاملة من الدعم تستهدف كبار السن، تشمل الضمان الاجتماعي المطور، وتوفير الأجهزة الطبية المساعدة، والمواقف المخصصة، والأولوية في تقديم الخدمات، إلى جانب خدمة "الشمولية الرقمية" التي تتيح التسجيل في برامج الدعم دون الحاجة لزيارة الفروع، مما يضمن تيسير الوصول للخدمة بكل يسر وخصوصية. كما نفذت الوزارة حملات توعوية متخصصة بحقوق كبار السن، بالتعاون مع مجلس شؤون الأسرة والشركاء في القطاع الحكومي والقطاع غير الربحي، لترسيخ الوعي المجتمعي وتعزيز الاحترام المتبادل. تمكين الجمعيات وتحفيز القطاع الخاص فعّلت الوزارة أدوار الجمعيات الأهلية من خلال الترخيص والتأهيل والمتابعة، وجرى تمكين العديد من الجمعيات لتكون شريكًا فاعلًا في تقديم الخدمات، وفق معايير واضحة تُعزز الكفاءة وتضمن الاستدامة. كما شجعت الوزارة القطاع الخاص على الإسهام في هذا المجال عبر برامج المسؤولية الاجتماعية، وتم إطلاق أكثر من 50 مبادرة نوعيةممولة من القطاع الخاص، تُنفذ بالتنسيق مع الجهات الشريكة، مما يُعزز التكامل بين القطاعات في خدمة هذه الفئة. منظومة قياس تدعم التحسين المستمر يُدار تنفيذ الإستراتيجية عبر منظومة متابعة دقيقة تعتمد على 16 مؤشرًا إستراتيجيًا تُغطي جودة الخدمة، ورضا المستفيدين، والتغطية الجغرافية. وقد أظهرت نتائج القياس حتى مايو 2025 تحقيق نسبة إنجاز بلغت 98% من الأهداف المرحلية، مما يعكس فاعلية التخطيط ودقة التنفيذ وتكامل الأدوار بين الشركاء. مسار وطني يُعزز الكرامة ويُنظم المشاركة من خلال هذا التحول، تُعيد وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تنظيم رعاية كبار السن ضمن نموذج وطني متكامل يُعزز الحقوق، ويُفعّل المشاركة المجتمعية، ويُكرّس الكرامة الإنسانية، في إطار يُنظم أدوار الأسرة والمجتمع ويدعمها، ويُوسّع نطاق الشراكة بين مختلف القطاعات. ويأتي هذا التوجه منسجمًا مع القيم الاجتماعية الراسخة في المجتمع السعودي، ومنسجمًا مع التوجهات الحديثة للتنمية الاجتماعية المستدامة، بما يُجسّد التزام المملكة بتطوير السياسات والتشريعات الاجتماعية وفق أفضل الممارسات المؤسسية.