من منظور فلسفي فرداني، الإنسان مسؤول عن أقواله وأفعاله فقط؛ لذا لا يُحاسَب أحد بذنب غيره، ولا يُفترض أن يُقيَّم إلا بمعيار تجربته، هذا الطرح يرسّخ مبدأ "الاستقلالية الفردية"، وهو جوهر كثير من الخطابات قديمًا وحديثًا لكن.. في الأعياد والمناسبات تذوب كثير من القناعات التي يربّينا عليها الخطاب الفرداني، فنستشعر أن الإنسان ابن بيئته، وابن اسمه واسم أبيه، مهما اعتقد عكس ذلك فهو ابن العائلة التي ينتمي لها من قبل أن ينطق اسمه، ومن قبل أن يعرف لغته حتى. هل لاحظت ما يحصل حين يُذكر اسم في غياب صاحبه؟ في كثير من الأحيان لا يُقال فلان فقط، ولو قيل فلان فقط.. يُتبَع تلقائيًا بجملة: "ولد فلان؟".. بالضبط.. الاسم لا يسير وحده، بل يسير مع سيرة وسمعة، لا تصنعها وحدك للأسف ولا تملكها كاملة. خضتُ مواقف كغيري تعلمت فيها أن ما يصدر عنك لا يعود إليك وحدك إيجابًا وسلبًا سواء تصرفاتك أو منطوقك، أفعالك وأقوالك فهي قد ترسم صورة أبيك أو أمك في عيون من لا يعرفهم إلا من خلالك. واجتماعيًا، الاسم لا يُنسى.. لا يُغفر له بسهولة ولا يُفصل عن سلوك حامله، مهما برّرنا ذلك في داخلنا بنظريات "أنا مسؤول عن نفسي فقط"، وهذا صحيح في مواضع عدة، ولكن ما تبنيه أو تهدمه، لا يقف على عتبة ذاتك فقط، بل يُكتب على الباب الرئيسي لبيتكم، لذا كان أنبل ما يمكن أن نقدمه لمن نحب هو أن نكون غطاءً لا عبئًا، وأن نكون من يرفع الاسم لا من يُعتذر بدلًا عنه وأن نكون من يضيف للسمعة فيزيدها طيبًا! الله الله بالوعي، الوعي بأنك لست وحدك في المشهد، ولو بدوت كذلك.. وأن كل خطوة يرافقك فيها ظلّ لا تراه، اسمك..وأسماؤهم. فكّرت بكتابة هذا لأن المناسبات تُذكّرنا، حين نُسلّم ونُبارك فنُسأل عن حال الوالد، والوالدة، والأهل.. ولأننا نعيش وسط توهج الذات، نعمةٌ أن تأتينا المناسبات كواحدة من أجمل لحظات الصدق التي نرى فيها توهج ذواتنا ضمن مدىً أكبر.