في موسم الحج، حيث الملايين يتقاطرون من أقطار الأرض نحو البيت الحرام، يتكرر كل عام مشهد مهيب، ملايين من رؤوس الأنعام تذبح امتثالا لشعيرة الأضحية، وربما يتساءل كثيرون عن الجهات التي تذهب إليها هذه الأضاحي، فهل تهدر؟ أم يأكلها الحجاج وحدهم؟ والحقيقة أنّ خلف هذا السؤال قصة ليست أقل بلاغة من ألف تقرير صحفي ولا مائة بيان رسمي، إنها قصة مشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من الهدي والأضاحي، المشروع الذى بات يُعرف ببساطة باسم «أضحيتي». هذا المشروع، الذي تأسس عام 1403ه (1983م)، كان تجسيدًا لفكرة تحويل الشعائر إلى نفع مباشر، لا للحاج وحده، بل لكل محتاج في أرجاء العالم الإسلامي. يتولى البنك الإسلامي للتنمية، بتكليف من حكومة المملكة، الإشراف على هذا المشروع الضخم، ووراءه لجنة متعددة الأطراف من الجهات الحكومية ذات العلاقة، مهمتها ضمان أن كل أضحية وكل هدي يتم وفق أفضل المعايير والممارسات ذبحًا وحفظًا ونقلًا وتوزيعًا. ملايين الكيلوجرامات من اللحم توزع كل عام على المستفيدين في أنحاء متفرقة من العالم الإسلامي، عبر سلسلة خيرية عابرة للحدود، ترسم خريطة واسعة من العطاء الإنساني. والأجمل أنّ المشروع تطور فإذا بالحاج اليوم يستطيع بضغطة زر وعبر الموقع الإلكتروني، أن يختار أضحيته ويدفع ثمنها، ويتلقى تقريرا مفصلا بتفاصيلها، وهو ما يجمع بين متطلبات العصر الحديث وروح الشعيرة، التي يتقرب بها المسلمون إلى الله بتقديم ذبح من الأنعام. لقد قرأت كثيرا عن مشروعات إنسانية حول العالم، عن برامج الأممالمتحدة، وعن جهود الجمعيات الخيرية، وعن حملات الإغاثة، لكن قليلا ما رأيت مشروعا يربط بين المقدس والإنساني، بين ما يطلبه الله وما يحتاجه عباده، كما يفعل مشروع «أضحيتي».