تسخير الذكاء الاصطناعي    قمة منتظرة.. باريس سان جيرمان يواجه تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    ضبط 21058 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    أسعار النفط تتأهب لمزيد من التراجع الأسبوع المقبل    160.8 ألف قطعة سكنية لمخططات الأراضي المعتمدة    الذهب يغلق الأسبوع مرتفعاً 1 % مع قوة الطلب والرسوم الجمركية الجديدة    ختام مشروع "كي أكون" في نسخته السادسة بجمعية التنمية الأهلية بأبها    رئيسة المكسيك: واثقة من التوصل لاتفاق مع أمريكا بشأن الرسوم الجمركية    خطة تمنع 700 ألف فلسطيني من العودة إلى بيوتهم    المدخلي رأس خصوم الإخوان    محافظ جدة يحضر حفل قنصلية فرنسا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    جدة تستضيف الجولة الرابعة من بطولة العالم لسباقات الزوارق السريعة F1H2O    الفارس"المبطي"يحقق المركز الثاني في بطولة ڤالكينزڤارد بهولندا    الأهلي يلاقي تيرول النمساوي    ديمبلي عين على اللقب وأخرى على الكرة الذهبية    Bitcoin تسجل أعلى مستوياتها في 2025    "إغاثي الملك سلمان" .. تخفيف معاناة المحتاجين والمتضررين    اطلاق النسخة الثانية من مشروع "رِفْد" للفتيات في مدينة أبها بدعم من المجلس التخصصي وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    موهوبون يخوضون تجارب علمية في "الملك سعود"    «الثقافة» تطلق فعاليات الأسبوع الثقافي السعودي في أوساكا    بحضور عشرة آلاف متفرج.. عمرو دياب يدهش جمهور موسم جدة    إطلاق مشروع "صيف زهر" للفتيات في مدينة أبها بنسخته الرابعة    نائب أمير الرياض يشرف حفل السفارة الفرنسية.. ويطّلع على جهود "الأمر بالمعروف"    خطيب المسجد الحرام: تلطفوا بعباد الله وأحسنوا إليهم    الكتاب العظيم يستحق مشروعا عظيما    شراكة استراتيجية لتعزيز رعاية مرضى القلب    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يشغل مركزاً متخصصاً في علاج القدم السكرية والجروح المزمنة    البغض قيد في الروح وظلام في القلب    هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    الفريق البريطاني"Team Redline" يحرز اللقب الأول ضمن بطولات كأس العالم للرياضات الإلكترونية        27 ألف زائر لبيت حائل    تهنئة كيريباتي بذكرى الاستقلال    أبرز مناطق ومصادر تكوُّن الغبار في المملكة    موسكو تحذر واشنطن وسول وطوكيو من تشكيل تحالف أمني ضد كوريا الشمالية    القبض على هندي ومواطن لترويجهما «الإمفيتامين» في المدينة المنورة    رئيس هيئة الأركان العامة يتفقد منظومة الدفاع الجوي «ثاد»    "معهد الابتكار بجامعة أم القرى يستقبل طلاب "موهبة من مدارس الفلاح" في جولة علمية تعريفية"    "ختام ملتقى خريجي البلقان في تيرانا بتأكيد الشراكة التعليمية والثقافية مع الجامعات السعودية"    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالرحمن بن صالح الشثري    تدريب طلاب موهبة على DNA في المختبرات بتجارب واقعية    بعد رحيله عن النصر.. بيولي إلى فيورنتينا    "السياحة" تضبط 10 مكاتب خدمات سفر وسياحة مخالفة في الرياض    الأرصاد: عوالق ترابية في جازان والرؤية الأفقية تتدنى إلى 1 كم    اكتشاف أربعة أنواع فرعية من التوحد مرتبطة بمتغيرات جينية وسمات متقاربة    تايلاند تسجّل 40 إصابة بجدري القرود    "الشؤون الإسلامية" تُكمل فرش جامع الملك فهد في سراييفو    مشاري بن جلاله عريساً    من قلب أفريقيا إلى السعودية: الغبار الأفريقي ينتقل عبر البحر الأحمر    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على جهود لجنة مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    وفاة بزه بنت سعود وعبدالله بن سعود    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



له 8 شهور ما داوم
نشر في الوطن يوم 13 - 08 - 2020

تزايدت في الآونة الأخيرة وبشكل ملفت محاولات التهكم والتندر على المعلمين والعاملين في السلك التعليمي على وجه العموم. بل لا يكاد يمر أسبوع دون أن يتجدد الحديث عنهم، إما من خلال محاولة الاستنقاص من مهامهم وأدوارهم الفاعلة، أو حتى من الحديث عن طول مدة إجازتهم! العجيب في الأمر أن أولئك الساخرين منهم، هم على تماس مباشر معهم إما من خلال أبنائهم أو أفراد أسرهم، فبالتالي هم يقفون على المشهد ويدركون تمام الإدراك حجم الجهد الكبير المبذول من قبل المعلمين.
تنفرد مهنة التعليم بخصوصية قلما تجدها في بقية المهن وهو ما لا يتفهمه من يقيسون تقييمهم للمعلم بطول مدة الإجازة وساعات العمل فقط دون أن يبحروا في تفاصيل تلك الساعات. وما الذي يقدمه المعلم من تضحيات في سبيل بناء وصناعة جيل يمثل رافداً لوطنه.
مهما كانت الفئة العمرية والمرحلة الدراسية التي يتعامل معها المعلمون، فهم يقومون بثلاثة أدوار في مهنة واحدة، آباء وأمهات لطلاب وطالبات، ثم مربي أجيال وأخيرا معلمون. وحينما أذكر التضحيات فهنا نتحدث عن المفهوم الواقعي للتضحية بكل ما تعنيه الكلمة.
فالمعلم يتحمل العديد من المسؤوليات المناطة به خارج نطاق واجبه التعليمي. نجده يتحمل تقصير الأسرة أو إهمالها لأبنائها، فيتحول من معلم إلى مربٍ وأشبه بالأسرة الثانية للطالب، وهو أمر غاية في الصعوبة والتعقيد. فتفهم مشكلات الطلاب وظروفهم والتكيف معها، ومحاولة معالجتها، جميعها عقبات تواجه المعلم بشكل يومي. بل إنهم في أحايين كثيرة يرممون تشوهات التربية وعوامل تعرية موجات التنمر التي يواجهها الأطفال في المدارس، ومن زاوية أخرى هم من يتصدى لكل إفرازات مرحلة المراهقة السلبية من أذى يتلقونه بشكل مباشر على أجسادهم أو غير مباشر على ممتلكاتهم.
حاول مرة أن تنسى مصروف ابنك، سيمر اليوم في الغالب بشكل طبيعي دون أن يشعر بشيء! لأن المعلم والمعلمة سيحلان محلك وسيعطيان الطالب من مالهما الخاص كي لا يشعر بتقصيرك أو بالنقص مقارنة بأقرانه وزملائه.
ذنب المعلمين الوحيد أن عملهم بعيد عن الفلاشات وبهرجة التظاهر. فهناك قصص نسمعها من المقربين عن كيف يتحملون فضول الأطفال ومشاكساتهم، هذا في الجانب الإيجابي، وحالات يصعب التفصيل فيها من قضاء الحاجة، وتحمل إفرازات التعب والحمى للطلاب في الجانب السلبي، وأشياء أخرى قد لا يقومون بها في الوضع الطبيعي وخارجة عن حدود المهنة.
أما عما يحدث داخل الفصول من إيصال المادة العلمية، ومواكبة آخر التطورات والسبل التدريسية، والتعامل مع مستويات متفاوتة من قدرات الطلاب، والتجاوب مع استفساراتهم، والمتابعة معهم بشكل تقويم مستمر، يعطي مؤشراً عن حجم التحديات التي تواجه المعلم.
كما أن ساعات العمل للمعلم التي باتت الشغل الشاغل للكثير من المتهكمين، ليست مقتصرة على التواجد المدرسي وأثناء ساعات العمل المقررة فحسب، بل إن مهام التحضير وتجهيز المادة العلمية، والوقوف على تقييم الاختبارات والواجبات المدرسية للطلاب، والأعباء الإدارية الأخرى، هي جزء من صميم عمل المعلم على مدار الساعة.
وبالغوص أكثر في حجم المعاناة في يوم المعلم المهني الروتيني، لا يمكن لنا أن نغفل ذلك الشعور المرهق لبعض المعلمين والمعلمات الذين يقطعون مسافات مترامية النهايات من أجل إيصال رسالتهم التربوية والتعليمية دون كلل أو ملل. فحجم الإرهاق اليومي وخطورة التعرض لأي حادث سير يوميا، معاناة لا يدركها الكثير ممن استكثروا مدة الإجازة على هذا التعب اليومي المرهق.
السخرية من المعلم ومهنة التعليم لها انعكاسات خطيرة على المدى البعيد، فهذا الهجوم الشرس وتسطيح مهامهم وجعلهم في دائرة البطالة المقنعة، جميعها ممارسات كفيلة بأن تهز من صورة المعلم أمام النشء تحديداً وأمام المجتمع بعمومه. وماذا سيحدث للمجتمع عندما يتم إسقاط قيمة المعلم الذي كاد أن يكون رسولا! هو إسقاط لمفهوم القدوة وتمييعه، بل إن حجم احترام الطالب للمعلم سيتناقص خصوصا وأن جل وقت الطلاب يقضونه متنقلين بين منصات التواصل وهم يشاهدون تلك الممارسات ضد المعلمين.
تدرك الدولة - حفظها الله- أهمية هذه المهنة في بناء المجتمع باعتبارها أهم المرتكزات التي تقوم عليها الأوطان. فهم صناع الأجيال، وهم القادرون على تشكيل وعي ورقي المجتمع، والمساهمة في تجهيز كوادر تنهض بعجلة التنمية، لذا حفظت حقوقهم.
فقط تبقى على الجميع أن يعي هذا الدور والأهمية.
يقول نجيب محفوظ: يمتلك المعلم أعظم مهنة، إذ تتخرج على يديه جميع المهن الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.