ختام بطولة هاوي لكرة القدم في الرياض    تاسي يتراجع وسماسكو يرتفع بأولى جلساته    ولي العهد يبعث برقية لدولة رئيسة وزراء إيطاليا    وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني: ملتقى إعلام الحج.. نقلة نوعية    ارتفاع قيمة صفقات النفط والغاز الأميركي ل200 مليار دولار    تدشين تجربة التاكسي الجوي ذاتي القيادة لأول مرة في موسم الحج    53 طائرة سعودية لإغاثة أهالي غزة    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في ضحايا حريق المنقف    داني لينون : اسكتلندا بإمكانها تحقيق مفاجأة أمام ألمانيا في افتتاح يورو 2024    طوق أمني حول العاصمة المقدسة    رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    المملكة تستعرض جهودها لتطوير قطاع الإبل في إيطاليا    المنتخب السعودي للفيزياء يحصد خمس جوائز عالمية في الأولمبياد الآسيوي    وصول ذوي «التوائم» ضمن ضيوف خادم الحرمين للحج    الشؤون الإسلامية في جازان تنهي تجهيز أكثر من ١٢٤٠ جامعًا ومصلى للعيد    خطوات هانتر بايدن بعد إدانته بتهم الأسلحة الفيدرالية    المركزي الأمريكي يثبت أسعار الفائدة ويتوقع خفضا واحدا هذا العام    إسرائيل ترفض تقريرا يوثق جرائم الحرب المرتكبة في غزة    «الصحة العالمية»: غزة تواجه مستوى كارثيا من الجوع وظروفا تصل لحد المجاعة    ترميم صمام ميترالي لثلاثيني    أخضر الملاكمة التايلندية ينتزع ذهب العالم    الهلال يبدأ الدفاع عن لقبه بالبكيرية    اللواء الفرج يؤكد تسخير إمكانات الدفاع المدني لأمن وسلامة ضيوف الرحمن في موسم الحج    الداخلية الكويتية: ارتفاع عدد الوفيات من جراء حريق المنقف إلى 49 حالة    100 مليون يورو تنقل روديغر إلى النصر    إطلاق خدمة الإسعاف الجوي لخدمة ضيوف الرحمن    2300 موظف لرقابة الأسواق والمسالخ بالرياض    45 كشافًا من تعليم جازان يشاركون في خدمة ضيوف الرحمن    جمعية الصم تطلق نصائح الحج بلغة الإشارة للصم وضعاف السمع    رئيس الاتحاد الآسيوي: التصفيات الآسيوية أظهرت انحسار الفجوة الفنية بالقارة    صحة الشرقية تنظم فعالية حج بصحة بالشراكة مع مطارات الدمام    هيئة الأدب والنشر والترجمة تختتم النسخة الثالثة من مبادرة «الشريك الأدبي»    الرئيس الفرنسي يطالب الأحزاب الديمقراطية بالتحالف معه قبل الانتخابات    جوالة جامعة جازان تشارك في معسكرات الخدمة العامة بموسم حج هذا العام    ارتفاع أعداد الجامعات السعودية إلى 32 جامعة في تصنيف التايمز للجامعات ذات التأثير في أهداف الأمم المتحدة    بدء التسجيل العقاري في 8 أحياء شرق الرياض ابتداءً من 17 ذي الحجة    الواجب تِجاه المُبدعين فِكرياً وأدبياً وعِلمياً    الصحة تنقل 18 حاجًا عبر 31 عربة إسعافية من المدينة إلى المشاعر المقدسة    فرصة لهطول الأمطار على مرتفعات مكة والجنوب وطقس شديد الحرارة بالرياض والشرقية    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    وزير الإعلام يزور جناح" سدايا"    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان (2 2)    خالد وهنادي يردان على تنبؤات ليلى حول طلاقهما ب«آية قرآنية»    شكراً..على أي حال    العدو الصهيوني    اتفاقية بين «المظالم» و«مدن» للربط الرقمي    أبناء الطائف ل«عكاظ»: «عروس المصايف» مؤهلة لاستضافة مونديال 2034    حج بلا أدلجة أو تسييس!    وفد شوري يزور «مَلكية الجبيل» ورأس الخير    10 نصائح من استشارية للحوامل في الحج    تحذير طبي للمسافرين: الحمّى الصفراء تصيبكم بفايروس معدٍ    «التهاب السحايا» يُسقط ملكة جمال إنجلترا    "الأمر بالمعروف" تشارك في حج هذا العام بمنصات توعوية متنقلة لخدمة الحجاج    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على منيرة بنت محمد بن تركي    الموافقة على أفتتاح جمعية خيرية للكبد بجازان    شركة مطارات الدمام تعقد ورشة عمل لتدشين 'خدمتكم شرف'    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    أمن الحج.. خط أحمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسان أولاً… أياً كان
نشر في الوكاد يوم 07 - 04 - 2020

نعيش تراجيديا حقيقية، ليست خيالات، ولا نصوصاً فيلمية، ولن نخرج بعد قليل من صالة العرض! هذا واقع، إننا نتسابق ضد فيروس مجهري للوصول إلى خط النجاة. مؤشرات كثيرة تدعونا للتفاؤل بانحساره، لكن هذا الانحسار، وقته، وتوقيته، ومداه، يعتمد على سياسات حكومية بحتة، تُفرض ولا تشاور، لأن الوقت ليس في صالح الإنسان في هذه المعركة.
تجربة لن ينساها من عاشوها، سواء أصيبوا بالمرض أم عاصروا المحنة، بالترقب والخوف من الحاضر، والقلق من المستقبل. ولدى الحكومات ما يكفي من دروس في هذه الأزمة لتعيد حساباتها من جديد وترتب أولوياتها. من أكثر ما لفتنا وعلقنا عليه، نحن سكان منطقة الشرق الأوسط تحديداً، المنطقة المضطربة دائماً، أننا شاهدنا الدول الغربية تتردد وتتلكأ في التعامل مع الفيروس بداية، خوفاً من التبعات الاقتصادية التي ستواجهها نتيجة اتخاذ الإجراءات الاحترازية التي تتطلب وقف النشاط التجاري وحركة النقل وغيرها. كلنا نظرنا بعين الدهشة للحكومات الغربية التي كانت تلاحقنا في ملفات حقوق الإنسان. كنا نظنها تفعل لأسباب إنسانية، لكنه اتضح أن هذه المبادئ القيمية هشة، سقطت عند عتبة أول فيروس، وانكشفت هذه الادعاءات بأنها كانت أداة سياسية للضغط على الدول النامية. الدول التي لم تراعِ الإنسان ولم تضع حياته وسلامته أولوية، عليها ألا تنظّر حول حقوق الإنسان. فهمنا الدرس.
كل هذا صحيح، وحصل، بلا مواربة. لكني أتذكر الآن، في هذه اللحظات من المراجعة، مشهداً لطبيب إيطالي يبكي بحرقة، لأن الظروف جعلته في موقف قاسٍ، حتمت عليه أن يختار من يعيش ومن يموت من مرضاه، لأن أجهزة التنفس لا تكفي الجميع. الطبيب تحديداً، هو الإنسان الوحيد الذي يجب ألا يكون في هذا الموقف، لأنه تعهد بتقديم المساعدة لكل الناس بلا انتقاء أو استثناء، وحكومته التي أخطأت، مثل كثير من الحكومات، في إيلاء الأهمية القصوى للرعاية الصحية، عليها أن تتحمل التبعات. هذا الطبيب ومثله كثيرون في إسبانيا وفرنسا والصين وإيران وغيرها، يشعرون بمسؤولية كبيرة تجاه مرضاهم، وفهمٍ أعلى بقيمة عملهم الأسمى والأنبل على الإطلاق.
لكن، حتى نكون منصفين، علينا أن ننظر للصورة بشكل شامل، ونرى أن بعض الدول في منطقتنا، الغنية بمقدراتها، التي تملك أنظمة وبنية تحتية جيدة للرعاية الصحية فشلت فشلاً مخجلاً في مراعاتها لحقوق الإنسان خلال هذه الأزمة، لذلك على المتحمسين في انتقاد الغرب أن يتمهلوا. نعم شاهدنا دولاً غربية لم تحتوِ الأزمة كما يجب، وعرّضت سكانها للموت أو الألم، لأنها لم تسارع في حمايتهم خوفاً على أجندتها الاقتصادية، لكن كيف نفهم أن يتعرض الإنسان للإهمال والتهميش والتحقير، حتى يصيبه المرض الفيروسي ويموت، فقط لأنه لا يحمل جنسية البلد، أو لأنه جاء من بلاده بعلاقة تعاقدية! هذا عار، هذه انتكاسة إنسانية مريعة. أسوأ ما قد نسمعه ونراه، أن يصرّح طبيب عن احتقاره واشمئزازه من مريض، أياً كانت الأسباب؛ شكله، رائحته، جنسيته. هذا الطبيب نسي أنه درس مقرراً عن أخلاقيات المهنة، نسي أنه أقسم اليمين أن يؤدي عمله بإخلاص، وأن يسخّر علمه لصون حياة الناس من دون تفريق بينهم.
دول الخليج تحديداً، تعتمد كثيراً على عقود العمل من الخارج في مهن كثيرة على مستويات مختلفة، وسواء كان هذا الأجنبي عامل نظافة أو خبيراً تقنياً، فله الحق أن يحظى بحقوقه الإنسانية كافة من دون تجريح أو إهمال. مشاهد بائسة لعمال بالعشرات يسكنون غرفاً صغيرة لا تتوفر فيها أدنى معايير السلامة، محرومون من أجورهم، لأن شركاتهم كفت أيديهم عن العمل لاحترازات تفشي الفيروس. حتى القوى الناعمة؛ الإعلام والفن، ظهر بعض أصحابها بمظهر وحشي بدعوتهم لترحيل العمال الأجانب البسطاء، والتعبير عن النفور منهم. هذه الدول غنية، تكلفة علاج العمال وتهيئة بيئة نظيفة لسكنهم وحياتهم لن يكون عبئاً ثقيلاً، لكن الحقيقة أن هذه الأزمة كشفت عورة بعض المجتمعات التي لم تغير فيها الطفرات المالية، ولا التعليم، ولا الثقافة الأجنبية، من جرعة الشرّ في نفوسهم، لم تهذبهم بالأخلاق، ولم تغنِ وجدانهم بالعطف، لم ترفعهم من وحل العنصرية وتحقير الآخرين.
ما عشناه في الأسابيع الماضية كان مكاشفة، مفاجأة، لم نحسب لها حساب. كل من يعلق وينتقد ويعاير الغرب بسبب أزمة «كورونا»، عليه أن يطالع نفسه في المرآة أولاً. الإنسانية ليست رفاهية نختارها أو ننبذها، بل هي الفضيلة الأولى على الإطلاق التي تجعل منا أسوياء.
شكراً للحكومات الخليجية التي بادرت بالإعلان عن علاج كل المقيمين على أراضيها، حتى ذوي الإقامة غير المشروعة، والتكفل برعايتهم صحياً، مثلهم مثل المواطن. وللحكومات التي أمّنت للأجانب العودة لبلادهم مجاناً، والإبقاء على العلاقة التعاقدية معهم حتى عودتهم. شكراً لكل حكومة أو ممارس صحي أو منبر إعلامي أو أي صوت، وضع حياة الإنسان قيمة أولى، أياً كان هذا الإنسان.
نقلا عن الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.