يجري خلط في وسائل الإعلام المختلفة بين الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي والاستثمارات الحكومية، حيث تجري الإشارة باستمرار إلى مجموع الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي على أنها استثمارات أجنبية للحكومة السعودية. وهذا الخلط ناتج عن قصور في فهم وظائف مؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي للمملكة) والأموال المودعة فيها والمطلوبات من المؤسسة. وتقوم المصارف المركزية حول العالم بثلاث وظائف رئيسة تتمثل في إصدار العملة الوطنية وتغطيتها بالأصول اللازمة، وإدارة السياسة النقدية وقيامها بدور مصرف المصارف التجارية، كما تتولى الأعمال المصرفية للدولة. وتقوم مؤسسة النقد العربي السعودي، إضافة إلى ذلك بإدارة جزء كبير من أموال عدد من المؤسسات العامة. وتصدر مؤسسة النقد العربي السعودي الريال السعودي وتتعهد بالدفاع عنه، ولهذا فإن عليها الاحتفاظ بأصول كافية لتغطية النقد المصدر سواءً كان متداولاً في الأسواق أو غير متداول. وكان الإصدار النقدي في السابق يغطى جزئياً بالذهب وبالعملات الممكن تحويلها إلى ذهب. وبعد التخلي عن الذهب كغطاء للعملات، جرى خفض كبير لتغطية العملات المصدرة بالذهب. ويغطى النقد المصدر في الوقت الحالي بحقوق السحب الخاصة والعملات الأجنبية الرئيسة. ويوجد حسب بيانات نهاية الربع الأول من عام 2011م إصدار نقدي بنحو 139 مليار ريال، وهذا الإصدار النقدي مغطى بكميات صغيرة من الذهب وحقوق سحب خاصة وبعملات أجنبية مساوية لهذا المبلغ. ولهذا فإن جزءا من الموجودات الأجنبية لدى المؤسسة أصول لمؤسسة النقد العربي السعودي تستخدمها لتغطية إصدار الريال. كما تدير المؤسسة السياسة النقدية للمملكة وتتصرف كمصرف للمصارف التجارية، حيث تطبق السياسة النقدية وتشرف على التزام المصارف بالأنظمة المصرفية والسياسة النقدية. وكجزء من السياسة النقدية تلزم المصارف التجارية بإيداع جزء من موجوداتها في المؤسسة كمتطلبات إيداع إلزامية. وبلغت متطلبات الإيداع الإلزامية 56.9 مليار ريال في نهاية الربع الأول من عام 2011. كما تودع المصارف أيضاً ودائع أخرى فائضة أو لأغراض أخرى تقدر بنحو 97.6 مليار ريال في نهاية الربع الأول من عام 2011. وبهذا يبلغ مجموع ودائع المصارف التجارية نحو 154.4 مليار ريال. وتدير المؤسسة الجزء الأكبر من أموال المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية اللتين يقدر مجموع أرصدتهما لدى المؤسسة بنحو 428.4 مليار ريال عند نهاية الربع الأول من عام 2011. وهاتان المؤسستان مستقلتان عن الدولة، ولهما ميزانيتان مستقلتان عن الدولة. وتدار موارد مؤسستي التقاعد من أجل الصرف على المتقاعدين ولا تعتبر أصولهما أو إيراداتهما من أصول أو إيرادات الدولة. وإضافة إلى ذلك تدير مؤسسة النقد العربي السعودي محافظ لصناديق التنمية المختلفة، التي أهمها صندوق الاستثمارات العامة والبنك السعودي للتنمية. وتقدر حسابات صناديق التنمية لدى المؤسسة في نهاية الربع الأول من عام 2011 بنحو 111.6 مليار ريال. وهذه الصناديق لها ذمة مالية منفصلة عن الحكومة المركزية وتخدم أغراضا معينة، ولهذا فإن إيراداتها لا تدخل ضمن الإيرادات العامة للدولة. وتوجد ضمن المطلوبات من المؤسسة مبالغ كبيرة بلغت 567.6 مليار ريال في نهاية الربع الأول من عام 2011، وصنفت هذه المبالغ بأنها مطلوبات متنوعة أخرى. وتتضمن هذا المبالغ إيداعات المصارف التجارية البالغة نحو 95 مليار ريال، أما المتبقي أو نحو 473 مليار فمطلوبات أخرى غير محددة في البيانات المنشورة. ونظراً لكبر هذه المبالغ حبذا لو تفضلت المؤسسة بإيراد تفاصيل أكبر عن ماهية هذه المبالغ. وقد يكون جزء من هذه المطلوبات لجهات حكومية، لكن لا يمكن الجزم بهذا. وفي الجهة المقابلة بلغ إجمالي موجودات مؤسسة النقد العربي السعودي الأجنبية من أوراق مالية (سندات) وعملات وأرصدة في مصارف أجنبية 2317.3 مليار ريال تقريباً في نهاية الربع الأول من عام 2011، وهو ما يساوي نحو 618 مليار دولار. ومع أن هذا الموجودات ضخمة إلا أن جزءا كبيراً منها لا يخص الدولة، إنما يعود إلى جهات أخرى. والأرصدة التي تعود للدولة تقتصر على إيداعاتها في المؤسسة. وبلغ إجمالي أموال الدولة المودعة لدى المؤسسة نحو تريليون ريال، أو نحو 267 مليار دولار في نهاية الربع الأول من عام 2011. أما باقي الموجودات الأجنبية لدى المؤسسة فتستثمر لمصلحة جهات أخرى أهمها مؤسستا التقاعد وصناديق التنمية والمؤسسة ذاتها. ويسري الشيء نفسه على الموجودات الأجنبية لباقي دول العالم، فهي تدار وفق ترتيبات خاصة من قبل المصارف المركزية وتعود تلك الموجودات للحكومات المركزية والمصارف التجارية وبعض المؤسسات العامة والمصارف المركزية ذاتها. والمصارف المركزية مستقلة مالياً عن الحكومات المركزية ولديها أموال أخرى مودعة لجهات أخرى غير الحكومات. نقلا عن الاقتصادية السعودية