حينما تلسعك بعوضة جميلة تمدّ يدك وبشكل لا إرادي لهرش مكانها بعد أن تكون «الفاعلة» قد «طارت برزقها» محتفلة بدمك! وقد تطلق سيلاً من الشتائم حانقاً بينما تتحسس أصابعك «هرشاً» موضع اللسع وليس بوسعك سوى مراقبة النتيجة بأسى! فهل تبادر إلى ذهنك حينها سؤال -أو عدة أسئلة- عن مدى «إجرامية» البعوض باعتدائه الصارخ على جلدك ودمك؟! بالطبع فأنت تراها معتدية آثمة ما اختارت جسدك إلا بغياً! وتزيد على ذلك بأنها مفترية و»ذكية» في وسائل هجومها؛ فهي حلّقت فوق جسدك بسكون تام؛ ثم رصدت الأجزاء المكشوفة من بدنك بجهازها الحراري الخاص وعيونها «المائة»! محددة «مدرج الهبوط» بدقة لتحطَّ عليه بنعومة وخفّة؛ ثم تشرع في العمل وتجهز أدواتها -استباقاً لردة فعلك العنيفة التي قد تقضي عليها- لذا تقوم بتحليل سريع لفصيلة دمك! فإن كان موافقاً ل»شهيتها» شفطته –بدم بارد- بعد حقنك بمادة مخدرة -لا يستطيع حتى جهازك العصبي اكتشافها- وإلا غادرت في الحال إن لم تستسغ «الطَعم»! وجود البعوض بالحياة أمر طبيعي؛ إنما في حال تركت الحال على ما هو عليه دون تحرّز بالقضاء على مسببات وجودها أو مكافحتها ودون مبادرتك لامتلاك أدوات الحماية من «لسعها» فإن الوضع سيبقى كما هو دون تغيير! ستكون معرضاً لآلام لسعها واحتمال الإصابة بالأمراض التي تنقلها؛ ولن تفيد خطبك العصماء ولا بلاغتك ولا تذكيرك إياها بالمصير الذي ستلقاه في حال مهاجمتك شيئاً في حال لم تتخذ الأدوات الصحيحة لمجابهتها! فهي «كائنات» عملية وذكية ولا تهتم بوسائل دفاعك الصوتية! تخيل أن تحطّ على ساقك واحدة منها فتقرأ عليها قصيدة لعنترة بن شداد أو تذكرها «وعظاً» بجرمها هل تراها ستكف؟! بالطبع لا! وكذلك «الفساد»!