كلُّ شيءٍ فيَّ قد تغيّر، حتى ظِلّي في الأرضِ، هو الآخرُ قد امتدَّ طولاً يذرعُ الأرضَ مَرَحَاً، بينما منكباي انبعَجا بتلقائيّةِ «مسؤولٍ» على وفق قياسات عرضِ الكرسيِّ الأثيرِ فخامةً، وأما يَدايَ فلقد استطالت بحيثُ بِتُّ أتمكّنُ مِن الوصولِ إلى أخذِ أيّ شيءٍ أبتغيهِ، دون أن أُكلّفَ نفسي عناءَ حركةٍ أو قيام. و في الأثناءِ التي أُلقِيتْ على ملامِحي وسامةً يوسفيّةً مُغريةً، لم أكن قد رأيتُهَا قبلاً إذا ما وقفتُ قبالةَ المِرآة، وجدتُ جسدي يعودُ بضّاً عشرينيّاً، وقد دُحِيَ فحولةً من هامتي وحتى أخمصي، ما هيّأني مستقبلاً للترشحِ اقتراناً بأربع. لا ريبَ، بأنّه ليسَ ثمّةَ مِن أحدٍ، يمكنهُ أنْ يُصدّقَ بأنّ واحداً كحالي، كانَ لا ينفكُّ شِكايةً مِن: «تأتأةٍ» و: «فأفأةٍ» تعتورُ جهاز نُطقي، بحيثُ لا تستقيمُ معهما الجملةَ الواحدةَ، إذا ما ابتغيتُ عقبَ جهدٍ ومُغالبةٍ أن أتلفّظَ بها، وتزيدُ من غلواءِ عنتِها رائي البغيضة، تلك التي لا تفتأُ تستحيلُ غيناً تترطّبُ بلعابٍ لَزِج، ناهيك عن سينٍ تأبى -هذه المفعوصة- أن تخرجَ مِن فمي إلا قهرَاً، و تفرِضُ علىَّ خروجاً إلا بصحبةِ شقيقَتِها الشين!.. هل أنّ أحداً فيكم -فعلاً- يمكنه التصديق، بأنَّ مَن كانت هذه حال: «جهازه الصوتي» قد أضحَى فُجأةً، يتمتّع بصوتٍ عندَليبيّ الأداءِ ينسابُ بعذوبةِ موسقةٍ تتهادَى جَذلةً، وبمخارج حروفٍ تذكرك بعبدالباسط! أو ب (السّت أم إبراهيم)!؟ ومِن العجائبِ والعجائبُ جمّةُ، أنّي إذا ما تفوّهتُ بنكتة: «سمجةٍ»، وقديمةٍ حَد الابتذال، ضجّ كلُّ مَن جلسَ إليَّ بنوبةٍ هستيريةٍ مِن ضحكٍ أبله، ولعلّ الجدُرَ قد شاركتهم هي الأخرى الكهكه. ما جعلني أشعرُ معها بأنني قد أوشكتُ أن أغدوَ: «كوميديان زماني»! وبكلّ حالٍ، فلقد مضت عليَّ أعوامٌ خوالٍ، لم يكن أحدٌ فيها يُعِيرُني سمعَهُ، ولو في سياقٍ من مجاملةٍ باهتةٍ، وأيضاً ليس ثمّة من أحدٍ إبّانها كانَ يَطلبني رأياً، فضلاً عن أن يَستصوِبَ شيئاً مما أقول. أمّا الآن فألفيتُني، وفي كلّ مكانٍ أختلفُ إليه، أنا الصّوتُ الذي يجبُ أن ينصتَ له الجميعُ، فيما يظل الباقون صدىً ليس من شأنِهم سوى الاشتغال تأمينَاً على ما أتفوّهُ به، ولئن تجاسرَ أحدُهم وفتح فمَه -لغير عطاسٍ أو تثاؤب- فليس إلا السؤال أو الثناء. ذلك أنّه ما من أحدٍ يسوغُ له أن يتقدّمني برأيٍّ أو حتى بوجهةِ نظرٍ عابرةٍ. وسيحدّقُ -المحتفونَ- شزراً بكلِّ مَن ينسى نفسَه، فينبس ببنت شفةٍ معقباً! ولقد كان الأولى به أن يعلمَ -هذا القزم الذي لا دال تسبق اسمه- بأنّ رأيي صوابٌ لا خطأَ فيه، وحاشاني أن أقولَ إلا صواباً، وحسبي سَداداً أنّي أنا: « أنا»!! ألا يكفي هذا.. يا هذا! أرأيتم كيفَ صنعتنِي: «الدال»، وصَنَعَت لي، وحسبها أثيرةً لديَّ، أن جعلت منّي خلقاً آخر، رُغم أنفِ الحاسدين! وإذن.. فأيُّ أحمقٍ -وقد أمِن العقوبة بالدارين إذ لا فتوى دينيةٍ تُحرّم الفعلَ، ولا فتوى: «وطنيّة» تجرّم الفعلَ-! فعلاً أيُّ أحمقٍ بالله عليكم ذلك الذي تأتيه النعمةُ إلى باب بيتهِ وب: «تراب القروش»، ليقع ضحيةَ استخفافَ قومٍ آخرين، فيتوبَ مِن: «دالٍ» كانت له: «سبرنق»؛ إذ جعلت من فقرهِ المدقعِ غنىً فاحشاً، ومن ضعفِه المزري قوةً رابعةً، ومن ابتذالٍ لا يؤبهُ لهُ إلى قيمةٍ معتبرةٍ -يقلط مع الرجاجيل- وقدْرٍ كبيرٍ باتَ يحجز له كرسيا في الصفوفِ الأولى، ومن مرتبةٍ دنيا وظيفياً إلى لقبٍ حفيّ بالسعادةِ وما تلاها، ومن مأذونِ أنكحةٍ إلى وجيهٍ ذي منتدىً يَمُّوهُ عِليةُ القومِ، ومن راقٍ -به مس- إلى خبيرٍ في تطوير الذات.. ومن .. ومن.. ومن.. فأنا وبمنتهى الوضوحِ، لستُ إلا ابناً لمجتمعٍ «كرتونيٍّ» تجري منهُ: «الدالُ» مجرى الدّم، وعليه فأنا أقوى مِن أن ترهبني تهديداتُ هشتقةٍ ل: «هلكوني» أو لغيرِهم من شبّيحة تويتر! ولستُ بالذي يَجبُنُ جراءَ صوتٍ مبحوحٍ كانَ مُنتَهى قدرِهِ أن يرتطمَ بقبةِ الشورى ولا يبرحها..! كل ما في الأمرِ، أني -عقبَ مقالة الأمسِ- قد فكّرتُ وقدّرتُ، ثمّ ما لبثتُ أن تعوّذتُ باللهِ ثلاثاً من: «خرابيط موافق الرويلي وربعه» إذ رأيتُنِي بالأمسِ -وقد كدت أطير بالعجة- فأُكمِلُ فصولَ توبتي كما وعدتكم. ولكنّي أتداركُ الأمرَ في يومي هذا، وأعلن عن تعقّلي، وأنّي قد ثبتُ إلى رشدي، فأفرُّ هاهنا بأنّي تائبٌ عن: «مهايط» التوبة من: «الدكترةِ»، وأعلن قبالتكم ثانيةً بأني لم أزلْ بعدُ: «دكتوراً» نلتها بمالي.. وبعرقي! وأستغفر الله من: «توبة» أمسِ، إذ قلتها ولم أكن أدري معناها! وبإيجازٍ: فأيّ شيءٍ قد يعوّضني به: «حمزة المزيني» أو: «الرويلي» إذ ما خسرتُ كلّ منافع: «الدال» حتى وإن تكن وهميةً!؟ وبالعامي يمكن القول: لا يا حبيبي -يالرّويلي- تبي تفوز أنت وربعك بخيرات الدال وأنا أطلع فالصو.. معصي لو سمحت.