بلغ عدد الأوراق المقدمة خلال فعاليات المعرض والمنتدى الدولي الثالث للتعليم الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أربعاً وثلاثين ورقة بحث، تقدم بها خبراء من الولاياتالمتحدة وفنلندا وبريطانيا وسويسرا ولبنان وسنغافورة وقبرص وإسبانيا والأردن وبلجيكا وفرنسا ونيوزلندا والمملكة العربية السعودية. وعن الاستراتيجيات المتبعة لتطوير التعليم في المملكة العربية السعودية، قال البروفيسور جاري لافونين من جامعة هلسنكي في فنلندا وأحد المتحدثين في دورة هذا العام: «استقبلت هذا العام ما لا يقل عن مائة وفد قدم أغلبهم من آسيا لهذه الغاية، وكنت قد زرت المملكة عدة مرات لمناقشة طرق التعليم ووسائل تطوير العملية التربوية التعليمية، وأنا متفائل، وأعتقد أنَّ المملكة ستحوز تعليماً متطوراً ومتقدماً في غضون السنوات المقبلة؛ وسعدت كثيراً بما رأيته من بحوث دقيقة وواعدة، ومثيرة للاهتمام في مجالات الرياضيات والفيزياء والعلوم والتعليم الخاص عند زيارتي للجامعات السعودية». وتقف على منصة التعليم في دورة هذا العام التجربة الفلندية؛ من خلال نموذجين للمدارس الفلندية «المرحلة الابتدائية والثانوية»، ويكاد هذا النموذج بنجاحه الساحق يصل إلى حد الأسطورة، إذ إنَّ التقارير التليفزيونية ونشرات الأخبار والمجلات المختصة تتحدث عن أن الطفل في التعليم العام الفنلندي في الثالثة عشرة من عمره يتقن ثلاث لغات على الأقل. ومن أهم عوامل استخلاص الدروس من التجربة التي تُعد الأكثرَ ريادةً على مستوى العالم، أنَّ الحكومة الفنلندية طبقت نظاماً جديداً يسمى مبدأ «العدالة الاجتماعية» في المرحلة الأولى من خطتها لإنقاذ التعليم؛ وكان ذلك من خلال الاهتمام بالتعليم الحكومي، ونشر شبكة من المدارس والجامعات في جميع أنحاء الدولة تعمل كلها بالميزانية نفسها وتتشابه في إطار البنية التحتية والمرافق، وبذلك يحصل كل الطلاب على التعليم دون أي اعتبار لتفاوت خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية». وابتكرت التجربة الفنلندية التعليمية استراتيجية تطويرية بعد تحقيق الفلسفة العامة المتمثلة في توفير التعليم ذاته لكل الطلبة في البلاد، تركز على نموذج خاص للجودة في التعليم بما يقتضي ضخ دماء شابة في سلك التدريس، وجذب أعلى الكفاءات وتدريب المعلمين كافة للاضطلاع بدور قيادي ومسؤول لا تنقصه الخبرة، وكانت ثمرة ذلك أنَّ المؤهِّلَ الدراسيَّ للمعلم ارتفع من درجة البكالوريوس ليصل إلى درجة الماجستير. ومنحت السياسة التعليمية المطورة في فنلندا نوعاً من الحرية للمدارس والمعلمين في اختيار نوعيات الكتب، طالما أنها تلتزم الإطار العام المنصوص عليه في الخطة التطويرية، وأولت اهتماماً بالغاً لنوعية الكتب، واستعانت بأهم الكتَّاب وأكبرهم وأكثرهم قدرةً على استخدام طرق الشرح التربوية ووسائلها المطوَّرَة، ومن المثير أنَّ هذه الخطة تخضع للتطوير والتقييم كلَّ أربعة أعوام لضمان الفاعلية وتغيير الأولويات حسب المتغيرات والمستجدات. وانطلاقاً من مبدأ المساواة في التعليم؛ لا توجد في فنلندا مدارس خاصة، بل يتلقى الطلبة كافة تعليمهم في المدارس الحكومية تأكيداً لتحقيق مبدأ المساواة، وينصُّ مبدأ المساواة في التعليم أيضاً على أن يدمج الطلبة كافَّةً سواء كانوا ذوي حاجات خاصة أو يعانون صعوبات في التعليم أو كانوا ينتمون لخلفيات اجتماعية متنوعة، وأثبتت الدراسات أنَّ دمج الطلبة في الفصول الدراسية أسهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على أداء المهام المنوطة بهم، وأظهرت كذلك النتائج روح التعاون والدعم بين الطلبة أنفسهم.