صحيفة البيان أوردت خبراً عن سائح سعودي كافأ سائقاً باكستانياً أعاد له حقيبته التي تحمل جميع أوراقه الثبوتية ومبلغاً قدره 36 ألف درهم بعد عناء البحث عن السائح السعودي بعشرة دراهم، وذلك نظير أمانته، ومعلوم أن السبب الداعي لنشر الخبر هو الإشارة إلى بخل السائح السعودي واكتفائه بهذا المبلغ الزهيد، وكثير من تعليقات القراء كانت تصب في هذا المنحى، حتى أن بعضهم طالب بأن يتم الخصم الإجباري بنسبة 10% -كما يحدث في بعض الدول- من قيمة المفقود المعاد كمكافأة أمانة لمن يعيده لصاحبه. وفي رأيي أنه من الإجحاف وصف السعودي السائح بالبخل، وكل الشواهد تؤكد أننا كسعوديين ننفق في دبي وغيرها باليمين وبالشمال، ونعلق الورد البلاستيك بدون حساب، وبمبالغ تصل إلى مئات الدولارات في الليلة الواحدة، وندفع لسائقي التكاسي في أخر الليالي بالوزن وليس بالعدد، فنخرج كومة الدراهم بدون وعي ونضعها بيد قائد الليموزين، فنترك الأمر له يعيد ما يشاء ويأخذ ما يريد، حقيقة أنا حزين جداً لتعليقات إخواننا الإماراتيين على الخبر ووصفنا بالبخل الذي ليس منا وليس فينا. وكي أقرب لهم الحقيقة، خاصة لمن لم يعايش واقعنا، وأبرهن أن السبب الحقيقي لهذه المكافأة الصغيرة ليس بخلاً، فالسائح الطيب لم يكن ليكافئ هذا السائق ولو بدرهم واحد على أمانته، بل أعطاه العشرة دراهم نظير بحثه وتعبه، لأنه افترض كما لدينا أن طبقة سائقي التكاسي، وعمال الفنادق والاستقبال، وصغار الموظفين والطبقة الكادحة وما فوقها بقليل وما تحتها بقليل أمناء، وتطبق في حقهم كما لدينا أشد العقوبات التي تصل إلى قطع اليد من مفصل الكف في حالة السرقة، ولو أن من أعاد المبلغ هو رئيس البلدية أو أحد القضاة لرأيتم كم ستكون المكافأة المجزية التي قد تصل إلى نصف المبلغ.