لا تزال عادة «حجر البنت لابن عمها» تقف حجر عثرة في طريق عدد من الفتيات السعوديات في بعض مناطق ومجتمعات المملكة، وفي الوقت الذي يعدُّ فيه العالم العدة للاحتفال بدخول العام الثاني للعقد الثاني من الألفية الثالثة، وعلى الرغم من التطور الكبير للمجتمع ثقافياً وتقنياً، إلا أن هذا كله لم يشفع في اختفاء العادات التي تسيء إلى المرأة التي كرَّمها الإسلام. تقول الفتاة «نهى- ع»: « منذ نعومة أظفاري وأنا حكر لابن عمي، لا يحق لي الاختيارأو إبداء الرأي، فظللت رهينة له وكلما صدر مني اعتراض لا أسمع سوى مقولة «ابن عمك أولى الناس فيكِ .. طلعتي ..نزلتي، مالك إلا ابن عمك». وتؤكد (س – م) إن ابن عمها حجرعليها لسنوات طويلة على الرغم من أنه متزوج ولديه أطفال، بسبب أنها ورثت من والدها عقاراً، وقالت: «عندما بلغت من العمر 35 عاماً عرضت عليه التنازل عن العقار مقابل أن يفك الحجر عني، رفض في البداية، ولكن بعد ذلك تمت الموافقة واستطعت الزواج وتكوين أسرة، ولتظل تلك السنوات التي ضاعت من عمري بظلم العادات والتقاليد.. حسرة في داخلي». وكشفت (فاطمة- س) أن التمسك بهذه العادة وإجبارها على ابن عمها أدت إلى القطيعة بين والدها وأخيه لنحو عشر سنوات، وقالت «بعد إجباري بالزواج من ابن عمي لم أستطع العيش معه بسبب عدم التكافؤ الثقافي بيننا فكانت النتيجة الطلاق، مما تسبب في كثير من المشكلات في العائلة». وقال مؤسس جمعية «المرأة السعودية نحو مستقبل أفضل» المستشار عبد الرحمن القراش: «إن الإسلام جاء مقرراً للحقوق الإنسانية، ومبطلاً للعادات الجاهلية، فمع تقدم العصر وتطوره وسعي الدولة الحثيث لنشر العلم والثقافة العامة، إلاَّ أنه للأسف لا يزال يعيش بيننا أصحاب شهادات عُليا في مختلف التخصصات، ولكنهم يحملون فكراً جاهلياً متخلفاً يؤمن بعادات تنافي الدين الإسلامي والقوانين الإنسانية، والبعض منهم يحيي السنن النبوية ولكن في مسألة ( تحجير البنت لابن عمها) يتوقف ويصم أذنيه». وأضاف القراش: «إن قضية تحجير البنت لابن عمها انتهاك صارخ لكرامتها وتعدٍ على إنسانيتها وهدر لحقوقها، والإسلام قد أعطى المرأة حقها في القبول والرفض ولكن هذه العادات السادية الجاهلة حرمتها من الكلام والاختيار، لأنه ينافي ما تمسك به الآباء من عادات جاهلية». ومضى يقول: «لذلك ارتفعت لدينا معدلات العنوسة والأمراض النفسية وربما أدى ذلك لانتحار المرأة خاصة إن كان ابن العم المخيرة له جاهلاً أو مدمناً أو مجرماً فتهرب منه للموت فمن المسؤول عن ذلك؟ لا شك أنه المجتمع الذي تعيش البنت فيه والبيئة المحيطة بها».وناشد القراش الجهات المختصة بالموافقة على إصدار التصريح لإنشاء مركز وطني تحت مظلة «جمعية المرأة السعودية»، وقال: «نسعى لتأسيس جمعية حقوقية وطنية تطوعية تهدف إلى متابعة قضايا المرأة المطلقة والمعلَّقة والأرملة في المحاكم، ومتابعة قضايا العضل والتحجير للفتيات بما يتلاءم مع ثوابتنا الدينية والوطنية، ونشر ثقافة الوعي المجتمعي بأهمية احترام كرامة المرأة».