قبل أربعة أشهر وتحديداً في التاسع عشر من ربيع الثاني صدر أمر ملكي برقم 21013 تضمن: أن كثيرا مما ينشر في وسائل الإعلام من تظلمات لبعض المواطنين وشكاواهم يشير إلى قصور كبير في أداء بعض الجهات الحكومية في تلبية احتياجات المواطنين والإجابة على استفساراتهم أو تقديم تفسير مقنع لقصور بعض تلك الخدمات، كما شمل الأمر الملكي التوجيه بالتأكيد على الجهات الحكومية المختصة بالحرص على تطوير الخدمات التابعة لها وتقديمها لكل المواطنين وتلافي أي قصور. كان ذلك فحوى الأمر الذي سبقه توجيها عام 2009م لكافة الأجهزة الحكومية يحذر من المساس بحقوق وحريات الأفراد في المملكة وأن من سيرتكب تجاوزات تمس تلك الحقوق سيكون مسؤولا أمام الملك، تلك التوجيهات التي دلت على قرب القيادة من هموم الشعب واحتياجاته، استبشر بها المواطنين خيرا وأن أولئك المتربعين على كراسي تلك الجهات الحكومية المعنية بخدمة المواطن سيحدثون تغييرا إلا أن بعض تلك العقليات كما يبدو لم تع طموح القيادة، فقد كشفت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان مطلع الأسبوع الفارط في تقريرها الجريء عن أحوال حقوق الإنسان في المملكة لعام 2012م والذي حمل عنوان طموح القيادة وضعف الأداء أن سجل أغلب الأجهزة الحكومية في مجال صيانة حقوق الإنسان وحماية حرياتهم لا يزال بعيدا عن طموح القيادة، كما يفتقد الكثير من تلك الأجهزة لما يمكن وصفه بالحس الإنساني سواء عند قيامها بمسؤولياتها أو تعاملها مع قضايا الأفراد أو تنفيذ المشروعات التي تساهم في تلبية تطلعات العيش الكريم. إن ذلك التقرير كشف بشفافية كاملة من خلال متابعة (الجمعية) للوضع الحقوقي في المملكة ضعفا في أداء أغلب الأجهزة الحكومية وعجزها عن مسايرة تطلعات القيادة ورغبتها في ضمان حقوق الافراد مواطنين ومقيمين وتمتعهم بالرفاهية الاجتماعية والاقتصادية بل إن بعض هذه الأجهزة كما أكد التقرير أنها ألحقت أضرارا وانتهاكات لحقوق الإنسان في شكل يتعارض مع توجيهات القيادة التي وجهت كدليل على جدية موقفها من كرامة الإنسان القضاء الإداري بالفصل في الدعاوى المقامة ضد الإدارات الحكومية في الجلسة الثانية في حال تغيب مندوبي وممثلي الجهات الحكومية في متابعة الدعاوى المرفوعة ضدها. إن تلك (الأوامر) تحتاج من قبل الإدارات الرقابية والتخطيطية كهيئة الرقابة والتحقيق ووزارة التخطيط وهيئة الخبراء ومكافحة الفساد والقضاء المطالب برفع كفاءة منسوبيه، تلك الجهات عليها الكثير من الالتزامات لتتساير مع طموح القيادة لتفعيل مثل تلك (الأوامر) من خلال المتابعة وسن الأنظمة والتشريعات التي تساهم في الحد من التجاوزات التي يتعامل معها المواطن والمقيم بشكل يومي أثناء مراجعته للأجهزة الحكومية والمتمثلة في قصور الخدمات و(تمنن) مقدم الخدمة في القيام بواجباته المهنية ابتداء من حالات العبوس التي تظهر على وجوه معظم موظفي الأجهزة الحكومية خاصة الخدمية منها مرورا ب(طوابير) الانتظار وطول الإجراءات وتعقيدها و(مرمطة) المواطن لأخذ تواقيع عدد من المسؤولين في أماكن مختلفة داخل مبنى تلك (الدائرة) لإنهاء معاملة روتينية لا تستحق تلك المعاناة وانتهاء بعدم حصول (الإنسان) على الرعاية الصحية اللازمة له أو مقعد لابنه في أحد المدارس أو فرصة عمل يحاول من خلالها تجاوز فقره أو تقييد لرأيه وحريته، تلك هي حقوق الإنسان التي يجب أن تتوفر دون تجزئة. إن الإدارات الخدمية المعنية بخدمة المواطن بحاجة لرفع الكفاءة الإدارية لمنسوبيها ونشر ثقافة الحس الحقوقي والإنساني لديهم وإيجاد الحوافز لتجاوز ضعف الإنتاجية وحالة اللامبالاة السائدة بين الكثير منهم بسب عدم اختيار الأكفأ من بين المرشحين للوظائف والقضاء على الممارسات التي تنتهك حقوق الإنسان بكامل صورها، وتوفير الخدمات التي تكفل إنسانية الفرد، ولن يتأتى ذلك العلاج إلا من خلال تفعيل أدوار جديدة للخدمة المدنية أو إنشاء وزارة خاصة تعنى بتنمية الموارد البشرية تكون مهمتها إعداد وتطوير وتغيير ثقافة (الموظف الحكومي) واختيار الأنسب من خلال وضع ضوابط واضحة ومعلنة لاختيار القيادات في الأجهزة الحكومية وهيئة ذات صلاحيات في التدخل والمساءلة لقياس أداء تلك الأجهزة ومتابعة أعمالها المتعلقة بتقديم الخدمة وحفظ حقوق المواطن والمقيم داخلها إضافة إلى مجلس الشورى الذي يجب أن يتجاوز دوره الروتيني في المتابعة واعتماد التقارير السنوية المقدمة من الاجهزة الحكومية إلى فضاء أوسع يساهم من خلاله في رقابة أداء تلك المؤسسات واستجواب مسؤوليها وإشراك المواطنين في إبداء الرأي على مسودات الأنظمة الجديدة والمعدلة.