تشهد الساحة السورية تطورات متسارعة على الصعيد الداخلي وذلك بتصعيد النظام حملاته العسكرية ضد المدن الثائرة منذ ما يقارب العشرين يوما في حملة هي الأعنف منذ انطلاق الثورة قبل 11 شهرا، وسياسيا كان التطور الأبرز هو طرد السفراء من دول مجلس التعاون الخليجي، وإحالة الملف إلى مجلس الأمن والفيتو الروسي الصيني، والدعوة لمؤتمر أصدقاء الشعب السوري في تونس في 24 من الشهر الجاري، هذه المسائل وأخرى كانت موضوع حوار أجرته «الشرق» مع عضو المجلس الوطني السوري فواز تللو الذي غادر سوريا قبل وقت قصير. * غادرت سوريا مؤخرا كيف تقيم وضع الثورة الآن؟ - قبيل خروجي من سوريا أي قبل نحو ثلاثة أسابيع بدأ النظام مرحلة جديدة من التصعيد العسكري مع اقتراب الجيش الحر من العاصمة دمشق، والآن تشهد حمص والزبداني وإدلب وحماة ودرعا درجة أعلى من هذا التصعيد، وعدّاد الشهداء أصبح أكثر تسارعا مع ازدياد أعمال القصف المركز على الأحياء السكنية، وهناك خشية حقيقية مما سيرتكبه النظام في الأيام القادمة فهو يحاول إغراق البلاد في مزيد من الدماء في محاولة يائسة للقضاء على الثورة، بعد ازدياد الضغط عليه من الداخل والخارج، فهو أصبح في مرحلة النزع الأخير رغم ادعائه غير ذلك، ونحن ماضون حتى النهاية. * كيف تفسرون التصعيد العسكري الذي يقوم به النظام الآن؟ - التصعيد العسكري هذا جزء من السيناريو الأسوأ الذي يدفع إليه النظام، خاصة أن ذلك ترافق مع الدعم الروسي وخاصة الفيتو في مجلس الأمن، والسبب الثاني أن العديد من المناطق خرجت عن سيطرته وأصبحت محررة، وما نشهده الآن من إقحام النظام لقوى عسكرية ضخمة في القتل والتدمير هو انتقام من سكان هذه المناطق التي ثارت ضده وما زالت تصر على مطلب إسقاطه رغم كل ما ارتكبه من عنف تجاهها خلال الأشهر الماضية، ومحاولة يائسة للقضاء على الثورة في الضربة العسكرية القاضية، ورداً على الضغط الذي تشكل على النظام بعد تحويل الجامعة العربية الملف إلى مجلس الأمن رغم الفيتو الروسي الصيني. * كيف تنظرون إلى خطوة طرد السفراء من دول مجلس التعاون الخليجي؟ - الشعب السوري ثمن موقف المملكة ودول مجلس التعاون لطردهم سفراء النظام وكذلك جهود هذه الدول في دفع الملف باتجاه مجلس الأمن ومن ثم الأممالمتحدة، وطرد السفراء خطوة تؤكد سحب الشرعية عن نظام الأسد ونتمنى من الدول العربية الأخرى أن تتخذ نفس الموقف. * هل يمكن القول إن عملا خارج مجلس الأمن قد بدأ الآن؟ - بالتأكيد فنحن خرجنا بسرعة من دوامة مجلس الأمن والفيتو الروسي أو التلويح به مجددا، وكان يمكن أن يضيع المزيد من الوقت كما حدث في الجامعة العربية حيث استمر ملف الأزمة لأربعة أشهر سقط خلالها في سوريا آلاف الضحايا، الآن أمامنا مؤتمر تونس وأصدقاء سوريا ونحن ذاهبون باتجاه تحالف دولي لتقديم الدعم السياسي والإغاثي الإنساني للشعب السوري وسيكون الدعم العسكري هو المحطة الأخيرة، والمطلوب الآن من الدول العربية والإسلامية أن تأخذ قرارها في دعم الشعب والجيش الحر وتزويده بالسلاح، عبر الدول المحيطة مثل تركيا والأردن بشكل خاص، رغم خصوصية الوضع الأردني، ونخشى إقحام لبنان في الأزمة السورية بسبب تعقيداته وظروفه السياسية. * هل تعتقد أن حظرا جويا سيفرض على النظام قريبا؟ - ربما يكون ذلك لكن ليس قريبا، والأهم الآن دعم الجيش الحر وإن حدث تطور في مسألة الحظر الجوي يجب أن يكون لحماية المدنيين وحماية القطاعات العسكرية المرشحة للانشقاق إذ يجب أن يكون مقننا ومحسوبا حيث إن الحظر الجوي الشامل يمكن أن يكون آخر الدواء. * ما تفسيركم لموقف روسيا المساند وهل سيبقى للنهاية أم ستتخلى عنه كما حصل في ليبيا؟ - ستتخلى روسيا عن النظام في اللحظات الأخيرة ولن يكون لهذا التخلي أي معنى، والموقف الروسي الداعم للنظام هو بسبب حاكمها رجل المخابرات الذي يقود نظاما مزيجا بين النظام السوفياتي، مع ديموقراطية بعيدة تماما عن كل القيم الأخلاقية والإنسانية، بتحالف مع عصابات المافيا بشكل يشابه النظام السوري، وهناك مصالح شخصية للزعامات الروسية مع النظام السوري والمسألة ليست مصالح قومية روسية، إذ لو كان الأمر كذلك فإن مصالح روسيا القومية مع سوريا الجديدة، وليس مع نظام بائد. أما الفيتو الروسي فهو محاولة للحصول على مكاسب سياسية من الغرب ليس أكثر، خاصة أن بوتن مقبل على استحقاق رئاسي. * كثرت الأحاديث عن وجود الحرس الثوري الإيراني في سوريا ما معلوماتكم عن ذلك؟ وما حقيقة مشاركة حزب الله في قصف الزبداني؟ - قوات الحرس الثوري الإيراني موجودة في منطقة الهامة بالقرب من مواقع الحرس الجمهوري وهذا ليس جديداً، وهناك خبراء إيرانيون بالتأكيد موجودون في سوريا ويستفيد النظام منهم، وربما وجود الحرس الثوري يشكل احتياطيا للنظام في حال أصبح التهديد أكثر جدية عليه، أما عن حزب الله فقد ثبت مشاركته في القتل، وهناك مجموعات لحزب الله موجودة على الحدود في الطرف اللبناني مهمتها اقتصرت حتى الآن على منع تهريب السلاح للزبداني ومنع عناصر الجيش الحر من التسلل إلى لبنان أو هروب الأهالي من جحيم القصف والقتل.وهي مهمة تشكل دعما للنظام. * هل تتوقعون اعترافا بالمجلس الوطني كممثل للشعب السوري؟ - سيحصل المجلس على الاعتراف لكن تأخر ذلك يعود بسبب تقاعس المجلس عن أداء دوره كمؤسسة سياسية تمثل الثورة ليكون بمثابة وزارة خارجية للثورة. إلا أن وجود العديد من الأعضاء الذين لا يمتلكون الخبرة السياسية الكافية رغم أنهم أشخاص وطنيون لديهم رغبة في خدمة الثورة، فالمجلس الآن لا يقود الثورة بل يمثلها في الخارج فقط، وقادة الثورة بشقيها السياسي والعسكري موجودون في الداخل. وفشلت قيادة المجلس حتى الآن في تبني رؤية ثوار الداخل خاصة بطبيعة الحسم الذي لن يكون إلا عسكريا، ويجب على المجلس الآن العمل على تغيير جذري في هيكلتيه وتحديد دوره في خدمة الثورة وليس قيادتها وسيساعد ذلك على المزيد من الاعتراف، رغم أن الاعتراف لن يؤدي إلى إصلاح المجلس. * هل توافق القول أن الخطوات العربية والدولية ستدفع بالمعارضة للتوحد أكثر؟ فواز تللو - اليوم سوريا منقسمة بين الثورة والسلطة أما هيئة التنسيق فلا وجود لها لا هنا ولا هناك رغم أننا نكن احترامنا وتقديرنا لأشخاصها إلا أنهم لا يشكلون أي وزن على الأرض، أما بعض الشخصيات التي تحسب نفسها على المعارضة كقدري جميل فهؤلاء عبارة عن موظفين عند أجهزة أمن النظام وهي معارضة اخترعها النظام له، أما مسألة توحد المعارضة فالمعارضة موحدة بالرؤيا، والرؤيا وحّدها الثوار في الداخل والمجلس الوطني يحمل هذه الرؤيا، أما الكلام عن توحيد معارضة فهذا يجب الابتعاد عنه في هذه اللحظة وعلى الدول الغربية والجامعة العربية إدراك ذلك. والثورة حددت من يمثلها أي المجلس الوطني. نهاية الأزمة وسقوط النظام النظام يقود البلاد باتجاه الحرب الأهلية منذ انطلاق الثورة والثوار يؤكدون أن هدفهم الحرية للجميع، والعدو هو النظام وأدواته وهناك سنة وعليون وآخرون يقاتلون إلى جانب النظام، وهؤلاء كلهم أعداء الثورة، رغم ما يقوم به النظام من تجييش طائفي في ممارساته ووسائل إعلامه، ولن تستجيب قوى الثورة لذلك، رغم حدوث بعض الحوادث التي ما زلنا نستطيع وصفها بالفردية، وهي ليست تيارا بأي حال، ولن ينجح النظام في دفع البلاد نحو الحرب الأهلية. لا يمكن إسقاط النظام بالوسائل السلمية وهذا واضح منذ البداية فالنظام واجه العزل بالرصاص والدبابات منذ الأيام الأولى للثورة، فالنظام أغلق كل النوافذ السياسية ولم يترك سوى باب العنف الذي يشهد تصعيدا يوم إثر آخر، ولهذا لا يمكن الحسم سوى عسكريا والجيش الحر هو جيش تحرير سوريا من نظام الأسد، وعند تقديم الدعم اللازم له ماليا وعسكريا ولوجسيتا سيحرر سوريا في فترة قصيرة ربما لا تتجاوز الشهرين. وفي هذه الحالة يمكن أن يحتاج الجيش الحر للغطاء الجوي أو الحظر الجوي لحرمان النظام من سلاح الجو. ولابد من الإشارة إلى أن الجيش الحر في الداخل ملتزم ويعمل تحت إمرة القيادات السياسية في أماكن تواجده، ويتناغم معها. والحسم بالنهاية هو حسم عسكري ولن تتحول إلى حرب أهلية في حال قدم الدعم للجيش الحر إذ يجب إسقاط النظام بأسرع وقت ممكن للحفاظ على الوحدة الوطنية فالجيش الحر هو ضمان سوريا المستقبل، الثورة منتصرة بالتأكيد لكن نسعى لتقصير الزمن ليس أكثر. ودعم الجيش الحر من جهة أخرى سيساهم في تسريع تفكيك النظام من الداخل، لأنه ما زال يردد في وسائل إعلامه أن كل العقوبات لا قيمة لها طالما لا يوجد عملاً عسكريا، ودعم هذا الخيار سيكون ضمانا وطنيا وسيدفع الطائفة العلوية إلى فك ارتباطها مع عائلة الأسد، التي تحاول توريط الطائفة بشكل كامل بالجرائم التي يرتكبها الأسد. آثار التدمير في الزبداني (أ ف ب)
