طُويت خيام العزاء في المنطقة الشرقية، ومنطقة القصيم، ومنطقة حائل بعد الجريمة التي ارتكبها الإرهابيون في قرية «الدالوة» الأحسائية، طويت الخيام الثلاث في الدالوة وعنيزة وحائل وما طويت الأخوة والتلاحم والمواطنة الحقيقية التي زها بها الجميع. وقف المواطنون مع رجال الأمن الذين حققوا نجاحا منقطع النظير في سرعة القبض على من كانوا وراء الجريمة، وفرحوا بإنجازاتهم حيث تعاملوا مع الحدث بمهنية عالية، وسرعة فائقة جدا في أكثر من مكان، وقدموا للمواطنين والمقيمين رسالة صادقة بأن رجال الأمن قادرون – بعون من الله وتوفيقه – على القيام بواجبهم على أكمل وجه. طويت الخيام ولكن صفحة الإرهاب لم تطو بعد، طويت الخيام وما طويت كذلك الأفكار الهدامة التي يبثها بدهاء مجرمون استمرأوا الشر، وأغواهم الشيطان وأضلهم فصاروا أدوات هدم له، طويت الخيام وما يزال «قَعديون» يعبثون في عقول شباب يختارونهم بعناية لتنفيذ جرائمهم، يختارون تابعيهم من الشباب الذين تسهل تعبئتهم، وينقادون لهم بالطاعة دون إعمال للعقل فيما يطلبون منهم تنفيذه أو مجرد التفكير في دوافع أولئك العقديين، الذين يأمرونهم بالقتل والتفجير بل الانتحار المحقق في كثير من الجرائم التي يكلفونهم بتنفيذها! لا أشك مطلقا أن وزارة الداخلية لديها قاعدة بيانات ضخمة لمعتنقي الفكر الضال في الداخل والخارج، وأجزم – كذلك – بأن لديها معلومات ليست قليلة عمن يغذي الفكر المنحرف – داخليا وخارجيا -، وقد أكدت الحادثة الأخيرة في قرية الدالوة حقيقة مطمئنة تمثلت في تمكن الأجهزة الأمنية من القبض على أكثر من عشرين ممن لهم علاقة بالحادثة في مناطق مختلفة من المملكة – في وقت قياسي جدا-، وأكدت كذلك حقيقة مطمئنة أخرى أن رجال الأمن يرخصون أرواحهم الغالية من أجل حفظ الأمن وسلامة المواطنين والمقيمين. لقد أكد المسؤولون في الدولة والمواطنون في جميع مناطق المملكة أن هذه الحادثة جريمة نكراء، وأكدت ذلك الصور المشرقة والمشرفة في خيام العزاء الثلاث التي أثبتت التلاحم الحقيقي بين أبناء الوطن الواحد، إنه تلاحم حقيقي أغاظ المتربصين بأمننا – خارج الحدود – وألجم ألسنة السوء التي ما فتئت تبث سمومها وقيحها وشكوكها للإضرار بوحدتنا، إنه تلاحم صادق سيتوقف عنده القعديون لفترة من الزمن انحناء للعاصفة؛ حتى يستعيدوا القدرة على تغيير تكتيكهم أو يستسلموا للحقيقة الأمنية التي وضحت لهم بجلاء وأعطتهم وداعميهم في الخارج رسالة واضحة تقول: هيهات هيهات لكم أن تعبثوا بأمننا! إن الإرهاب مسخ سيئ الصورة والفعل، إنه مسخ لا دين له ولا عرق ولا هوية، وقد بات ظاهرة لا يمكن إنكارها، اعترف العالم بوجوده، ووضع التنظيمات المتعددة لمحاربته، إنه ينشط ويخبو، ويغير خططه باستمرار، ويلبس لكل مرحلة لبوسها، وينتقل من مكان إلى آخر طلبا للحياة، ويخرج بأشكال متعددة، ولا يستقر على منهج، إنه كائن غريب يشبه الفيروسات التي تتغير وتتطور، وتفتك أحيانا، ولكنها تضعف وتموت أمام إصرار الباحثين عن الأمن، وتتلاشى أمام عزم الحريصين على سلامة الإنسان عقلا وروحا، إذ يجدون لها اللقاح اللازم أو الدواء الناجع. إن بلادنا منذ سنوات تعاني من الإرهاب، وتعاني من فئة قليلة من أبنائها الذين وضعوا أنفسهم ألعوبة في يد الأشرار المتربصين شرا بأمن البلاد والعباد، وليس المجال مناسبا لذكر الحوادث الإرهابية التي نفذها عدد من المجرمين في مناطق مختلفة بالمملكة، ولعل ما يؤكد أن هؤلاء الإرهابيين ليس لهم عهد ولا أمان تلك الجريمة التي نفذها أحد أولئك الهالكين، مستهدفا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز – وزير الداخلية – قبل سنوات عندما كان مساعدا لوزير الداخلية للشؤون الأمنية – وهو يستقبله بصفته تائبا وعائدا وطالبا للأمان. إن نجاحات وزارة الداخلية متواصلة – ولله الحمد – في ضبط الأمن، ومحاربة الإرهاب، ووأد الفكر الضال، والقبض على مثيري الفتنة، وتقديمهم إلى القضاء؛ ليحكم فيهم شرع الله الذي نحمد الله تعالى أن منّ على بلادنا ووفقها لتطبيقه. وقفة: طويت الخيام وطوى معها المواطنون بما أبدوه من استنكار للجريمة على امتداد أرض الوطن من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه،كل الصفحات السوداء للأعداء، وطووا كل فرقة يأملها الحاقدون بما أثبتوه من تلاحم ووحدة وأخوة في وجه الإرهاب.