يعزف مشاهير سعوديون عن المشاركة في البرامج التي تعرض على قنوات التليفزيون السعودي المختلفة، في حين يسعون إلى الظهور في غيرها دون تردد، حتى إن انتابهم عناء السفر إلى دبي أو بيروت أو القاهرة. وتتعدد أسباب العزوف عن المشاركة في برامج التليفزيون السعودي، غير أن عدداً من المشاهير يوضحون ل «الشرق»، أن أهمها ضعف تفاعل المسؤولين في القنوات مع الضيوف، وعدم تقديرهم، والتنسيق المتأخر معهم، إضافة إلى عدم دفع مبالغ مالية مجزية نظير مشاركتهم، وتوفير تذاكر سفر وسكن لمن هم بعيدون عن موقع المقابلة. وقال الكاتب نجيب الزامل: من تجربة خاصة، هيئة الإذاعة والتليفزيون لم تبث الحماسة بين موظفيها حتى يشكلوا روح الفضائية المحترفة التجارية، موضحاً أن الموظف لا يتفاعل مع أحد بالطريقة التي يتفاعل معها شخص محسوب عليه. وأضاف: أقدم برنامجاً مجاناً، أنا متطوع فيه، وهو برنامج جميل بعنوان «من الرف العالمي»، وأعتقد أنه أعجب الشباب، عرضت 14 حلقة، وهو يُعنى بتقديم كتاب من الكتب الأجنبية وشرح موضوعه، وهدفه نقل المعرفة والتشجيع على الترجمة ومعرفة الجديد في العلوم والثقافة، ووجد قبولاً، لكن هل القناة خدمته؟ هل قالت إن الزامل يقدم شيئاً مميزاً؟. وأوضح الزامل أنه قدم البرنامج تقديراً لمسؤول طلب منه تقديمه لحاجة التليفزيون لمثله، مضيفاً «عملت لهم بالمجان، ولكن ليس هناك تفاعل، ليس هناك إعلان عن البرنامج، أو تفاعل من المسؤولين مع البرنامج أو مع مقدمه، خصوصا أنه مقدم متطوع، ولو لم يكن البرنامج جيداً لما تم عرضه على شاشتهم، بينما يتعاقدون مع مسلسلات سخيفة»، لافتاً إلى أن كثيراً من النقاد على قنوات «يوتيوب» تعرضوا لكثير من برامج التليفزيون السعودي بالتهكم، لكن لم يتعرض أحد لبرنامجي إلا بالخير، لأنه دقيق وصغير وفكري، وفيه خدمة للبنية العقلية. وأشار الزامل إلى أنه لا يوجد تسويق للقنوات السعودية، وليس هناك تدريب، غير أنها تحاول بإطار رسمي، ولكن البيروقراطية ما زالت مسيطرة.. أين الخطأ لا تعرف، هل هو من المسؤول؟ أم إن المسؤول يريد أن يجاري المحطات الأخرى لكن لا يوجد عنده القدرة المالية والقدرة النظامية مثل القطاع الخاص؟ أو أنه يحاول فعلاً، لكنَّ الموظفين لا يحصلون على حوافز مثل القطاع الخاص؟. وبين أن المشاهير لا يعزفون عن المشاركة في برامج التليفزيون السعودي، متسائلاً: لو خُيِّر الإنسان بين أخذ خبز ساخن من مخبز جميل أو خبز جاف، ماذا سيأخذ؟، مشيراً إلى أن المشهور حينما يجد الإقبال عليه من أكثر من قناة سيختار الحرفية والأشهر والأكثر مشاهدة. وتابع قائلاً: لو تفاعل التليفزيون السعودي أكثر مع المشاهير، لن يقولوا لهم لا، مستدلاً ببرنامج «سبعة في سبعة»، الذي يعرض على القناة الثقافية، الذي استضاف مشاهير في الوسطين الثقافي والفني في المملكة، والاتصال بالضيوف يكون باسم التليفزيون السعودي، وقد شاركوا فيه دون مقابل، مشدداً على أن المسألة لا تحتاج إلى ضجة كبيرة، فقط في فهم أن الشخص ينجذب للشيء الأفضل. أما المخرج عبدالخالق الغانم، فقال إن التليفزيون السعودي عندما يستضيف ضيوفاً من خارج المملكة في برامجه يدفع لهم، ولذلك يجب أن يدفع أيضاً للسعوديين، وأرى أنه من الطبيعي أن يتجه الفنان أو المشهور، أياً كان، للقناة التي تدفع له، وتوفر له تذاكر السفر والإقامة، وأيضاً مبلغاً معقولاً بدل ظهوره. وأضاف: مع الأسف القنوات المختلفة في التليفزيون السعودي والمعدُّون والمخرجون فيها يتناسون الفنان، ولا يتذكرونه إلا في اللقاءات التليفزيونية، في آخر الوقت يتصلون لطلب مشاركتهم، مؤكداً أنه شارك فيها، وتأتيه مشاركات في قنوات كثيرة، ويعرف كيف يتم تقدير الضيف المشارك، وكيف يُحتفَى به، خاصة المشاهير وليس الهواة. في حين، أشار الفنان خالد الحربي، إلى أن لكلٍّ أسبابه في عدم الظهور على قنوات التليفزيون السعودي، وعلى مسؤوليه أن يبحثوا عنها. وقال: عندما أشارك في برامج في تليفزيون الرياض يدفعون لي أجر تذكرة وسكن يوم واحد، أما في جدة فقد اعتذرت لأكثر من برنامج، نتيجة أنهم يعتقدون أن الفنان يسكن خلف التليفزيون، وعندما يطلبونه عليه أن يحضر حالاً. وأكد الحربي أنه شارك في عدة برامج في تليفزيون الرياض، وأنه يحرص وزملاءه على الظهور فيه، لأنه تليفزيون يمثل الدولة، «لكن عندما يكون لديَّ ارتباط أعتذر». وذكر الفنان سمير الناصر أن مشاركة المشاهير السعوديين في تليفزيون بلدهم هو من باب الوطنية، أو إعطاء المعلومة، أو النصح، ولكنهم يرتجون أيضاً مقابلاً، موضحاً أن المشهور يسعى في هذا الجانب إلى وضع تليفزيون بلده في المقام الأول، فيفترض أن يعامل بالمثل، إلا أن ما يمكن أن يحصل عليه من التليفزيون السعودي هو «سي دي اللقاء، والسلام عليكم.. في أمان الله»، في حين أن هذه المقابلة مسجلة وتُوثَّق، ويخصص لها ميزانية. وتمنى الناصر أن يضع التليفزيون السعودي، بقنواته، اعتباراً للفنان والضيف. في حين أرجع المطرب يوسف العلي، سبب عزوف فناني الوسط الغنائي عن الظهور في التليفزيون السعودي إلى أن عرض الأغاني في قنواته قليل جدا، متمنياً أن تقدم هيئة الإذاعة والتليفزيون برامج للمواهب الغنائية وتدعمها، وتهتم كذلك بأغاني التراث السعودي كي لا تندثر، بل تنتقل للأجيال الجديدة، لافتاً إلى أن الغناء الشعبي جزء من هوية المجتمع. وشدد على أن البعض يعزف عن المشاركة أو يرفضها وليس الكل، لافتاً إلى أنه شارك قبل أيام في برنامج عن العيد في القناة الثقافية. وتمنى العلي في ختام حديثه أن ترجع الجلسات الطربية إلى شاشته، مثلما كان يعرضها في الماضي مثل «جلسة سعودية»، مشيراً إلى أن المطربين السعوديين جاهزون لدعم التليفزيون السعودي بأعمالهم الفنية، شريطة أن يتم عرضها.