أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي الأحد الماضي عن بدء التطبيق الإلزامي الكامل لنظام مراقبة شركات التمويل، بعد انتهاء أجل السنتين الممنوحة للمنشآت العاملة في مجال التمويل لتعديل أوضاعها بما يتلاءم مع مواد واشتراطات هذا النظام. هذا النظام أتى في الوقت المناسب، وهو الوقت الذي يشهد اقبالا من قبل الأفراد والمؤسسات في السعي للحصول على التمويل اللازم، لاسيما في المجال العقاري، ليحفظ حقوق الطرفين، وخاصة المقترض. محافظ مؤسسة النقد الدكتور فهد المبارك بدوره حث المواطنين الذين يرغبون في الحصول على قروض، التعامل فقط مع المصارف وشركات التمويل المرخصة، والتي يبغ عددها 37 -ما بين منشأة قائمة وأخرى حصلت على الموافقات الأولية لممارسة أنشطة التمويل- . صدور هذا النظام جاء ليؤكد عدم نظامية ومشروعية نشاط التمويل الذي يقوم به بعض الأفراد، والذي أخذت اعلاناته تنتشر بوسائل أكثر، فبعد أن كانت تأتي عبر ملصقات على أجهزة الصرف الآلي، أصبحت أكثر جرأة، وصارت اعلاناتها تقتحم هواتفنا المحمولة، وتنشر كذلك عبر الصحف ومواقعها على شبكة الإنترنت. لا يخفى على الجميع طبعاً، ما لهذا النشاط غير النظامي من محاذير وأخطار، كونها قد تكون بيئة خصبة لغسيل الأموال، إضافة إلى ما قد يتعرض إليه من يلجؤون لها من خداع وتلاعب واستغلال. قد يسأل سائل ويقول: ما دام أننا نعرف أن عمل هؤلاء ونشاطهم غير النظامي، فلماذا يتجه البعض عند الرغبة في الحصول على التمويل إلى طرق أبوابهم؟! جوابي سيكون باستدعاء حالة مقاربة لها وعايشها الكثيرون، ألا وهي حمى المساهمات العقارية التي انتشرت قبل سنوات، والتي كانت اعلاناتها أيضاً تأتينا عبر رسائل الجوال، وتمتلئ بها صفحات الجرائد، فما كان من المواطنين إلا أن أقبلوا على المساهمة فيها ثقة في أصحابها، كون اعلاناتها تذاع في العلن، وبعد أن وقع الفأس في الرأس بدأنا في معالجة هذه المساهمات وما ترتب عنها، وهو ما أدى إلى إلحاق الضرر بالمواطنين بصور عدة، أقلها تعطيل مدخراتهم لسنوات طويلة. ما حدث من ضرر في هذه المساهمات العقارية، من الممكن أن يتكرر - ويمكن بشكل اكبر- في نشاط منح القروض الذي يقوم به الأفراد، الأمر الذي يجعلنا لا نكتفي بالتوجيه والتحذير فقط، إنما يستلزم الأمر معالجة جدية لوقف هذا النشاط المشبوه، وهي المهمة الملقاة على مؤسسة النقد، وتشترك معها أيضاً وزارة الداخلية وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات.