البكيرية.. مشروعات نوعية وتنمية شاملة    الفخر بقيادتنا    انخفاض الأسهم العالمية مع تراجع الدولار وعوائد السندات وضعف البيانات الاقتصادية    الربع الثاني.. نتائج مالية راسخة رغم العجز المالي    آسيا تزيد وارداتها من النفط الأميركي مع ارتفاع أسعار الشرق الأوسط    إدارة الأزمات في العصر الرقمي    «العزيمة السعودية» من ريال فلسطين.. إلى اعتراف الدول    في الشباك    الاتحاد يخسر رابع ودياته    «الأوارك».. سلالة أصيلة تنتظر الاعتراف    أمانة جازان تُشغّل محطة تصريف مياه الأمطار الثالثة في جيزان    "العقيل": جازان الأعلى هطولًا في أغسطس وتحذيرات من السيول المنقولة    الدفاع المدني: افتحوا النوافذ عند تسرب الغاز    المحاكم التجارية.. نقلة نوعية في القضاء    المطر يرسم فرحة المصطافين في أبها    صدق أو لا تصدق!    إنجازات بين التأطير المضلل والإغراق    إعادة تشكيل الوعي بين الثقافة والتقنية    دواء ل"ألزهايمر" يستهدف مراحل المرض المبكرة    توقعات بارتدادات محدودة بتداول    سقوط لعبة الطائف يفتح ملف الإهمال في الملاهي    أوقفوا نزيف الشاحنات    Photoshop بذكاء اصطناعي متطور    أطول صاعقة برق في التاريخ    جدة تتصدر شراء المركبات بنمو 8.4%    أرى من أنبوب.. رواية توثق تجربة بصرية نادرة    جورب متسخ لمايكل جاكسون يباع بالآلاف    ابتكارات أيتام سعوديين تتخطى الحدود    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    أطعمة تحسن نومك وأخرى تفسده    إصابة 4 من عناصر الجيش السوري و3 مدنيين إثر قصف صاروخي نفذته «قسد»    خطيب المسجد الحرام: التقنية نِعمة عظيمة إذا وُجهت للخير    إمام المسجد النبوي: الدنيا سريعة فاستغلوها بالأعمال الصالحة    وزير الصحة يتفقد مشروعات مدينة الملك سلمان بالمدينة    "تخصصي المدينة" يتسلّم درع تعزيز الصحة المجتمعية    "نيوم"يتعاقد مع المهاجم الفرنسي"سايمون بوابري"من موناكو    فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان يختتم فعاليته التوعوية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالأشخاص    برعاية سمو أمير المنطقة الشرقية اتفاقية تجمع أمانة الشرقية و"مدن"    الفريق الفتحاوي ينهي المرحلة الأولى ويغادر غدًا إلى إسبانيا لبدء معسكره الإعدادي    الحربي: المعرفةُ لا يكفي أن تُقرأ.. بل يجبُ أن تُقنِع وتؤثِّر    ضبط 22147 مخالفا للأنظمة    إيران: الحوار مع أوروبا تبادل وجهات نظر    الشؤون الإسلامية في جازان تختتم البرنامج الدعوي في الأمن الفكري    أسواق المملكة تزدان بأجود أصناف العنب وكميات الإنتاج تتجاوز (122.3) ألف طن    تطورات مفاوضات الهلال لضم نونيز    سبيس إكس تنقل طاقمًا جديدًا إلى محطة الفضاء الدولية في رحلة قياسية    رمزية «القائد» تلهم السعوديين    الأهلي يتعاقد مع أبو الشامات ويمدد عقد فلاتة    كأس العالم للرياضات الإلكترونية.. فريق Team Liquid يواجه SRG.OG في نهائي بطولة ML:BB MSC    العادات الدخيلة على مجتمعنا    محافظ الدرعية يجتمع مع مدير إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    لتولى مهام مراقبة ساحل البحر الأحمر.. تدشين فريق مفتشات بيئيات بمحمية الأمير محمد بن سلمان    توثيق أصوات مؤذني مساجد وجوامع الأحساء    نائب أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ركّاب الطائرة للمرة الأولى.. «بطّونا موجعتنا»!
أول طائرة هبطت في «عفيف» مهداة من الرئيس الأمريكي للملك عبدالعزيز
نشر في الرياض يوم 10 - 05 - 2014

لم يكد الناس يفيقوا من دهشة دخول السيارة إلى أراضي المملكة ومشاهدتها وهي تدك الأرض بعجلاتها وتسير بسرعة فاقت سرعة كل دابة من الحيوانات عرفوها واستخدموها، حتى قالوا عنها في البداية أنها تسبق البرق أو تسابق الريح، حتى ظهر لهم ما يسمى بالطائرة، التي أثارت الرعب في قلوبهم أكثر مما أثارته السيارة نفسها، فلم تكد عقولهم تصدق بأن دابة من الجماد كالحديد تستطيع السير على الأرض والناس ركوباً فيها فكيف ب"حديدة" تطير في الهواء وتعلوا وتغيب عن الأنظار بل وتتوارى في الأفق، لقد كانت صدمة حقيقية لمن عاشوا تلك اللحظة، فالبعض الذي شاهد لم يصدق والبعض الآخر الذي سمع عدها ضرباً من الخيال.
السفر جواً يعد مغامرة وصفت ب«الجنون» ولكن التجربة الأولى بددت المخاوف وبقيت «فوبيا» عند البعض
شاب يتغزّل بالمضيفة: «تسلمين يا عيوني» و«القروي» في دورة المياه يصادر الصابون والمناديل المعطرة!
وفي بداية ظهور الطائرة بات الحديث عنها يشغل بال الكثير، كما كان ركوبها يعد مغامرة كبيرة، حيث تردد البعض في خوضها، لكن مع الحاجة بدأ الناس يتعودون على ركوبها والسفر بها، فترى الشخص حين يعود يحدث جلسائه بما شاهده من ضخامتها وما بداخلها من أثاث والخدمات التي قدمت له من قبل "المضيفة"، والبعض منهم يفتخر بأنه شاهد قائد الطائرة وتحدث إليه، بل ذهب البعض منهم إلى أبعد من ذلك حيث قادته قدماه إلى "كابينة" القيادة وشاهد الطيار وهو يقود الطائرة، وبعد فترة من الزمن حيكت العديد من الحكايات والطرائف حول مشاهدتها للمرة الأولى ورووا المغامرة بركوبها وها هو الفنان الشعبي الشهير "عبدالعزيز الهزاع" قد قدم حلقة فكاهية في ذلك الوقت منذ أكثر من ستين عاماً عن الطائرة وركوبها، وقد استخدم شخصية "مريبض" مع "حديجان"، حيث أمتع جمهوره آنذاك بهذه التمثيلية الفكاهية، خاصةً حينما قال "حديجان" ل"مريبض" تلك العبارة الشهيرة: "أنت فوق الكرسي وإلاّ الكرسي فوقك؟"!!.
في سلّم الطائرة
وتغنى الشعراء بالطائرة في أشعارهم عند ظهورها، ومن أشهر تلك القصائد المغناة هي قصيدة في "سلم الطائرة" للشاعر "يسلم بن علي" التي لا يزال صداها يتردد في آذان من استمعوها للمرة الأولى في عام 1384ه، ولها قصة جميلة ولجمالها نوردها، فقد سافر الشاعر "يسلم بن علي" من جدة إلى اليمن على متن طائرة "داكوتا" صغيرة أقلعت من "جدة" إلى "أسمرة" ومن ثم إلى "عدن"، ويقول الشاعر: كتبت هذه القصيدة وأنا في الرحلة التي استغرقت تسع ساعات، وأرسلتها من عدن عبر البريد إلى الفنان "طلال مداح" -رحمه الله- الذي نشرها في "صحيفة البلاد"، ومن ثم لحنها، وعندما وصلت إلى قرية "عماقين" -مسقط رأس الشاعر- بعد حوالى أسبوعين فوجئت بصوت "طلال" وهو يغنيها عبر الإذاعة، وكانت من أجمل الأعمال الفنية لي، تقول كلماتها:
في سلّم الطائرة بكيت غصباً بكيت
على محبين قلبي عندما ودعوني
وشفت محبوب قلبي بين نخلة وبيت
يناظر الطائرة يبغى يحرك شجوني
فعلاً أنا عندما شفته بعيني بكيت
وقلت بالله يا اهل الطائرة نزلوني
بشوف محبوب قلبي عادني ما انتهيت
وان كنت غلطان يا اهل الطائرة فهموني
يا آه في آه كم باقول يا ليت يا ليت
عسى محبين قلبي عادهم يذكروني
خاف انهم يعشقوا غيري وانا ما دريت
احسن ليا الموت لو هذا حصل فاقبروني
مضنون عيني
كما لا ننسى قصيدة الشاعر "علي بن محمد القحطاني" الجميلة التي تغنى بها العديد من الفنانين في تلك الفترة كالفنان الشعبي "عيسى الأحسائي" وتقول كلماتها:
يا طائره لا تطيري
مضنون عيني مسافر
فراقه أحرق ضميري
نوى حبيبي يهاجر
يمشي بثوبٍ حريري
واملبسٍ بالجواهر
بغا فؤادي يطيري
نهار شفته مغادر
مالي بغيره عشيري
من داعجات النواظر
ترى فراقك عسيري
ماني على الصبر قادر
وان كان والفت غيري
أنا خسرت الخساير
خسارة الحب بلوه
بلوه تصيب الضماير
مدري وش اللي يصيري
وانا بروحي مخاطر
والدمع حرق نظيري
عيني تهل العباير
أول طائرة
وتعود معرفة الناس للطائرة ومشاهدتها أول مرة على أرض المملكة إلى يوم 25 شوال 1364ه الموافق 4 أكتوبر 1945م، حينما هبطت طائرة من نوع "دوجلاس دي سي3 داكوتا" في "عفيف"، وهي مهداة من الرئيس الأمريكي "روزفيلت" للمؤسس الراحل الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بعد اجتماعهم التاريخي بقناة السويس في 14 فبراير 1945 م وقد ذكر أول أمير عفيف في ذلك الوقت الشيخ "صالح بن عبدالله بن حماد" مستعرضاً ذكرياته عن هبوط طائرة الملك عبدالعزيز بأن ذلك كان ذلك عام 1364ه، قائلاً: أتت الطائرة لتقل الملك عبدالعزيز من "عفيف" إلى "الحوية"، وعندما جاءت الطائرة كان الملك عبدالعزيز في "عفيف" كعادة أثناء سفره من الرياض إلى الحجاز والعكس، مبيناً أنها أول طائرة يستقلها في حياته، مضيفاً أن الملك عبدالعزيز قال له: "هل عندك عمّال يعملون مهبط للطائرة؟"، فقلت: "نعم"، موضحاً أنهم أحضروا بعضاً من أهالي عفيف و"أخويا" الإمارة، وعملوا مهبطاً، حيث ساوو الأرض وعملوا على نظيفها من الشجر والحجارة، متذكراً أنهم في المجلس في الليلة الأولى قبل هبوط الطائرة قال الملك عبدالعزيز: "بكرة ناس في السماء وناس في الأرض"، أي هناك ناس سوف يستقلون الطائرة إلى الطائف، وناس سوف يسافرون بالسيارات، وكان معه أبناؤه الملك فهد -رحمه الله- والأمير بندر.
الوصول إلى كابينة القيادة والالتقاء بالطيّار كانت أمنية بعض المسافرين
احتفال مئوي
وفي 11 ذي القعدة 1419ه الموافق 27 فبراير 1999م وقف أهالي منطقة عفيف وهم يشاهدون طائرة الملك عبدالعزيز "الداكوتا"، ضمن احتفال المملكة بالذكرى المئوية للتأسيس، تهبط على أرض مطار الملك عبدالعزيز في "عفيف"، وجرى استقبال حاشد وحافل، حيث أقيم احتفال خاص فور نزول الطاقم الفني منها، وبعد الترحيب بهم من قبل محافظ عفيف آنذاك "مران بن قويد" ومديري الدوائر الحكومية وأعيان المحافظة ورؤساء المراكز والمعرفين والجمهور الكبير، حيث ألقى محافظ عفيف كلمة رحب فيها بطاقم الطائرة وضيوف الحفل، وأكد فيها أن المحافظة سعيدة وهي تحتفل بهذه المناسبة العزيزة التي تحتفل فيها المملكة بمرور مائة عام على تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-، عندما أحدث نقلة هائلة في وسائل النقل، مشيراً إلى أنه في عام 1364م من هذا المكان استقل جلالته تلك الطائرة أول مرة في حياته الى مطار "الحوية"، ومازال الموقع يعرف باسم المطار تخليداً لتلك الذكرى العزيزة، معرباً عن اعتزاز المحافظة بهذه اللفتة الكريمة من ولاة الأمر لمنطقة عفيف.
بريدة ومرات
وشهدت مدينة بريدة أول هبوط للطائرة على أراضيها، وكان ذلك في عام 1367ه، حيث قدم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- على الطائرة وكان الهبوط في "الودي" -شمال بريدة-، وكان الناس مندهشين من الطائرة، حيث خرج الجميع إلى أسطح المنازل لمشاهدة هذا الشيء الغريب، وقد نُصب للملك خيمة صغيرة في "الودي"، ثم استقبله الأعيان، ومن ثم انتقل إلى مخيمه شرق "الجردة" حيث شرف حفل الأهالي.
ومن المدن التي استقبلت الطائرة للمرة الأولى وهبطت فيها بدون مطار هي "مرات" وذلك في عام 1374ه، وكانت تقل الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- حيث هبطت الطائرة في مكان يسمى "السبخة" يبعد عن البلدة قليلاً، حيث تم وضع علامات من الصخور في الأرض قبل هبوطها وقدومها من العاصمة الرياض، وقد لونت تلك الصخور بلون أبيض، وقد هبطت الطائرة في وقت العصر بسلام مثيرةً الغبار الشديد، كون الأرض التي هبطت فيها "سبخة"، وسط دهشة الحضور من أمير البلدة والأهالي، حيث كان مخيم الملك سعود على بعد مئة متر تقريباً من مكان هبوطها، وقد مكث الملك سعود يومين في مرات وسط حفاوة أهلها الذين أقاموا حفل استقبال بهيج، حيث شارك طلاب المدرسة السعودية في الحفل بالاستعراض بأسلحتهم التي أحضروها من أهاليهم، كما قدموا الأناشيد والعديد من الكلمات التي ألقوها أمامه، كما قُدمت العديد من القصائد بهذه المناسبة والعرضة السعودية، إضافةً إلى مأدبة كبرى أقامها الأهالي على شرفه، ومن الغد غادرت الطائرة بعد أن مكثت يوماً وليلة، وقد خرج الناس عن بكرة أبيهم لمشاهدة الطائرة الذي يعد أمراً خارقاً للعادة وهي تقل جلالته وحامت على المدينة ومزارعها، مما أفزع الحيوانات التي لم تعتد صوتها حيث كانت تحلق على درجة منخفضة، ولا زالت هذه الذكرى باقية في ذاكرة الأهالي الذين حضروها إلى اليوم، وقد سمي المكان الذي هبطت به ب"المطار".
طائرة الداكوتا عام 1364ه
مطار ترابي
كانت مدينة "شقراء" من المدن التي حطت بها الطائرة قديماً في أرض ترابية، فقد استقبلت أول طائرة في عام 1374 ه، وكان على متنها الملك سعود -رحمه الله- في زيارته الأولى لها بعد توليه الحكم، حيث أمر بإنشاء مطار فيها لاستقبال الطائرات، وذلك في عام 1374ه، وكان المطار ترابي وباشر عمله، وتم تعيين "محمد بن عبدالرحمن الشويمي" من أهالي شقراء وكيلاً للخطوط الجوية العربية السعودية بموجب عقد تم إبرامه معه ليعمل بشؤون المطار إدارةً وتشغيلاً بمفرده وذلك في عام 1374ه، وكان لا يوجد بالمطار سوى خيمة دون أن يكون هناك مبان، ثم أقيمت بعد ذلك غرفة واحدة مع حدود المطار مع بعض الأدوات البدائية التي لا يبدو أنها كانت ذات أهمية لاقلاع أو هبوط الطائرة، فكل ما يلزم لذلك هو أرض منبسطة وفسيحة لتكون مدرجاً لها دون أي رصف أو أسفلت، وفي عام 1380ه زار الملك سعود -رحمه الله- شقراء ونزل بالمطار يرافقه ست طائرات من نوع "داكوتا"، وقد أغلق المطار في عام 1386ه بسبب توفر طريق الإسفلت بين شقراء والرياض.
الملك المؤسس بعد هبوط الطائرة في عفيف والأهالي في استقباله
تأسيس الخطوط
ويرجع تاريخ تأسيس الخطوط الجوية العربية السعودية إلى يوم 15 جمادى الآخرة من عام 1365ه 27 مايو 1945م، وذلك حينما أهدى الرئيس الأمريكي "فرانكلين روزفلت" بإهداء طائرة واحدة من طراز "دوجلاس دي سي3 داكوتا" إلى الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- لتبدأ خدمتها بين مدينتي جدة على الساحل الغربي والظهران على الساحل الشرقي، كانت رحلتها الدولية الأولى إلى مدينة دمشق في 10 يونيو 1945م، وفي ذلك العام أفتتح أول مطار رسمي في المملكة في مدينة جدة، وخلال الأربعينات توسعت الشركة لتخدم وجهات دولية جديدة منها القاهرة وبيروت، وكذلك "الّلد" في ما كان آنذاك من أراضي فلسطينية تحت الانتداب البريطاني، وتم تشغيل رحلات جوية داخل المملكة وإلى بعض المحطات الإقليمية مثل القاهرة ودمشق وبيروت، وفي الخمسينات أضافت الشركة عدة مدن إلى خارطتها ومنها إسطنبول وكراتشي وعمّان والكويت وأسمرة وبورت سودان، ثم شراء أربع طائرات جديدة ومن نوع "دي سي4" وعشر طائرات من نوع "كونفير 340"، وبلغ عدد المطارات (27) مطاراً منها أربعة دولية في الرياض والمدينة المنورة وجدة والدمام، وستة إقليمية.
ما شبعنا أكل
وكان مجرد التفكير في ركوب الطائرة التي تقلع من الأرض وتبقى معلقة في الجو مغامرة صعبة، والكثير من الناس في بداية انتشار الطائرات والمطارات الحديثة مع تأسس الخطوط الجوية السعودية في تردد من خوض هذه المغامرة، لكن مع الحاجة بدأ الناس يتعودون على ركوبها والسفر بها، وقد صاحب هذه المغامرة العديد من المواقف الفكاهية ومن أبرزها أن عدد من الشباب ممن اعتادوا السفر قرروا اصطحاب أحد زملائهم الذي يمتاز بالفكاهة وخفة الظل للسفر معهم إلى أحد الدول العربية المشهورة بتدفق السياح، وبعد جهد جهيد أقنعوه بالسفر معهم عبر الطائرة، ولما ذهبوا إلى المطار كان متخوفاً من عملية إقلاع الطائرة، وبعد أن استقلوا الحافلة التي توصلهم للطائرة ركبوا فيها وقوفاً متمسكين ب"سيور" معلقة، وما إن سارت الحافلة حتى قال صديقهم برعب شديد وصوت يسمعه كل الركاب: "هاه يا شباب طارت الطيارة"، أي هل أقلعت بنا الطائرة؟، فضحك الجميع من حوله، بينما قال له أصدقائه: "اسكت فشلتنا".
وفي موقف آخر فان أحد الركاب لما أخذ موقعه في الطائرة وأقلعت جاء دور توزيع الوجبات الخفيفة، ولما أخذ وجبته التي كانت بالطبع قليلة أكلها بسرعة ثم استدعى المضيفة، قائلاً: "عبّي الصحن ما شبعنا"، أما أحدهم فكان من عشاق اقتناء ما يوضع في دورة مياه الطائرة من صابون ومناديل معطرة، وبعد فك الأحزمة بعد الإقلاع يذهب مسرعاً نحو دورة المياه ف"يجمرك" ما فيها ويصادره بدسه في ملابسه ويجعلها خاوية إلاّ من المياه فقط، وقد كان ذلك ديدن الكثيرين من الركاب سابقاً الذين يحضرونها لأحبابهم كهدايا.
مجلة الطائرة
ومن المواقف الطريفة أن بعض ركاب الطائرة للمرة الأولى قد أخذوا المجلة التي توزعها الطائرة على الركاب للاستمتاع بالقراءة خلال الرحلة وأخفوها في عفشهم، حيث نووا أخذها معهم عند النزول، ولكن المفاجأة عقدت ألسنتهم عندما سمعوا المضيف يقول بعد وصول الرحلة بأن بإمكان الركاب أخذ المجلة كهدية، فأخرجوها نادمين على أنهم فوتوا فرصة تصفحها خلال الرحلة، ولكن أحدهم بعد النزول كان مسروراً ولما سأله أصدقائه عن سبب ذلك أخرج لهم سترة النجاة التي كانت موضوعة تحت كرسية للطوارئ ولكنه صادرها وفرح بنيلها كي يريها أهله عند عودته اليهم.
ومن المواقف الطريفة هو انبهار الركاب قديماً بجمال المضيفات الصارخ ولطافة أسلوبهن في الكلام، مما جعل الكثيرين منهم خاصةً الشباب يعمل على استدعائهن لطلب أي خدمة ككوب ماء أو "أسبيرين" أو أي شيء ممكن لتتاح له فرصة الكلام معهن وإمتاع ناظريه عن قرب، وكلما أحضرت له طلبه يرد متغزلاً: "تسلمين يا عيوني"!.
راكب أرعبته الطائرة في أول مرة يصعد إليها، وتمنى لو أنه لم يغامر بالسفر، أو أنه سافر براً لينال الأمان بقربه من الأرض، وقطع عهداً على نفسه بعدم العودة لركوبها بعد أن تطأ قدمه الأرض نازلاً منها، حيث قال الشاعر "سليمان بن مطرود الشراري" يصف حاله بالأبيات التالية:
ودعت ناجح من مطار القريات
يوم اركبونا الطائرة واشلعتنا
لفت ودارت وامرجت بين لحظات
لولا المحازم الكراسي ضربتنا
طاروا بنا حمر العلابي خواجات
صغر العيون وجيههم هولتنا
تكفى تشهد يا فهد واقرا آيات الموت جانا والظروف أجبرتنا
تكفى تشهد يا فهد واقرا آيات
الموت جانا والظروف أجبرتنا
جانا المضيف وقال وش فيه خدمات
قلت نزلونا بطونا موجعتنا
من قبل أشوف الغيم من دون السموات
واليوم أشوفه يا فهد من تحتنا
عز الله إني ماحسبت الحسابات
والا ترى سيارتي موصلتنا
يازين ممشى الأرض لو هي مسافات
لنا بشعيب مجهزين قهوتنا
وش جابني للطائرة والمطارات
والله ماعود ركوبها لو نزلتنا
لو تنفجر قامت تذيع المحطات
رح عاد دور قشنا مع جثثنا
عدد من أصحاب السمو الأمراء يتقدمهم الأمير (الملك) فهد داخل الطائرة
الحاجة إلى السفر دون عناء وراء الاعتماد على الطائرة
شكّلت بعض الطائرات مصدر رعب للمسافرين في بداية ظهورها
طائرة تابعة لشركة أرامكو زادت من ثقافة السفر جواً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.