الآبار الارتوازية المهملة أو المهجورة كانت هاجساً لدى بعض المطلعين على خطورتها ممن طالبوا في زمن مضى بتعقبها وردمها دون أن يسمع لهم أحد، إلا أن سقوط الطفلة لمى الروقي رحمها الله في أحدها قد أعطاها بعداً اجتماعياً قوياً حتى أصبحت قضية رأي عام ومثار تساؤل وجدل! مأساوية الحادث وما تبعها من محاولات لإنقاذ الطفلة، ودجل من البعض جعلت المجتمع السعودي في حالة مواجهة وترقب وشغف لمعرفة القصة وأبعادها وبدايتها وما يمكن أن تكون عليه نهايتها. الدفاع المدني كان الطرف الرئيس والأهم في الحادثة، المتطوعون والمبادرون باختراعاتهم كانوا الجانب الأجمل، وشكلوا مع بعضهم ملحمة وطنية تستحق الثناء والشكر. أما المندسون ممن حاولوا شغل الرأي العام بإشاعاتهم وتأويلاتهم لرؤى ليست سوى بنات لأفكارهم رغبة في الظهور والتسيد فهؤلاء كانوا الأضعف والأكثر بؤساً. ولأن وراء كل حكاية عضة وفائدة، فما الذي يمكن أن نستفيده من هذه الحكاية المحزنة والتي شاء الله أن تكون الطفلة لمى الضحية فيها، وما صاحبها من أقاويل واتهامات للجن والإنس على حد سواء. تفاصيل القصة كانت ولاتزال مثار جدل، من المسئول عن بقاء هذه الآبار المهملة وهل يوجد نظام صارم لتتبع القديم منها وتسجيل ومراقبة المستجد. سؤال لم تجب الجهات المسئولة عنه بعد؟ أما التساؤل عن مدى جاهزية الدفاع المدني وقدرته كقطاع مهم مؤتمن ومكلف بمساعدة المواطنين وإنقاذهم على التعامل مع مثل هذه الحوادث الفردية بعد أن تكرر وقوعها في السنوات الماضية فتفاصيل القصة تفندها. فإلى متى سيظل المجتمع السعودي معلق القلب وشغوفاً بالأحلام ومفسريها وتأويلاتهم ولربما كذبهم، ليبنوا واقعهم عليها بالرغم من هشاشتها وهشاشة من يدعيها، وقصة لمى خير مثال على ذلك فبالرغم مما شهد به والدها وأختها التي تكبرها عن طريقة سقوطها إلا أن الحالمين لم يتواروا عن رواية ما يحسبونه رؤى وبتشجيع ممن تصدى لتفسيرها والشهادة على أنها حقيقة وليست وهماً والأدهى من ذلك هو تناقل البعض لخبرها وإيمانهم وتصديقهم لها! وبالرغم من بشاعة الحادثة وألمها إلا أن لها فوائد واضحة يجب أن تستغل لتقييم الموقف ودراسة مسبباته لتفادي تكرار حدوثه أو للاستعداد المسبق للتصدي لحوادث مشابهة له. نسأل الله العلي القدير أن يحفظ أطفالنا من حوادث مشابهة وأن يسكن الطفلة لمى فسيح جناته وأن تكون شفيعة لأهلها، وأن يلهم أهلها الصبر والسلوان.