هطلت أمطار كثيفة ولله الحمد على أغلب مناطق المملكة، وسيكون لتلك الأمطار فوائد على منسوب المياه ونمو النباتات حيث أن فترة "الوسمي" ما زالت وإن كانت هذه الأيام اخر نجم فيها وهو "الزبانا" والذي ينتهى مع دخول شهر ديسمبر القادم وفيه يشتد البرد. هطول الأمطار تجذب النماس للبراري والأودية والشعاب، وقد يتساهل بعضهم في التعامل مع الأمطار والسيول وقد يحدث مالا يحمد عقباه. في المقابل هناك من يتعامل مع تقلبات الحالة الجوية بعقلانية ومهنية فيحقق المتعة والفائدة. بسبب هطول تلك الأمطار رأيت أن أترك الحديث في هذا العدد عن الأمراض والوقاية منها بالغذاء الى موضوع اعداد الطعام في البر، وهو موضوع يحتاج لأهل خبرة وتجربة، فلا ينفع مثلي أن يتحدث فيه، ولكن لا بأس من مشاركتكم ببعض الأفكار المفيدة في إعداد الطعام بطريقة صحية ومناسبة للوضع. يترافق وقت نزول المطر مع برودة الجو، ولهذا يفضل تناول السوائل الساخنة بالذات النعناع والزنجبيل، كما أنصح باعداد شوربات الخضار المشكلة الطازجة أو المعلبة أو المجففة أو الشوفان أو البر. وتوفر هذه الوجبات نسبة جيدة من العناصر الغذائية كما أن تحضيرها سهل وآمن صحياً. يعمد البعض لزيادة البهارات الحريفة والفلف الأسود لاعتقاد أن السبب الرئيسي لتدفئة الجسم وهذا غير صحيح، فالجسم يحتاج لطاقة يتم تحويلها داخل الجسم فلا داعي للإكثار من تلك المواد المهيجة للأغشية المخاطية داخل الجسم. احرص على تناول الشوربة اثناء البرد نصائح مهمة يفضل الكثيرون كبسة الرز باللحم أو الدجاج ويتفننون في اعدادها، ولكن هناك أطباق غذائية مناسبة وصحية يمكن اعدادها في البر. لإعداد الأكل في البر يجب أن لا يتعرض الأكل للأتربة كما يجب المحافظة على النظافة التامة للطعام والأدوات والأيدي، ويفضل اعداده بطريقة الطبخ، حيث أن الشوي قد يتسبب في تعرض الغذاء للملوثات والأتربة إلا عند الحرص الشديد لتوفير المكان المناسب. لا بد من العناية الفائقة لاعداد السلطات، فلا بد من غسلها جيداً والأفضل تنظيفها في المنزل وحفظها في حاويات بلاستيكية محكمة الغلق أو لفها بشكل يضمن عدم وصول الهواء لها، ولا يفضل تقطيعها الا قبل الأكل مباشرة أو تقدم على هيئة شرائح كبيرة مثل الجزر والفلفل الأخضر والخيار ويقدم الخس والجرجير دون تقطيع. في حالة خروج العائلات للبر يفضل أخذ أغذية مغلفة تغليفا صحيا مثل البسكويتات والمعمول والخبز والمعجنات، وأيضا بعض الأغذية المعلبة المعقمة (طويلة الأجل) مثل الحليب والأجبان المعلبة، وتحفظ بعيدا عن الشمس والحرارة. لا ينصح بتناول أغذية لم يتعود عليها بالذات للأطفال لا ينصح بإعطاء الأطفال من الصيد سواء الطير او الارانب أو غيرها، لأن جهازه الهضمي لم يتعود على ذلك النوع من الأطعمة. لا يشرب حليب الإبل أبدا، إلا أن تكون معروفة وبعد التأكد من تحصينها ضد الأوبئة. لا تستخدم مياه الأمطار والسيول في الشرب أو الطبخ أو غسيل الأواني، لاحتمال تلوثها الكبير. الاعداد للطعام في البر عدم الإكثار من الأكل أو تتابعه حيث يعتاد البعض على الأكل المستمر طوال اليوم بدون ترتيب لأوقات تناول الغذاء، فلا يمكن للجسم تحمل تناول الغذاء باستمرار ولو كان بكميات قليلة مما يؤدي لتلبك في المعدة والأمعاء. يمكن استخدام قدور الضغط أو أواني الاعداد السريع والآمن للمشروبات الساخنة لما توفره من سلامة للمشروبات والمأكولات أثناء اعدادها. أكلات البر المشهورة لكل منطقة من مناطق المملكة أكلات خاصة للبر و"المكشات"، وهناك أكلات تشترك فيها أغلب المناطق ومنها "خبز الجمر" و "خبز الصاج" بالاضافة للطرق المتشابهة في اعداد الكبسة والمندي. قرص البر من أفضل واسهل الأكلات التي يمكن اعدادها في البر، ويسمى قرص الجمر ويسمى في شمال المملكة "الجمرية" نسبة للجمر، وفي مناطق أخرى تسمى "المله"، ويمكن عمل قرص الجمر بعدة طرق أذكر منها: الطريقة البسيطة: بعد اشعال النار وتحولها الى جمر يرفع أغلب الجمر ويتم تسوية المتبقى، ويتم عجن البر مع قليل من الماء وقليل من الملح ويفرد على مكان النار على الرمل مباشرة أو على بقية الجمر ثم يسحب الجمر الذي تم رفعه ويتم تغطية الخبزة كاملة بالذات من الأطراف، ويترك داخل الجمر لمدة تتحدد حسب سماكة القرص وقوة النار فأحيانا تصل الى ساعة. ثم تخرج الخبزة وتضرب بعصا حتى يتم تنظيفها من الرماد. الطريقة الثانية: يضاف للعجينة زيت او سمن، وهناك من يفضلها حلوة فيتم اضافة السكر، ولكن مع إضافة الحليب أو الجبن السائل يكون طعمها لا يقاوم وتزاد فائدتها الغذائية. الطريقة الأفضل أن يتم وضع طبقة واحدة من القصدير الرقيق تحتها وطبقة فوقها ثم تغطى بالجمر، وتكون في هذه الحالة نظيفة من أي رماد او رمل. وتقدم للأكل مع العسل أو الجبن أو القشطة. قرص الصاج تستخدم أي من الخلطات السابقة ويمكن أن تصنع من الدقيق الكامل (البر) أو الأبيض، وتكون العجينة لينة وأحيانا شبه سائلة. يتم وضع الصاج فوق الجمر بمسافة 5-10 سم ولا يجب أن يلامس الصاج الجمر لأن ذلك سيحرق الخبز، ويتم دهن الصاج بطبقة خفيفة من زيت الذرة مثلا. بعد أن يكون الصاج ساخنا جدا، ويتم التأكد من حرارته برش قليل من الماء عليه، ثم يتم صب العجينة شبه السائلة لتكون قرصا كبيرا ويفرد جيدا، والأفضل أن تكون أقراص صغيرة بقطر لا يزيد على 10 سم ليسهل تقليبه. ويتم تقليبه بسرعة، قد لا يحتاج أكثر من ربع أو نصف دقيقة لكل وجه. يمكن اضافة النخالة الى البر ليكون افضل من الناحية الغذائية، ويمكن اضافة البيض أو الحليب لخلطة العجين. الطريقة الثانية هي اضافة الزيت أو السمن وقليل من الملح ومثله خميرة ثم خلطها بعضها واضافة كمية قليلة من الماء ثم اضافة الطحين وعجنها باتجاه واحد حتى لا يدخل الهواء داخل العجينة وتغطى جيدا بالبلاستيك بحيث لا يترك مسافة كبيرة بين العجينة والغطاء لتقليل الهواء، ثم تترك ربع الى نصف ساعة حيث سيتضاعف حجمها، ثم تقطع قطع صغيرة كل واحدة ستكون خبزة، ويمكن اضافة قليل من الطحين الجاف وتغطى جيداً ثم تترك مرة اخرى ربع او نصف ساعة. ثم تفرد بالفرادة أو باليد وعندما يكون الصاج ساخناً يضاف قليل من الزيت ويفرد ثم تفرد العجينة لتكون رقيقة بقدر الإمكان يمكن عمل ثقوب باطراف الأصابع كما يمكن رش القليل من الحبة السوداء أو الزعتر، فستنتفخ بعد ثوان ويمكن التخلص من الانتفاخ لتصل الحرارة لكل اجزاء الخبزة ثم تقلب. وهناك من يستخدم صاجتين احداهما درجة حرارتها غير عالية ليتم تجفيف سطح الخبزة وتقلب لمدة ربع دقيقة ثم تنقل للصاج الساخن. الطبخ باستخدام القصدير أو الخزف يمكن اعداد طبخات الخضراوات المشكلة أو البطاطس سواء بإضافة اللحم أو الدجاج أو السمك أو بدونها، يلف الخليط بعد تبهيره في لفات القصدير السميكة واحكام غلقها ثم دفنها تحت الجمر ثم تغطيتها بالقصدير أو بقدر كبير وغلق جميع الفتحات لضمان عدم خروج الحرارة للخارج، كما يمكن استخدام أطباق القصدير الجاهزة مع التنبه بعدم استخدام الأغطية التي يدخل الورق في صناعتها، مثل الورق المغلف بالقصدير. تعتبر هذه الطريقة من الطرق الصحية لاعداد الطعام، بالإضافة لسهولة اعدادها والتحكم في نوعية الأغذية، كما يمكن اعدادها في المنزل وحفظها في حافظة الثلج لحين طبخها. هناك من يفضل استخدام آنية الخزف، وليس كل آنية للخزف مناسبة للطبخ، فالخزف الأحمر هو الأفضل، ويتم الطبخ بتعبئته بالخضار والماء واضافة البهارات والملح، وهناك من يفضل اعداد كشنة البصل بالطريقة العادية واضافتها مع الرز واللحم واحكام غلقه بالقصدير ووضعه داخل حفرة النار وتغطيته تماما أو وضعه على النار العادية أو الموقد. وهذه الطريقة منتشرة في جنوب المملكة بالذات جيزان وما حولها. من يستخدم هذه الطريقة عليه ان يقوم بتنظيف الجرة جيداً بتعبتها بالماء الساخن وتركها ليوم كامل وتغسلها مرات عديدة بالماء وليس بالصابون.
