أمير حائل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    استعراض تقرير الميزة التنافسية أمام أمير الشمالية    توصيات شورية لإنشاء المرادم الهندسية لحماية البيئة    خسائر بقيمة 1.6 مليار يورو في إسبانيا بسبب انقطاع الكهرباء    165 عقدا صناعيا واستثماريا بصناعيتي الأحساء    250% تفاوتا في أسعار الإيجارات بجازان    أمانة القصيم تحقق التميز في كفاءة الطاقة لثلاثة أعوام متتالية    أول تعليق من رونالدو بعد ضياع الحلم الآسيوي    برشلونة وإنتر ميلان يتعادلان 3/3 في مباراة مثيرة    سعود بن بندر يطلع على المبادرات الإصلاحية والتأهيلية لنزلاء السجون    أضواء بنت فهد: «جمعية خيرات» رائدة في العمل الخيري    جمعية الزهايمر تستقبل خبيرة أممية لبحث جودة الحياة لكبار السن    فيصل بن مشعل: اللغة العربية مصدر للفخر والاعتزاز    المتحدث الأمني للداخلية: الإعلام الرقمي يعزز الوعي المجتمعي    العلا تستقبل 286 ألف سائح خلال عام    جامعة الملك سعود تسجل براءة اختراع طبية عالمية    مؤتمر عالمي لأمراض الدم ينطلق في القطيف    اعتماد برنامج طب الأمراض المعدية للكبار بتجمع القصيم الصحي    قطاع ومستشفى محايل يُفعّل مبادرة "إمش 30"    الأمير سعود بن نهار يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد    محافظ سراة عبيدة يرعى حفل تكريم الطلاب والطالبات المتفوقين    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    خسارة يانصر    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أوكرانيا وأمريكا تقتربان من اتفاقية إستراتيجية للمعادن    حينما يكون حاضرنا هو المستقبل في ضوء إنجازات رؤية 2030    جاهزية خطة إرشاد حافلات حجاج الخارج    الرئيس اللبناني يؤكد سيطرة الجيش على معظم جنوب لبنان و«تنظيفه»    المملكة: نرحب بتوقيع إعلان المبادئ بين حكومتي الكونغو ورواندا    المتحدث الأمني بوزارة الداخلية يؤكد دور الإعلام الرقمي في تعزيز الوعي والتوعية الأمنية    وزير الخارجية يستقبل نظيره الأردني ويستعرضان العلاقات وسبل تنميتها    ميرينو: سنفوز على باريس سان جيرمان في ملعبه    بمشاركة أكثر من 46 متسابقاً ومتسابقة .. ختام بطولة المملكة للتجديف الساحلي الشاطئي السريع    وزير الخارجية يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الأردن    رسمياً نادي نيوم بطلًا لدوري يلو    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    أمانة الشرقية تطلق أنشطة وبرامج لدعم مبادرة "السعودية الخضراء"    تدشين الهوية الجديدة لعيادة الأطفال لذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال التوحد بجامعة الإمام عبد الرحمن    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    العمليات العقلية    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    حوار في ممرات الجامعة    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    أسباب الشعور بالرمل في العين    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الإعاقة المفاجئة».. لا تستلم لليأس بسهولة
« الرياض » تروي قصص انهزام مؤلمة بحثاً عن فرصة
نشر في الرياض يوم 12 - 08 - 2013

يصعب استيعاب التغيّر الذي تحدثه الإعاقة المفاجئة في حياتنا؛ جراء حادث مروري، أو دهس، أو سقوط، أو حتى خطأ طبي، حيث يصبح العالم مظلماً من حولنا، وصامتاً عن حديث الألم الذي بقي أسيراً في دواخلنا، ونحن نرى أرجلنا أو أيدينا لا تستجيب، ونعيش ما تبقى من عمر في دوامة البحث عن إجابة السؤال: هل يمكن التغلب على الإعاقة المفاجئة؟.
قسوة الإعاقة
وقال "محمد الشريف" أنّه فقد وهج أحلامه بعد تعرضه لحادث مع زملائه ألزمه الكرسي المتحرك منذ تسع سنوات، مبيّناً أنّ الحادث نجى منه كل من كان برفقته، إلاّ هو أصيب في الحبل الشوكي؛ مما منعه من المشي، موضحاً أنّ الحادث كان حدثاً مفصلياً في حياته، فلم يمض على تعيينه "ضابطاً" إلاّ فترة قصيرة، وكان في أوج السعادة لتخرجه، وبداية حقبة جديدة لتحقيق أحلامه بالاستقرار والزواج، وانقلبت كل الموازين في غمضة عين، ففقد عمله بسبب إعاقته المفاجأة، واختلفت الحياة برمتها، ولم يشبهه في حياته السابقة إلاّ اسمه.وأضاف أنّ تجربته كانت قاسية وأعادت له ترتيب جميع أوراقه، فاختلف حديث الأصحاب، ونظرة المجتمع وكل من حوله قد تغيّر، ولكنه لم يستسلم للألم، ولم يفرط في تذكر الماضي، مضيفاً: "أول الخطوات التي أعادت لي الحياة هي زواجي من خطيبتي، وأنجبت منها طفلين، وأصبحنا نعيش الآن حياة مستقرة -ولله الحمد-، ووضعي الصحي جيد، حيث مررت ببرامج تأهيل لفترة طويلة في مدينة سلطان للخدمات الإنسانية، وانتهت بتعييني مدرباً بالترفية، ومتخصصاً في مهارات الكرسي المتحرك، كما أبحرت في العمل الإنساني، من خلال قنوات التواصل الاجتماعي والإعلام، وأركز على الأمل والطموح، مهما كانت الخسارة المادية، والجسدية، فالثروة الحقيقة هي الإرادة والقدرة الذاتية التي تنبع من الداخل، وتكملها العلاقات الاجتماعية الصادقة التي لا تتغير مهما تعسرت الحياة.
من يأخذ بيدك؟
وأفاد "ثنيان السبيعي" بأنّه تعرض لحادث مروري منذ سبع سنوات؛ مما ألزمه الكرسي المتحرك، وبعد انتظامه على برامج التأهيل داخل مدينة سلطان الإنسانية، والنوادي الصحية خارجها؛ استطاع الوقوف بمساندة "العكاز"، مضيفاً: "كنت أعمل في وظيفة حكومية قبل الحادث وإلى الآن، أؤدي مهامي بشكل جيد، لقيت الكثير من الدعم من المديرين، وبالنسبة لبرامج التدريب والتأهيل اخصص لها الإجازات وخارج أوقات الدوام، حتى لا تؤثر على مستوى تقييمي الوظيفي، والحمد لله علاقاتي الأسرية جيدة على جميع المستويات، فقد كنت متزوجاً قبل الحادث، وكانت زوجتي الداعم الأكبر بعد الإعاقة المفاجأة في تسيير كثير من الأمور الحياتية، والأهل أيضاً لهم دورٌ كبير في مساندتي، خاصةً في الدعم المعنوي".
حق السعادة
ولفت "محمد العمري" -طالب جامعي- إلى أنّه تعرض لحادث مروري قبيل التخرج من الجامعة، وتحديداً قبل سنتين ونصف، ولم يقف على أعتاب الإعاقة وعدم قدرته على المشي منذ الحادث، فطوّر كثيراً من مهاراته، وانتظم على برامج التأهيل، والتحق بعمل مدخل بيانات، مبيّناً أنّ عالمه اختلف بعد الحادث، وتغيّرت نفسيته، وبات كل شيء في تراجع، لكنه لم يستسلم لتلك الإعاقة الجسدية، فتصدى لها، وأول خطوة اتخذتها تعلم مهارات الكرسي المتحرك، ومهارات التفكير الإيجابي، معتبراً أنّ تغيير الذات كافٍ لتغيير كل من حول الشخص، والإيمان بالقدرات والحق في الحياة بالطريقة التي يراها ويستحقها يدفعه لصناعة المعجزات، وفي مقدمتها تقبل الإعاقة بابتسامة ورضا بقضاء الله وقدرة.
معجزة النجاة
وكشفت "سفانة سجيني" -سيدة أعمال ثلاثينية وأم لطفل في سن الرابعة- أنّها حين كانت برفقة زوجها في هولندا وقبيل عودتهم للوطن أصيبت بزكام والتهاب في الأذن، وراجعت العديد من الأطباء الاستشاريين، وأجمعوا على تشخيصها "بالتهاب في الإذن"، وبعد أن اخترقت البكتريا الجمجمة والحبل الشوكي تدهورت حالتها الصحية، وحينها اكتشف الأطباء إصابتها ب"الحمى الشوكية البكتيرية"، وهي مرض نادر ولم يعرف لها أسبابه طبية، على الرغم من كل البحوث المتخصصة، وبعد أن فقد الأطباء السيطرة على البكتيريا دخلت في حالة غيبوبة، وكانت موصلة بالأنابيب في جميع أجزاء جسمها، خاصةً المخ؛ للتخلص من ماء الرأس بعد انتفاخها، لكنّها نجت من المرض، على الرغم من أنّ نسبة النجاة منه نادرة على مستوى العالم، ولا تجاوز (2%)، وغالباً ما يلجأ التدخل الطبي لبتر جزء من الجسد أو يفقد المريض حاسته بعد النجاة.
وقالت بعد أن استيقظت من الغيبوبة -التي استمرت أربعة أسابيع ولم تقدر على الكلام والحركة- فقدت جزءاً من الذاكرة، فلا أعرف ترتيب أخواتي، ولا أسماء بعض قريباتي، وأحداث كثيرة لم أتذكرها، ولم أفهم ما حدث لها، حيث تسببت البكتريا التي هاجمت مركز التوازن في الجسم بإعاقتي، وتيبس الجزء الأيسر من جسمي، إضافةً إلى الفقد الجزئي للذاكرة، وهذا ما يركز على معالجته الأطباء الآن، منوهةً أنّها بعد هذه التجربة المفجعة التي مرت بها اختلفت حياتها بشكل جذري، حيث كانت تدعم كل من حولها وتعتمد على نفسها في كل شيء، والآن تحتاج للمساعدة في غالب المهام اليومية.
وأضافت أنّ الأطباء أكّدوا لها أنّ وضعها الصحي ميئوس منه، والأمل في عودتها للحياة ضئيل؛ مما فجع زوجها وأهلها، إلاّ أنّ رحمة الله كتبت لها عمراً جديداً، فاختلف كل شيء بداخلها ومن حولها، وتعلمت الكثير من هذه التجربة التي لم تكن في الحسبان، ولكن الأمل بالله هو السبب الأساسي في الشفاء، والخيرة في كل ما يصيب الإنسان، ومنها فقدها الجزئي للذاكرة، موضحةً أنّها الآن تتعلم كل شيء من جديد وكأنّها طفلة، كما أنّ تفكيرها اختلف عن الماضي (100%)، معتبرةً أنّ الأهم أنّها استطاعت أن تميز بين معادن الناس، وعرفت الصديق من العدو، حيث أنّ المحن هي المحك في الحياة، وكلما ضاقت الدنيا بالشخص يستشعر دعم كل من حوله، حتى لو بكلمة، ويتألم من القصور ممن توقع أنّهم أقرب الناس له، مشيرةً إلى أنّها لا تحكم على المواقف بشكلية، بل بموضوعية بعيداً عن العواطف، وأصبحت لديها قناعة أنّ البكاء يأس.
فنون التعايش
وأفادت "سفانة" أنّ وضعها الصحي تحسن وبدأت تشارك زوجها فكرياً، فهو أهم فنون التعايش والمشاركة في العمل والمنزل وغيرها، مؤكّدةً على أنّ هناك فرق شاسع قبل وبعد إعاقتها المفاجئة، حيث كانت وزوجها يتقاسمان كل تفاصيل الحياة مادياً، ومعنوياً، واجتماعياً، ولكنّها الآن تحاول جاهدة أن تكون معه خطوة بخطوة، مضيفةً: "كل العلاقات تمر بفترات صعبة، وردود الأفعال تختلف من شخص لأخر حسب التراكمات الفكرية، وحسب تفاصيل العلاقة في السابق، ولكن المبادرة والاحتواء وفهم الطرف الأخر هي أهم القناعات اللازمة لتخطي المحن، التي يمكن أن يتعرض لها أي منا دون سابق إنذار".
سلبية الإحباط
وذكرت "فتحية ميرغني" -أخصائية تغذية- أنّها قد أصيبت ب"الرومتيد في الدم"، ومنذ خمس سنوات وهي تتردد على الأطباء للعلاج، وعلى الرغم من التزامها بالخطة العلاجية، إلاّ أنّها أصيبت بتشوهات في اليد، وتم تحويلها إلى مدينة سلطان الإنسانية للتأهيل، بعد ملازمتها الكرسي المتحرك لأشهر، موضحةً أنّه بعد تأهيلها لمدة ستة أسابيع، اعتمدت على نفسها بشكل كامل في المشي والحركة، وتحسنت التشوهات بشكل كبير، والبرنامج العلاجي مستمر لما بعد العيد، مضيفة: "كان أغلب من حولي يجمعون على آراء محبطة، وعدم قدرتي على المشي مرة أخرى، وكانت إجابتي لهم إنّ الله يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، فالإيمان واللجوء إلى الله كان هو طوق النجاة الأول، وبدونه لا نستطيع تحقيق أي نجاح.
فقدان التوازن
وكشفت "أم أحمد" -معلمة تربية فنية- أنّ المرض سرق صوتها في دقائق وهي تتجاذب أطراف الحديث مع أسرتها، حيث كانت في زيارة لأحد قريباتها، وبعد عودتها للمنزل شعرت بصعوبة في الحركة وثقل في الأطراف، وفقدت القدرة على الحركة وانخفض صوتها، ونُقلت إلى المستشفى بسرعة، وبعد الفحوصات شُخصت بإصابتها بجلطة، موضحةً أنّه لم يسبق هذه الأعراض الصحية أي مؤشر مرضي، فصحتها كانت جيدة، ولم تتعرض حينها لأي ضغوط نفسية، مبيّنةً أنّها توجهت مع زوجها إلى الأردن؛ للحد من مضاعفات الجلطة، وبعد تحسن وضعها الصحي انتقلت إلى مدينة سلطان الإنسانية؛ لتأهيل الجزء الأيسر، إذ لم تستطع تحريكه منذ إصابتها، وأصبحت تمشي بمساعدة العكاز، وتؤدي بعض الواجبات التي كانت تتقنها في السابق.
سنوات من التأهيل
وبيّنت "عفاف" -طالبة جامعية- أنّها فقدت والدتها وأربعة من ذويها في حادث مروري على الطريق السريع، أثناء رحلة إلى مكة المكرمة للعمرة؛ مما تسبب في إصابتها في الفقرات، وظلت حبيسة الجبيرة لمدة ستة أشهر، وانتقلت بعدها إلى مدينة سلطان الإنسانية، ومكثت في المدينة سنة ونصف لفترات متقطعة، وتحسنت بعدها وظائف جزئها العلوي، وذلك بعد التأهيل في مجموعة من البرامج، مشيرةً إلى أنّها استطاعت -بفضل الله- تحريك يديها والأكل والشرب بمفردها والتواصل مع الآخرين، إلاّ أنّها تحتاج سنتين حتى تستطيع المشي والحركة والاعتماد الكلي على ذاتها من دون مساعدة الآخرين.
إيمان وإرادة
وأوضح "د.حماد بن علي الحمادي" -أستاذ الخدمة الاجتماعية في مجال المعوقين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- أنّه عندما يصاب الإنسان بإعاقة مفاجئة تصيبه بعجز يعيقه عن أداء وظائف الحياة اليومية تصبح في نظره مستحيلة، فيشعر أنه فقد السيطرة والتحكم في مجريات حياته السهلة والصعبة والسلسة والمعقدة، وفي هذه المرحلة -خاصة بداية الإصابة-، يمر بمراحل تساعد على تشكل حياته بعد الإعاقة، ولها ارتباط وثيق بمدى إيمان الإنسان بربه، ومن ثم ثقته في نفسه وقوة إرادته، والثقة فيما تبقى من قدراته، ومدى تهيئة الظروف البيئية المحيطة به والدعم والمساندة التي يجدها من المحيطين به، وخلال تلك المراحل يصاحبه جدية في مواصلة العلاج والتأهيل من عدمها، والتواصل الاجتماعي أو العزلة ممارسة للحياة بالاعتماد على النفس أو محاولة الاعتماد على الآخرين بشكل كبير.
وقال إنه في كثير من الأحيان تسيطر على الإنسان أفكار تسيّر سلوكه بطريقة سلبية أو إيجابية، فكلما استطاع المعوق السيطرة على تلك الأفكار وجعلها إيجابية أسهم في عملية تأهيل نفسه وبشكل أسرع، أما إذا استسلم للأفكار السلبية التي تجعله مقاوماً لعملية التأهيل ومعطلاً لها لفترة طويلة؛ مما يصعب العودة إلى ممارسة الحياة بشكلها الطبيعي، فالنجاح مرتبط بتوفيق الله، ثم بمدى إدراك المعوق، والدعم الذي يحصل عليه من المحيطين به من الأسرة، والأصدقاء، والأطباء، والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، وأخصائيو العلاج الطبيعي والمهني والوظيفي، وغيرهم من ذوي العلاقة، ومن المعاقين الآخرين المحيطين بالمعوق خلال تلك المراحل، مشدداً على أهمية توفر الإمكانات الصحية والخدمات المصاحبة في المنطقة التي يعيش به المعوق، إلى جانب عملية التأهيل والتأقلم مع الإعاقة، التي قد تستغرق فترة زمنية قد تطول وتقصر.
مراحل ردة الفعل
وأوضح "د.أحمد بن نايف الهادي" -أستاذ مساعد واستشاري الطب النفسي والعلاج النفسي بقسم الطب النفسي بجامعة الملك سعود والمشرف على كرسي أبحاث وتطبيقات الصحة النفسية- أنّ ردة فعل الإعاقة المفاجئة تكون بناء على عدة عوامل، منها ما يتعلق بالحدث نفسه، ومنها ما يتعلق بطبيعة الشخص، مبيّناً أنّه كلما كان الحدث بسيطاً ويحدث لأغلب الناس وبصورة متدرجة كانت ردة الفعل أفضل، كذلك العوامل المرتبطة بطبيعة الشخص: من حيث العمر، الجنس، المستوى التعليمي، طبيعة شخصيته، ووجود الدعم من حوله.
وقال إنّ الأطفال وكبار السن عادةً ما يكون تأثرهم بالأحداث أكبر من البالغين ومتوسطي العمر، أيضاً الرجال يتأثرون بالأحداث بصفة أقل من النساء، وكلما كان التعليم والإطلاع أكبر كانت ردة الفعل أفضل، إلى جانب تأثير طبيعة الشخصية، من حيث استقرارها وعدمه، فالشخصية السوية المستقرة تتقبل الأحداث وتتعامل معها بشكل أفضل من الشخصية غير السوية، موضحاً أنّ الدعم النفسي عامل مهم في تقليل أثر الأحداث على الشخص.
وأضاف أنّه يمكن توصيف مراحل ردة الفعل للأحداث القوية التي تحدث للناس كما يلي: (أولاً) مرحلة الصدمة والإنكار، وغالباً ما تحدث عند سماع خبر سيء جداً، وفيها يتم إنكار حدوث الأمر الصادم، ومحاولة عدم تصديقه، وتكذيب كل من يتحدث في هذا الأمر، وربما تستمر ساعات أو أيام، (ثانياً) الغضب، وهو شعور طبيعي كردة فعل مؤقتة لما حدث، وغالباً ما يكون السؤال للنفس: لماذا أنا؟ -بصيغة الاستنكار-، (ثالثاً) المساومة: وفيها يحاول من حدث له هذا الأمر أن يساوم من يعتقد أنّ بيده الحل -كالطبيب مثلاً-، بحيث يقول له: "أنا مستعد أن أدفع لك ماتريد بشرط أن تعيدني مثل ما كنت عليه قبل الحادث"، (رابعاً) الاكتئاب والإحباط: وفيها تظهر بعض الأعراض الاكتئابية، مثل: انخفاض المزاج، وقلة الاستمتاع والشعور بمتعة الحياة، وربما انعزال الناس، وتمني الموت، (خامساً): التقبل: وهنا يبدأ الشخص بتقبل الواقع الجديد والعيش بالحالة الجديدة ومحاولة الاستمتاع كالسابق.
وأشار إلى أنّ الناس يتفاوتون في الفترات التي يقضونها في كل مرحلة، وغالباً ما تتراوح بين أيام وأسابيع، ولا يشترط أن يمر الشخص بكل هذه المراحل والترتيب نفسه، فمثلاً بعض الناس تكون بداية ردة فعله في المرحلة الرابعة الاكتئاب وبعدها يصل للتقبل، موضحاً أنّ مساعدة الشخص للوصول إلى المرحلة الأخيرة بعدة أمور منها العلاج الدوائي، وكذلك العلاج النفسي -الجلسات النفسية-، معتبراً أنّ العلاج المعرفي السلوكي من أفضل أنواع العلاج النفسي في هذا المجال، وتتلخص فكرته في أنّ أفكارنا هي المحرك الرئيس لمشاعرنا، وسلوكنا، وتصرفاتنا، وليس الموقف بحد ذاته، ففي العلاج المعرفي السلوكي يتم تصحيح الأفكار غير الواقعية وجعلها أكثر منطقية وواقعية بواسطة فنيات علاجية محددة، هدفها النهائي هو تحسين المشاعر والعواطف مثل الاكتئاب والقلق.
مدينة سلطان الإنسانية
وقال "د. عبدالحفيظ نشأت محروس" - مدير برامج تأهيل إصابات الحبل الشوكي في مدينة سلطان الإنسانية-: "بحكم عملي خلال العشر سنوات الماضية في تأهيل إصابات الحبل الشوكي، يمكنني القول أنّ البرنامج المقدم في المدينة متميزة وعلى أعلى المعايير العالمية، ولكنه لا يكفي بأي حال من الأحوال لتغطية المملكة؛ نظراً لكثرة مصابي الحبل الشوكي نتيجة الحوادث المرورية بالدرجة الأولى، فمدينة سلطان تخدم جميع مدن المملكة، وهذا يحد من فرص تأهيل الحالات التي يصعب عليها المراجعة في المدينة أو السفر، كما أنّ سعة المدينة حوالي (400) سرير متخصصة في برامج التأهيل المتخصصة لخدمة جميع الفئات العمرية في مختلف البرامج".
وأضاف: "الطلب في زيادة على خدمات المدينة والحاجة إلى الخدمات التأهيلية أكثر من المتوفر حالياً، وتحتاج انتشار التغطية التأهيلية الصحية بما يتناسب والتوزيع السكاني في المملكة، واستحداث آلية واضحة لانتقال المريض بين مراحل العلاج المختلفة بما فيها التأهيل، وتأهيل الكوادر الوطنية، والتعاون المشترك بين مقدمي الخدمات الصحية التأهيلية في المملكة لتقديم الرعاية الصحية التأهيلية، وبفضل الله وتوفيقه تمكنّا من جعل المريض مطلعاً على جميع الخيارات المتعلقة به، باعتمادنا على مبدأ الرعاية المركزة حول المريض، وبجعله صاحب الرأي في مسار علاجه والمسؤول عن خطته العلاجية ومسارها، وبهذه الطريقة وصاحب القرار الأول في خطته العلاجية؛ مما أدى إلى تقليل الخلافات بين الفريق التأهيلي والمريض وجعل تأهيله عملية فعّالة.
الطبيب المعالج يساهم في تخطي صدمة الإصابة المفاجئة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.