لم تكن "الروضة" منتشرة في ذلك الوقت أو ما يسمى بالتعليم التمهيدي. أبو عجب..إنسان مثقف جعل من بيته -الطيني- روضة تمهيدية لأطفال الحي، "بطن الحوي" في بيته كبير يتسع لمجموعة الأطفال. هكذا هم تجمعهم الظروف في بيت أبو عجب، زوجته تغلي لهم الحليب وتقلي بعضاً من بيض الدجاج البلدي. اشترى من حراج "الرخوم" طاولة مع عدة كراسي، قد لمِح هذه الطاولة في مشهد من فيلم مصري، يستمتع الأطفال عند أم عجب، لكن بعضهم يتأخر عن الحضور. وامهات الحي لايبالين في هذا الأمر!، يعتبرونها تسلية لاطفالهم، بينما ابو عجب وزوجته لديهم اهتمام في تعليم الأطفال على الحروف الهجائية. جارهم عبيد، له ابن "مقرود" اسمه ناصر، غالباً ما يرفض أن يذهب لبيت ابو عجب بسبب انه لا يريد أن يتعلم الحروف والأرقام والادب حين الافطار، يتأخر عن الحضور مبكراً. الباب الخشبي لمنزل ابو عجب، مخروم في منتصفه، قد أكلته الأرضة، يستغلون هذا الخُرم لمعرفة من عند الباب، ناصر في أحد الأيام تأخر عن موعد الروضة، وذهب يرمي عينه على ذلك الخرم ليشاهد من بالداخل، الا أن عجب كان جريئاً وعرف ان ناصر – يتليقف- يشاهد من بالداخل من خرم الباب، هذه الجرأة كادت ان تقتل ناصر، اخذ مسمارا ومطرقة وانطلق إلى الباب، فوراً ضرب المسمار في خرم الباب، وإذا به في خشم ناصر، انفجر الدم سريعاً وأغمى عليه. والدته تسمع صوت – صرخته – وتنطلق لاسعاف ابنها" نويصر" تجده مغمى عليه عند باب ابوعجب، تأخذه إلى بيتها لتضع على خشمه قهوة لعل الدم يقف. جدته أم عبيد، للتو انتهت من تلقيط الرز، تشاهد هذا المنظر المزعج وتصرخ:" من اللي طاقك مع خشيراك"، يأتي والده الحكيم، ويشاهد الدم، لكنه عرف ان ابنه في خير، زوجته:" شفت ذا الجني عجب، طاقن مسمار في خشيرا نويصر"، الا انه يقاطعها القول:" خير ان شاء الله، مدام ان الولد طيب، ولا كلمه لا تفضحونا عند جيراننا"، أم ناصر تنظر لزوجها في ازدراء:" اقولك بغى يفطس علينا الولد..وانت تقول اسكتوا عن الجيران.؟، لازم تروح للنقطة – مركز للشرطة- تشكي عليهم". ابو ناصر الذي مدد رجليه ليستريح، انزعج من هذه الجملة، ثم وقف ليرفع صوته الجهوري:" وشو.. أسمعي والله ثمّن والله، ان سمعت انكم متلاغين مع حريمهم والا قايلين لهم شي، اني لا ادبغكم دبغ..معد الا هو، انا اروح اشكي ابو عجب صديقي وجاري" ثم يصرخ على نويصر:" قم قامت عصب، كانك مشغلنا في ذا الدنيا"