تعتزم وزارة العمل استحداث قطاع للمقاولات يتبع الوزارة، وذلك بعد مناقشات شهدتها غرفة تجارة الرياض بين مسؤولين من وزارة العمل، والمقاولين السعوديين، فقد كان دوافع اللقاء كماء جاء في هذه الجريدة يوم السبت الفائت، هو بحث اسباب تعثر المشروعات الحكومية التي يسيطر عليها قطاع المقاولات في المملكة إشرافا وتنفيذا، ماذا يا ترى كانت الأسباب؟ هل هي بسبب عقود الباطن التى أعطت مسؤولية تنفيذ المشروعات الضخمة لشركات متواضعة في خبراتها وكوادرها؟ أم بالآلية التي يتم بها اختيار شركات معينة لتنفيذ المشروعات؟ أم بزيادة قبضة المستشمرين الاجانب على بعض المشروعات الحيوية؟ سبب التعثر ليس ضمن الاسباب السالفة، هل تعرف أن أصحاب الملف العلاقي الاخضر، وأصدقاء حافز هم السبب . النسبة المرتفعة في معدلات السعودة التي تطلبها وزارة العمل هي السبب، ولذلك استجابت وزارة العمل لهذا السبب، وسوف تضع معدلات السعودة في المستويات الدنيا في قطاع المقاولات.. أرأيت كيف أن المشكلة بسيطة جدا، وحلها لا يتطلب عصفا فكريا كبيرا، ولا خلطات اسمنت ولا تكسير حجر، فقط إبعاد الوجه المنحوس "العاطل" عن قطاع المقاولات وكل مشروع سوف يسلم بوقته المحدد، وبجودة عالية، فالنحس يبقى نحسا حتى لو كان وجوده مجرد فكرة لم تطبق بعد!! سؤال بلا عمل "عاطل" نعني ان الاجابة عنه غير ملزمة، هل شركات المقاولات عندما فازت بعقود تنفيذ المشروعات لم تكن جاهزة، وتنقصها الايادي العاملة المدربة؟ ألم يكن من شروط اسناد المشروع أن تقدم الشركة كامل جاهزيتها الفنية والمالية والقانونية والبشرية حتى تفوز بالعقد، أم كانت تلك الشروط أو بعض منها مؤجلة؟ فسؤالنا العاطل عن مشروعات وقصص تنفيذها التي كانت في السابق، نقصد أن المنحوس العاطل لم يكن حاضرا في تنفيذ تلك المشروعات، وإن كان له وجود فوجوده يكون اسما فقط "حتى تمشي المناقصة" العاطل في اجتماع غرفة تجارة الرياض يشبه أم العروس عندما يطلب منها عدم الحضور حتى يمر زواج ابنتها بخير وسلامة، أحد المقاولين قال : إن قطاع المقاولات يتطلب العمل تحت ظروف مناخية صعبة، واستعدادات نفسية وجسمانية لا تتوفر بالسعودي، وأكيد انها متوفرة بالأجنبي، وربما يكون بهذا الفرض شيء من الحقيقة، إذا كان القصد عمال البناء والنجارين وما شابههما من المهن القاسية، ولكن هناك وظائف مهنية تتطلب وقتا معقولا من التدريب، وكذلك وظائف في الإدارة والهندسة وأخرى ذات مواصفات نوعية في هذا القطاع، وإن لم تكن متوفرة في السوق المحلي في الوقت الحاضر، فلابد أن تعطينا وزارة العمل وقتا محددا لتوفرها، حتى نتضامن مع برامجها التدريببة التى تعلن عنها كل عام . السعودة ليست خيارا ضمن الخيارات يوافق عليها قطاع المقاولات أو يرفضها ويتوجه لغيرها، بل هي مطلب وطني سام في أهدافه، وتنمية الوطن لا تصنعها القصائد النبطية، ولا شركات الباطن التي تبني الخبرات الاجنبية وتصدرها للخارج، فخلف كل تجربة يملكها الاجنبي في بلدنا تقف مأساة مواطن، وخلف كل تلاعب بقضية السعودة يوجد مشروع متعثر، وأموال مهولة ترحل للخارج، فإن كان قيام المشروعات الانشائية بطريقة سليمة ووقت محدد، شيئا ضرورياً ومهماً، فإنشاء انسان هذا البلد أهم من إنشاء الخرسانات الإسمنتية، فسياسة هذا البلد تقوم على بناء الانسان أولا، وكل انحراف عن هذه القاعدة يعد انحرافا عن سياسة البلد. فقد يكون من المناسب أن نسمع من وزارة العمل ما دام أنها تصدرت هذا العمل، أن تعلن عن اسماء الشركات التي تعثرت بنا ولم تتعثر، وتضع لائحة للعقوبات خاصة أننا نتكلم عن مشاريع متعثرة في السابق، حيث يفترض ان الشركات كانت جاهزة لتنفيذ المشروعات، وانها بتعثرها لم تكن صادقة بالمعلومات التي قدمتها للفوز بالعقود. واذا كان الامر كذلك وشركات المقاولات الوطنية عجزت عن أن توفر خبرات منافسة لقوى العمل المحلية، فليكن الاختيار على صاحب الخبرة الاجنبي وأقصد الشركات العالمية، ويطلب منها أن تبني خبرات وطنية في الإدارة والمجالات الفنية الأخرى، فمع تسليم المشروع، تسلمنا خبرة وطنية عالية الجودة، فالقطاع الخاص المحلي هو من أكثر القطاعات التي استفادت من قضية السعودة بدون أن تقدم لها شيئا، فمع كل مشروع تسمع رجال الأعمال يقولون، سوف ندرب السعوديين، وسوف نوفر فرص عمل كبيرة، وينتهي المشروع بتعثر بنائه، وزيادة في أعداد البطالة..