قفزة نوعية في توطين الصناعات العسكرية    «الموارد البشرية» الثاني عالميًا في أفضل مشروع اجتماعي    فيصل بن مشعل يُثمِّن إنجاز إمارة القصيم وحصولها على المركز الثاني في التحول الرقمي لعام 2025    "مسام" ينزع (1.044) لغمًا من الأراضي اليمنية خلال أسبوع    المملكة وسورية.. شراكة ومستقبل مزدهر    دوري يلو 8.. الدرعية يتقدم والوحدة يحقق أول انتصار    بيان النصر.. شرّ البليّة ما يضحك    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء.. الخميس    برعاية ولي العهد.. وزارة العدل تُنظم المؤتمر العدلي الدولي الثاني    البنيان يرعى «التعليم المنافس» في «الملك سعود»    «الرياض الصحي»: البحث العلمي شريكٌ محوري في التحول الصحي    رئيس جامعة جازان يطلق منصة "ركز" للاستثمار المعرفي    ركن وزارة الشؤون الإسلامية يستقبل زواره في جناح المملكة بمعرض الشارقة الدولي للكتاب    القصيم: فرع الشؤون الإسلامية يُتعامل مع 1169 بلاغًا خلال الربع الثالث    برعاية خادم الحرمين انطلاق مؤتمر ومعرض الحج    «سعود الطبية» تعيد الحركة لمفصل كوع بعد 10 أعوام من العجز    إصابة جديدة في تدريبات المنتخب السعودي    جامعة أمِّ القُرى الشَّريك المعرفي والابتكاري لمؤتمر ومعرض الحج في نسخته الخامسة    "الخارجية الفلسطينية" تدين إخلاء عقارات لصالح المستوطنين في القدس    مفاوضات عالقة والاحتلال يتعنت    تصاعد أرقام نازحي السودان    ميسي ينتظم في معسكر منتخب الأرجنتين بإسبانيا    مطالبة المناطق الاقتصادية بالرياض باستكمال البناء المؤسسي    تكامل الجهود أبرز محفزات الجذب السياحي في القصيم    "رينارد" يستبعد "تمبكتي" من معسكر الأخضر بسبب الإصابة    السعودية والكويت توقعان 4 مذكرات تفاهم في عدة مجالات    القادسية يتوج ببطولة المملكة للمصارعة الحرة والرومانية ب26 ميدالية في مختلف الفئات السنية    الحقيل: منظومة البلديات تنتقل إلى التشغيل الذكي لخدمة ضيوف الرحمن    الملك يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    لكي لا يمسخ الذكاء الاصطناعي وعي الإنسان    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير فرع الهيئة العامة لتنظيم الإعلام بالمنطقة    برعاية ولي العهد.. وزارة العدل تنظم المؤتمر العدلي الدولي الثاني 23 نوفمبر في الرياض    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ذاكرة بصرية لتأريخ الحج وعمارة الحرمين    رئيس الشؤون الدينية التركي يشيد بعناية المملكة بضيوف بيت الله الحرام    جمعية رؤية تختتم برنامج الإلقاء والخطابة للأطفال ذوي الإعاقة 2025    تغلب على الزمالك بثنائية.. الأهلي القاهري بطلاً للسوبر المصري    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    ارتفاع تحويلات الأجانب    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًّا بمؤتمر ومعرض الحج 2025    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    «إثراء» يستعرض المشهد الإبداعي في دبي    مغنية افتراضية توقع عقداً ب 3 ملايين دولار    الثقافة تصعد جبال طويق    إسلام آباد تبدي استعدادها لاستئناف الحوار مع كابل    شجار زوجين يؤخر إقلاع طائرة    اليمن.. ضبط معدات اتصال حوثية متقدمة    العلاقة الطيبة بين الزوجين.. استقرار للأسرة والحياة    مطوفي حجاج الدول العربية شريكاً إستراتيجياً لمؤتمر ومعرض الحج 2025    لص يقطع أصبع مسنة لسرقة خاتمها    النوم بعد الساعة 11 مساء يرفع خطر النوبات    المقارنة الاجتماعية.. سارقة «الفرح»    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    تناولوا الزنجبيل بحذر!    تعزيز تكامل نموذج الرعاية الصحية الحديث    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طلاق بالتراضي من أجل الأبناء!
التخطيط للانفصال الإيجابي «وفاء للعِشرة» وحفاظاً على المستقبل
نشر في الرياض يوم 28 - 09 - 2012

يبقى الطلاق أمرا واقعا وحلا أخيرا عندما تستحيل العشرة الزوجية وتفشل كل محاولات الصلح والبقاء، وفرصة للتحرر النهائي من علاقة فاشلة، ولكن في كثير من الأحيان - وتحديداً في حال وجود الأبناء - يكون الطلاق نقطة البداية لا النهاية للمزيد من الخلافات والصراعات التي لا تنتهي؛ نتيجةً لغياب مفهوم "الطلاق الناجح" الذي يستند على الاتفاق لترتيبات قبل وبعد الطلاق، من دون اللجوء إلى المحاكم وتصعيد الخلافات وتأزيم العلاقات، وشحن نفسية الأطفال بكل أنواع المشاعر السلبية ليكونوا ضحية لزواج وطلاق فاشلين.
فبعضهم لا يستحضر في ذهنه مفهوم الطلاق الناجح الذي جاءت به الشريعة الإسلامية "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، بل يذهب إلى أقسى وأبشع صور الانتقام والإهانة لتدمير مشاعر وسمعة الطرف الآخر، فلا مجال للمقارنة بين من يبعث بورقة طلاقها مصحوبة بأكياس ملأ بها جميع مستلزماتها، ثم يحرمها من رؤية أطفالها ويعمل على تشويه سمعتها حتى لا تتزوج مره أخرى، وبين من يبدأ بكتابة الفصل الأخير لتلك الحياة بأسلوب راق وحضاري فيكون الاقتناع والرضاء المسبق قبل الطلاق على وقت وقوعه المناسب والنفقة والحضانة وكل ما يتعلق بالاستقرار النفسي والاجتماعي لأبنائهما، فالطلاق انطلاق وليس انشقاقا!.
مرحلة ما بعد الطلاق
وأوضح "د. محمد حسن عاشور" - مستشار تربوي وأسري وخبير التنمية البشرية - أنّ الطلاق بحد ذاته صدمة كبيرة، وخصوصاً مع وجود أطفال لهم مسؤوليات، مشيراً إلى أنّ الطلاق هو فسخ لعقد الشراكة في مؤسسة الزواج بين الشريكين - الزوجين - وهو خيار لابد منه في بعض الأحيان، فقد أوجد الله سبحانه هذا الحل رحمةً بكلا الطرفين إذا ما استحال استمرار الشراكة بينهما، والحقيقة أنّ الطلاق متى ما وقع له آثار نفسية واجتماعية على كلا الطرفين وعلى الأبناء خاصة، لا سيما إذ لم تُراع فيه الجوانب الشرعية التي وردت في
لا تجحد «العيش والملح» وتسيء للطرف الآخر وتشوه سمعته وتؤلب الأطفال ضده
القرآن الكريم والسنة النبوية، مبيناً أنّ قواعد الطلاق الناجح تبدأ باتفاق الطرفين على القرار وكيفية التخطيط لمرحلة ما بعده في حال وجود الأبناء، سواء من سكن أو نفقه وحتى الاتفاق على إجابة موحدة لمن يسأل عن أسباب الطلاق من الأهل والمقربين، وكذلك على كيفية التعامل مع آثار الطلاق والتقليل من الأضرار المتوقعة إلى أقل مستوى ممكن، بحيث لا تؤثر في مستقبل الأبناء أو أحد الزوجين.
ولفت إلى أن أهم خطوات الطلاق الناجح التي لا تترك ندوبا وجروحا عميقة تقف عند تأمل معنى الزواج؛ فإذا كان الزواج هو فن بناء منظمة هي الأرقى والأجمل والأدوم صمام أمانها المودة والرحمة، وفي ظل هذه المنظمة الكبيرة هناك مشروعات صغيرة، تتمثل في بناء إنسان فاعل ومنتج في هذه الحياة، وهم الأبناء، فلا يعني الطلاق هدم ما تم بناؤه، فقد قال الله - سبحانه - في حق المطلقين: "ولا تنسوا الفضل بينكم".
د. خالد الحليبي
التعامل بالإحسان
وأضاف "د. عاشور" أنّ الطلاق له وجه ايجابي؛ فمن معانيه "الانطلاق، حيث يكون بدايةً جديدة لطرفي الزواج، لا تعني مسح أو شطب الأبناء وإهمالهم بدعوى نسيان الماضي، والانتقام من الطرف الآخر، إذا ما نظر كل طرف أنّ الطلاق هو فرصة للبدء من جديد والوقوف مع النفس وقفة جادة لتقيمها والتخلص من السلبيات، والإفادة من التجربة للنجاح مستقبلاً، معتبراً قوله تعالى: "فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" من أهم القواعد الواجب التزامها إذا ما وقع الطلاق، حتى لا يكون شقاقاً، ويصبح انطلاقه، ويتصف بالإحسان، مشدداً على أهمية أن لا يذكر أحد الزوجين الآخر إلاّ بكل خير، ولا ينقص من قدره أو يهينه، وخاصة أمام الأبناء، حيث أنّهم سيكبرون ويفهموا معنى أن لا ينسجم اثنين ويفترقا، لكن المهم أن لا يرسخ في ذهنهم معنى سلبي تجاه الزواج والارتباط، مؤكداً أنّ المجتمع يتحمل دوراً كبيراً في نجاح الطلاق، وخاصة فيما يخص المرأة، فالضرر الواقع عليها أكبر وأثره أعمق لاعتبارات كثيرة، فنظرة المجتمع للمطلقة تسهم في زيادة الضغط النفسي على المرأة، وقد يؤثر ذلك في تعاطيها مع أبنائها وطليقها كما يؤثر في انطلاقتها في حياتها.
د. محمد عاشور
مشروع إيجابي
وقال "د. مريد الكلاب" - مستشار في التنمية البشرية: "لا شك أنّ الهدف من الطلاق هو التخلص من حياة مريرة غير قابلة للاستمرار، واختيار أخرى، ولتحقيق ذلك الهدف يجب اجتياز مرحلة الطلاق بأيسر ما يمكن، لكي نخفف ألم الماضي ونتوجه إلى المستقبل، وأجمل قاعدة في ذلك توجيه القرآن لنا بقوله تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم)، توجيهاً يحيل الزوجين إلى الشعور بالوفاء لكل لحظة جميلة، والتنازل مقابلها عن حضوض النفس وأثرتها للوصول إلى ما يسعد الآخر حتى بعد الإنفصال"، مشيراً إلى أنّ "مشروع الطلاق بالتراضي" يعتمد على قدر نضج الزوجين ومستوى رقيهما المعرفي، إذ سيكونان قادرين على الوصول إلى آلية لطلاق ناجح يعكس صورة عن المبادئ والأخلاق الكريمة التي يتحلى بها كل واحد منهما، لافتاً إلى الأسباب التي قد تفشل ذلك المشروع الإيجابي كحالات يكون فيها التدخل السلبي لأطراف خارجية، وسماح الزوجين أو أحدهما بذلك، وأيضاً وجود حقوق شخصية لأحد الطرفين وتواني الآخر عن الإيفاء بها، كما أنّ سوء طوية أحد الزوجين أو كليهما يتيح للأخر الحقد أو الرغبة في الانتقام للسيادة على الرؤية الإيجابية للمستقبل والراحة النفسية بعيداً عن المشاكل.
الأمن النفسي
وأكّد "د. الكلاب" أنّ تلك المرحلة يجب التزامها بهدوء والقدرة على تفهم الآخر ولو لمرحلة قصيرة، حتى يتم الوصول إلى ما يحقق مصلحة الطرفين بالنظر إلى الجانب الأخلاقي والقيمي، إلى جانب إغفال الأسباب التي أوصلت إلى الطلاق؛ لأنّها صارت من الماضي وليس لإحيائها مبرر، مبيناً أنّه في حال وجود الأبناء يكون ذلك أكثر حتمية، لأنّ رابطة الوصل ستبقى قائمة، ولابد أن تحمل وجهاً مشرقاً يحافظ على كرامتهم وأمنهم النفسي، وأن يسمو بذلك الهدف عن دوافع الانتقام والنرجسية، ويتحقق هذا الهدف بوضع برنامج للتواصل مع الأبناء وإظهار كل من الزوجين احترامه للآخر أمامهم، موضحاً أنّه لا بأس بقدر من الاتفاق على نوع من التواصي المشترك في الوصول إلى رسالة تربوية واحدة.
اتفاقية موقعة
وأشار "د. خالد الحليبي" - مستشار أسري ومدير مركز التنمية الأسرية بالأحساء – إلى أنّ الطلاق شرٌ غالبه، ولكن قد يكون فيه خير وافر، وصلاح لحياة الأسرة كلها، ويكفي أنّ الله تعالى قال: "وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته"، فالفراق صار فرصة ليستغني كل منهما عن صاحبه بما ييسر الله له بعده، ويتم الطلاق بالتراضي أو ما يسمى "الطلاق الناجح" حين تستحيل الحياة الهانئة المستقرة بين الزوجين، فإطالة أمد هذه الحياة المضطربة هو ظلم للنفس قبل غيرها، مبيناً أنّ معظم الأمراض العضوية والنفسية هي من جراء المشكلات المزمنة المستمرة، ومنها المشكلات الزوجية، مضيفاً أنّه في حال وجود الأبناء تتعاظم وتتطاول المشكلة، حتى تنخر في نفوس الأولاد، وربما كانوا موطن تفريغ الشحن والضغط، وخاصة من الجانب الأضعف الذي لا يملك قوة الرد على الطرف الآخر. ولفت إلى أنّ الطلاق لا يكون ناجحاً في تنفيذه إلاّ إذا تم الاتفاق مكتوباً في وثيقة تشمل طريقة الطلاق، وطريقة أخذ الأثاث، والنفقة على المطلقة إذا كانت حاملاً أو مرضعاً، والاتفاق على الزيارات وكيفيتها بالتفصيل، والتوقيع على ذلك كله، وإذا انتهى الأمر كله يتم التواصل بين المطلقة والمطلق لتتم تربية الأولاد في جو من الأمان النفسي والطمأنينة، مشدداً على الطرفين أن يحترم كل منهما الآخر في غيبته، فلا يذكر سره لأحد، ولا يشتمه أو يتنقصه أمام الآخر، حيث الوالدين حصنٌ للولد ذكراً كان أم أنثى، وقدوة لهم، فإذا سعى أحدهما في هدم شخصية الآخر في نفوس الأولاد ليستميلهم إليه، فإنّ المصيبة عظيمة جداً، وقد تتضخم وتشتد وتتسع الهوة، ويصعب الترقيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.