الأولمبياد الخاص السعودي يقيم المسابقة الوطنية لكرة السلة    جمعية أرفى تحصد فضية جائزة "نواة 2025" للتميز الصحي بالمنطقة الشرقية    مواجهات تشعل المنافسة.. انطلاق الجولة 12 من دوري يلو الجمعة    الفتح يتعادل مع النصر وديًا بهدفين لمثلهما    مُحافظ الطائف يستقبل وفدًا من أعضاء مجلس الشورى    مدير عام حرس الحدود: أمن الوطن مسؤولية راسخة تتجدد بالعطاء والتضحية    Center3 إحدى شركات مجموعة stc وهيوماين توقعان شراكة لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة تشغيلية تصل إلى 1 غيغاوات في المملكة    السعودية تستضيف كأس السوبر الإيطالي    تعليم الطائف ينفّذ لقاءً تعريفيًا افتراضيًا بمنصة «قبول» لطلبة الصف الثالث الثانوي    أكثر من 270 ألف طالب وطالبة في تعليم الطائف يحتفون باليوم العالمي للغة العربية    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل مفتي جمهورية رواندا    برعاية سمو محافظ الأحساء.. افتتاح الفرع الثاني لجمعية الرؤية التعاونية    أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تحتفي باللغة العربية في يومها العالمي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية النيجر رئيس الدولة بذكرى يوم الجمهورية لبلاده    برعاية أمير المدينة.. اختتام مسابقة "مشكاة البصيرة" لحفظ الوحيين    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    جناح إمارة الرياض يوثق محطات تاريخية للملك سلمان    أمير الشرقية يكرّم داعمي جمعية «أفق» لتنمية وتأهيل الفتيات    إلغاء المقابل المالي على العمالة الوافدة: خطوة استراتيجية لتعزيز تنافسية الصناعة الوطنية    ارتفاع أسعار النفط    الإحصاء: ارتفاع عدد المراكز اللوجستية إلى 23 مركزا في 2024م    مرتفعات تروجينا وجبل اللوز تشهد تساقط الثلوج وهطول الأمطار    أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    ندوات معرفية بمعرض جدة للكتاب تناقش الإدارة الحديثة والإبداع الأدبي    سورية: مقتل شخص واعتقال ثمانية بعملية أمنية ضد خلية ل«داعش»    احتجاز الآلاف و70 من طواقم صحية بجنوب دارفور «الصحة العالمية» تطالب بالإفراج الآمن وغير المشروط    من سرق المصرف الإنجليزي؟    في الشباك    نعمة الذرية    هل الإنسانُ مُختَرَق؟    موسم الشتاء.. رؤية طبية ونصائح عملية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يشخص أورام الرئة عبر تقنية تنظير القصبات الهوائية بالأشعة الصوتية EBUS    الأخضر يواجه الإمارات لحسم المركز الثالث    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    تصاعد الاستيطان الإسرائيلي يثير إدانات دولية.. واشنطن تؤكد رفض ضم الضفة الغربية    «الأسير» يعيد هند عاكف بعد غياب 16 عاماً    خالد عبدالرحمن يصدح في «مخاوي الليل»    الكلية التقنية بجدة تنتزع لقب بطولة النخبة الشاطئية للكرة الطائرة 2025    تعزيزاً لمكتسبات رؤية 2030.. المملكة مقراً إقليمياً لبرنامج قدرات المنافسة    تعول على موسكو لمنع جولة تصعيد جديدة.. طهران تعيد تموضعها الصاروخي    في ذمة الله    البيطار يحتفل بزفاف مؤيد    القحطاني يحصل على الماجستير    900 مليون لتمويل الاستثمار الزراعي    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    تفوق رقمي للأفلام مقابل رسوخ محلي للكتب والمكتبات    رئيس الأكاديمية الأولمبية السعودية "بن جلوي"يشهد تكريم خريجي دبلوم الدراسات الأولمبية    حنان الغطيمل تحصد جائزة عالمية وضمن 100 قيادية    أمسية شعرية سعودية مصرية في معرض جدة للكتاب 2025    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    ضبط 952 كيلو أسماك فاسدة ببيشة    موسكو ومسارات السلام: بين التصعيد العسكري والبعد النووي للتسوية    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتحار المواهب الموسيقية السعودية.. الفضاء الإلكتروني لم يعد كافياً!
وسط إهمال وزارة الثقافة وجمعيات الفنون
نشر في الرياض يوم 27 - 09 - 2012

لماذا ابتعدت أو محيت كثير من التجارب والمواهب الموسيقية المحلية؟. ولماذا أصبح قدر كثير من الواهب الموسيقية الشابة من عازفين وملحنين؛ إما الموت أو اللجوء للعوالم الافتراضية، كاليوتيوب وغيره.. هل حقاً واقعنا كما يراه البعض.. مدفناً للفن والفنانين؟. وهل البلد الذي قدم للعالم موسيقى طلال مداح وغيره من الأسماء الموسيقية المؤثرة، غير قادر على خلق بيئة فنية حاضنة للأسماء المبدعة؟. الموسيقى هي المنبع الأول للفن، إن كان لحناً أو غناءً وهي الأساس الأول في بناء الذائقة الجمالية للإنسان والمجتمع؛ إلا أن الواقع الفني والموسقي السعودي، ينحدر بالذائقة الفنية والموسيقية وسط هذا الموت البطيء والمتتالي للتجارب الموسيقية المحلية، بدل استثمارها لتقدم إلى العالم، في ظل عدم اعتراف حقيقي بهوية الموسيقى. في هذا التحقيق إذن، نبحثُ عن سببَ انتحار المواهب الموسيقية وهي في أوج ظهورها وبدايتها وعن سر عزوف كثير من الأسماء والتجارب الموسيقية وتغيبها وانزوائها بعيداً عن الساحة الفنية التي لا تزال تسيطر عليها الموجات الغنائية الهزيلة.
ابتعاث.. موسيقي
بداية، يرى الناقد الفني يحيى مفرح زريقان، أن المؤسسات المعنية بالعمل الإبداعي بعيدة تماماً عن أداء دورها الذي أسست من أجله، فمثل هذه المواهب التي تتوقف عن الفن، رغم كمية الموهبة العالية لديها، كان حري بوزارة الثقافة والإعلام وجمعيات الثقافة والفنون بأن تتبناها وتدعمها بإتاحة الفرصة لها في الدراسة في معاهد موسيقية متطورة في العالم ومن ثم تقديمها في المناشط والفعاليات المحلية كسوق عكاظ أو الجنادرية. مضيفاً: "يفترض بنا كمجتمع إن كان على مستوى فردي أو مؤسساتي أن نفتخر وننهض بهذه المواهب ونصدرها لقنوات الاتصال والنشر، لأن هؤلاء هم من سينهض بالذوق العام في المجتمع السعودي". ويؤكد الناقد السعودي أن عدم وجود آليات عمل داخل المؤسسات الثقافية، هو الذي دفع بالمواهب والطاقات الشابة إلى الاحباط والتوقف.
البيئة الاجتماعية.. سبب
ويرى زريقان أن البيئة الاجتماعية المحيطة أيضاً سببٌ في إحباط وتوقف المواهب الموسيقية، موضحاً: "لو كان المجتمع محفزاً وإيجابياً في تعاطيه مع الشأن الموسيقي لكان سهلاً على الموهبة الشابة أن تترجم إبداعها على شكل قطع موسيقية أو غيرها؛ لا أن تصل لمرحلة التوقف". وينبه الكاتب يحيى زريقان إلى أن علينا أن لا نظلم المجتمع، "لأن مجتمعنا في الغالب لديه قبول واستعداد لتقبل الفن، وإنما هنالك شريحة واحدة هي التي سيطرت على المجتمع والشارع وأصبح رأيها هو الذي يصدر وكأنه قرار وهم ليسوا مخولين أصلاً لذلك".
الموسيقى عمل.. تنموي
ويعتقد الناقد زريقان، أن الموسيقى والفن عمل تنموي شأنه شأن أي مجال تنموي آخر، داعياً وزارة التربية والتعليم إلى أن تعيد النظر في المناهج، لتتضمن مادة التذوق الجمالي والفني والموسيقي حتى ينشأ لدينا جيل لديه القدرة على فرز الجيد (الجميل) من السيىء (القبيح) في المستقبل.
مؤسسات الإنتاج
أما عن دور مؤسسات الإنتاج الفني هذه الأيام فيعلق زريقان: "ليس لديها الوعي الفني، إلا ما رحم ربي". مضيفاً: "عندما كانت تصدر لنا اسطوانات خالد برزنجي في التسعينيات (مؤسسة الخيول)، كان من يمسك بتلك المؤسسة رجل يحترم ويقدر ويفهم ما هو الفن وما هي الموسيقى وأهميتها في الحياة، أما اليوم فنرى أن أحداً من المنتجين لم يجرؤ على تقديم أسطوانة موسيقى خالصة في التأليف أو التوزيع الموسيقي لأن هذا المنتِج يجهل ما هي الموسيقى والتأليف الموسيقي أصلاً".
تجارب غير مستثمرة
ويشير الناقد زريقان إلى وجود مجموعة من الموسيقيين السعوديين الذين سافروا ودرسوا في الخارج وتعلموا الموسيقى وحصلوا على درجات علمية ورجعوا إلى البلاد ولكنهم لم يستثمروا حتى الآن وهم موجودون في أغلب مناطق المملكة. ويتفق الزريقان مع الطرح القائل بضرورة وجود كيان موسيقي يجمع هؤلاء الأساتذة الموسيقيين مع المواهب الشابة، مقترحاً أن يكون ذلك في إنشاء قطاع خاص بالموسيقى خاص به، يستقبل أنشطته ومواهبة ويعكف على تطويرها لأن المسألة في نهاية المطاف مسألة تنموية تمس ذوق المجتمع، جمالياً.
زريقان: يجب تضمين المناهج مادة التذوق الجمالي والفني
عادل الزهراني
العازف السعودي ومدرس الجيتار عادل الزهراني، يؤكد بداية على التفريق بين الموسيقي والمطرب لأن "المطربين آخذين حقوقهم وزيادة" بل ويقدمون في كل محفل ومدعومون من كل الأطراف ومنهم رجال المال؛ ولكن الموسيقى محاربة، لأنها لا توجد بل وممنوع أن تنشئ معهداً موسيقياً أو تدرس الموسيقى بالمدارس ولا حتى معاهد خاصة على مستوى جيد، "فالمطرب من الممكن أن يظهر بمجهود شخصي ويتعلم العزف على العود بطريقة بسيطة ويقلد الفنانين حتى يصبح مشهوراً ويمارس حياته الفنية دون الحاجة للمعاهد، لكن من المستحيل أن تجد موسيقياً دون دراسة وأنا هنا اقصد موسيقياً حقيقياً يقرأ ويكتب ويؤلف موسيقى بل ويؤلف مناهج ومقطوعات ولا أقصد ملحن الأغاني لأنه ملحق بالمطرب".
سبب الإحباط
ويرى الزهراني أن غياب المعاهد والمدارس الموسيقية هو الذي يحول دون تحقيق طموح الموسيقي الذي يريد أن يعزف على آلة معينة مثل العود أو الكمان أو الجيتار والبيانو بطريقة علمية راقية مدروسة تتيح له عزف مقطوعات متقدمة مثل موسيقى باخ وبيتهوفن ويقدم حفلات للعزف المنفرد أو الجماعي على آلته الموسيقية التي يعشقها؛ الأمر الذي يجعل ذلك الموسيقي الحقيقي الموهوب إما أن يحبط ويدمر من داخله لأنه يعرف أنه يستطيع أن يعزف ويؤلف مثل الموسيقيين الموجودين بالعالم العربي والغربي من حوله لكنه لا يملك العلم الكافي ولا الموجه الكفء. أو أن يتجه للطرب والغناء ومشاركة المطربين "فنخسره كموهبة أيضاً ويصبح عدداً زائداً يضاف لاعداد المطربين ومن يرافقهم من أشباه الموسيقيين". ورغم هذه الظروف، يضيف الزهراني، "وجد بيننا موسيقيين قلة يعدون على أصابع اليد الواحدة، تعلموا وشقوا طريقهم بأنفسهم ومجهودهم واعتمدوا على الموهبة لوحدها مثل الأستاذ خالد برزنجي وعلي البوري وكتجربتي التي تعرف ولكن هؤلاء حالات نادرة ولا يستطيع أي فنان أن يعلم نفسه بنفسه".
ويذكر الزهراني بتلك الحالات التي درست الموسيقى في مصر تحديداً أمثال الأستاذ سراج عمر والأستاذ غازي علي وعبدالرب إدريس الذين درسوا على حسابهم الخاص لأن الدولة لا تبتعث موسيقيين؛ "لكن توجه هؤلاء كان أيضاً للأغنية عند عودتهم وبالتالي أصبحوا مثلهم مثل أي ملحن غنائي آخر لأن الاتجاه والتوجه العام هو للأغنية فقط لعدم وجود المعهد والأستاذ الموجه الذي يقود هؤلاء الموهبين في الموسيقى". ويشير الزهراني إلى أن الموقف المتشدد من الموسيقى ساهم أيضاً في تراجع حضورها في الحياة الاجتماعية، وذلك لوجود بعض الفتاوى التي ترى الحرمة في الموسيقى "علماً أن هناك من يرى بالحل من العلماء وعلى رأسهم ابن حزم".
علي منصور: متفائل بولادة مؤلفين سعوديين شباب
التوجه لليتوتيوب
ويرى الفنان عادل الزهراني أن سبب توجه الفنانين والموسيقيين لليوتيوب جاء كحل "لأن هذا الموقع تحول بالنسبة إلينا كعازفين ليس لنا من ملاذ؛ تحول كالمسكن وكحل مؤقت لا يجدي على المدى الطويل". ويؤكد الزهراني على ضرورة أن تجد الدولة حلاً لهذه المشكلة. مضيفاً: "ومن هنا يبرز دور مهم لرجال الأعمال والمثقفين من أجل أخذ هذا الدور والمبادرة بنشر وتعليم الشباب الموسيقى كما يجب أن تعلم وأن يتبنوا هؤلاء بعد ذلك وينتجوا لهم ألبوماتهم ويرتبوا لهم حفلاتهم وهو دور مهم وممكن، وقد قام به أصحاب السمو الأمراء أمثال محمد العبدالله الفيصل وخالد الفيصل وغيرهم بدعمهم للمطربين وللأغنية السعودية؛ ولكننا نتكلم هنا عن الموسيقى والعازفين والمؤلفين الموسيقيين؛ لذا أتمنى أن يأخذ أصحاب السمو ورجال الأعمال نفس الدور من أجل تقديم موسيقى وعازفين ومؤلفين موسيقيين سعوديين حقيقيين".
الابتعاد عن الأصالة
الملحن السعودي الغائب عن الساحة، علي منصور، طالب بداية بتحديد من هو الفنان؟ لأن هنالك كثيرين ظهروا واختفوا ولم يترك غيابهم أثراً، لأنهم ليسوا فنانين بالأساس. مؤكداً أن ثمة أكثر من سبب لوجود هذه الظاهرة وأولها: "أننا مع الزمن ابتعدنا عن الأصالة في الفن الخليجي والعربي، والسبب الآخر أن الموسيقى والفن والأغنية كل عشر سنوات تغير جلدها، وتأتي موجة جديدة كما فعلنا في التسعينيات، أما الآن فإن هوية أغنية هذه الحقبة الحالية، تأخرت ولم تتكشف حتى الآن وهو الأمر الذي سينعكس على الملحنين والموسيقيين لأن كل فنان سينظر ماذا سيقدم للآخر"؛ مضيفاً أن الانترنت هو سبب آخر لموت التجارب الموسيقية، "لأن الانترنت قاتل روح الفن وشركات الانتاج لن تربح ولن تعطي حقوقا للفنان كي يسجل هذه القطعة الموسيقية التي أبدعها". معلقا: "الانترنت دهورت صحة الحركة الفنية الطبيعية".
المآسي المحيطة
ويرى منصور صاحب لحن (أنت غير الناس عندي) أن من أسباب غياب وابتعاد الفنان الحقيقي عن الساحة هو الإنسان الذي يتأثر بالظروف المحيطة، من حروب وقتل ودماء لاشك أن مثل هذه الصور في الشاشات التلفزيونية في العالم العربي ستؤثر على جودة إنتاج الفنان. مضيفاً: "أن الحالة المادية في الفن، تطورت لأن تصل إلى عدم تقدير الموسيقي صاحب اللحن ومخرج العمل الفني، إذ إن بعض المطربين أصبح يبخس حقوق هؤلاء ولا يعطيهم أجورهم التي يستحقون، بحجة الانترنت التي تبقى من أهم مشاكل العصر مع الموسيقى".
الفن مسكين
وردا على سؤال هل ثمة اعتراف حقيقي بالفن: يعلق علي منصور، مجيبا: "الفن لدينا مسكين، منذ البدايات ولازلنا في طور الاجتهادات". مضيفاً: "الفن أساسٌ تقاس به أيضا رفعة الأمم".. إلا أن علي منصور لا ينهي حديثه متشائما بل بالعكس، متوقعا ولادة أسماء موسيقية سعودية وخليجية جديدة في مجال التأليف الموسيقي، على غرار عمر خيرت في مصر، معلقا: "هنالك طاقات فذة، بدأت تظهر لا تحتاج شركات إنتاج لا تزال "نائمة في العسل" مع المطربين؛ حيث بدأ الشباب بتدشين أستوديوهات منزلية، ومن ثم نشر المؤلفات الموسيقية في اليوتيوب المتابع أكثر مما تقدمه شركات الإنتاج".
تشكيل فرق
الملحن والموسيقي صلاح الهملان، من جهته، دعا المواهب الموسيقية إلى الاهتمام بنفسها أكثر والقيام بتشكيل فرق موسيقية وعدم اليأس، مشيراً إلى تجربته مع فرقة (الجاز) بداية الثمانينيات عندما أسس ورفاقه الموسيقيين فرقة غربية وبدأوا بإحياء حفلات في جمعية الثقافة والفنون (الدمام) التي وجه لها العتاب لعدم دعوتها وتقديرها للموسيقيين القريبين منها والذين كان لهم دور في تأسيس فرع الجمعية، وذلك من أجل استثمار خبراتهم لدعم الشباب والمواهب الموسيقية الناشئة. داعياً فروع جمعية الثقافة إلى المزيد من احتضان المواهب الموسيقية وتقديمهم وهو لا يحدث دون وجود آلية حقيقة لتقديم الموهبة الموسيقية إلى الجمهور. متأسفاً على توقف عازف البيانو السعودي الشاب على البوري عن العزف، ومعلقا: "مثل هذه الموهبة كان من اللازم أن تتدخل جمعية الثقافة والفنون وتهتم به وبغيره، وتهتم بالمواهب وتكافح من أجل تقديم شيء". مضيفا: "لو أن هذا الفنان الشاب ورفاقه كونوا فرقة فنية، وتعاضدوا لما توقف، ولكان في طور التطور". مؤكداً أن جمعية الثقافة لن تبخل عليهم بغرفة، لكي يجتمعوا معا ويكونوا الفرقة التي ستحمي الفرد الفنان من العزلة والتوقف. غابطاً الجيل الحالي على ما توفرت له من فرص انتشار لم تكن متوفرة "في زماننا". وأكد الهملان أن المسألة تحتاج إلى وقت وتحدٍ واصرار من أجل التطور؛ عارضاً دعمه ومشورته للمواهب الموسيقية المحلية، من أجل تقديم موسيقى ترفع بالذائقة وتخرج عن ما هو سائد.
مناخ إنتاجي لا يساعد
الفنان خالد برزنجي صاحب تجربة سعودية فريدة في إصدار ثلاث أسطوانات موسيقية في التسعينيات، يتحدث من صميم تجربته قائلاً: "إن تراجع أصحاب المواهب عن التواجد في الساحة الفنية واكتفائهم بدور المشاهد أمر ليس بالجديد ولا ينطبق فقط على المواهب الجديدة، التي انسحبت بل ينطبق على أصحاب المواهب الكبيرة والأمثلة على ذلك كثيرة وبعض الأسماء التي تنسحت جانباً والتي تعيش بيننا الآن شكلت في السابق تاريخ الأغنية في الوطن العربي في الزمن الجميل مثل الموسيقار غازي علي والموسيقار سراج عمر والموسيقار الراحل سامي إحسان رحمه الله ولأن المناخ الحالي لا يساهم ولا يشجع في استمرار هذه المواهب مع وجود شركات إنتاج تساهم وبقوة في فرض شكل معين للفن "إما أن يكون كما نريد أو لن يسمعك أحد!".
تعطيل الفن الراقي
ولا يستغرب برزنجي عندما يسمع نبأ انسحاب فنان جديد من الساحة لنفس الأسباب، مضيفاً: "لأننا عندما نتحدث عن الفن فنحن نتحدث عن طرفين الأول مرسل (الفنان) والآخر مستقبل (الجمهور) وإذا كان المرسل لديه ما لديه من موهبة مهما بلغت من تطور وإبداع فإنه لن يستمر إذا لم يجد من يسمعه في الطرف الثاني".
ويرى برزنجي أن المستقبل محاط بتهميش الذائقة الفنية وتعطيل الفن الراقي الذي يلامس الروح من خلال ما تفرضه شركات الإنتاج الكبيرة من شكل يجبر المستمع على تقبله بقوة الاحتكار "وعندما أطلع على ما يقدم حالياً في الساحة لا أجد تنوعاً في أي إنتاج حديث بقدر ما يوجد تنوع في شكل التوزيع الموسيقي لأنه في الغالب متشابه ولا يلامس الوجدان أما الإنتاج القديم فهو مليء بالتنوع في اللحن والتجديد المستمر في زمن لم تكن شركات الإنتاج هي المسيطر على تشكيل هوية الفن".
المعاهد الموسيقية.. حلاً
ويرى برزنجي أن الحل يكمن في وجود معاهد لتدريس علم الموسيقى بكل مستوياته وفروعه وتخصصاته، "لأن وعي الجمهور هو الذي سيفشل كل محاولات شركات الإنتاج التي تساهم في تشويه صورة الفن التي وصل إليها حتى الآن".
تجربة برزنجي
وعن تجربته الموسيقية يتحدث برزنجي، معلقاً: "لقد مررت بمراحل نجاح لم أكن أتوقعه بالرغم من أن ما قدمته هو عبارة عن موسيقى فقط، لكني قدمت فيها كل ما أملك من أحاسيس ومشاعر وهذا ساهم في قبول الجمهور لكل ما قدمت وهذا النجاح لم يكتب له الاستمرار لنفس الأسباب السابقة ووجدت أن اليوتيوب وسيلة للتعبير عن بعض ما يجول في خاطري من ألحان وأفكار موسيقية ولكن هل يكفي اليوتيوب؟ فكثيرة هي المواهب التي لم يدعمها الإعلام ولم تدعمها شركات الإنتاج توجهت إلى اليوتيوب وحققت نجاحات كبيرة ولكن يظل نجاحاً محدوداً لا يوازي وسائل الإعلام المعروفة، ولهذا فإن وجود مجتمعات للهوايات الفنية مثل الموسيقى والتي تتواجد من خلال المعاهد التي يجتمع فيها الموسيقيون لدراسة هذا الفن الجميل إنما هو من أهم وسائل تطوير الذوق العام لأن ما يدرسه الهاوي سيبثه إلى المجتمع في صورة فن راق ويأتي هنا السؤال هل سيتقبل مجتمعنا هذا الأمر بعد أن رأى الموسيقى والفن وهما في أسوأ أحوالهما؟؛ حيث أصبح للمجتمع المبرر لتحريمها والوقوف ضدها وهنا لا ألوم المجتمع لأنه رأى ما لا يسر في المناخ العام للفن من سلبيات أساءت في المقام الأول للفن، وللأسف انتقل هذا الاتجاه نحو كل ما له علاقة بالموسيقى والغناء وإن كان أعلام الفن لدينا تنحو جانباً فما هو مصير المواهب القادمة التي تتمسك بمبادئ الفن ولا تقدم تنازلات على حساب الذوق، حتماً ستتنحى هذه المواهب إن لم يكن هناك دعم حقيقي".
يحيى مفرح زريقان
عادل الزهراني
خالد برزنجي
صلاح الهملان
علي منصور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.