2.823 تريليون أعلى سيولة في الاقتصاد السعودي بنهاية مارس 2024    أمير منطقة جازان يقلّد اللواء الحواس رتبته الجديدة    الأمم المتحدة للسياحة تطلق مسابقة ريادة الأعمال التقنية للنساء بالشرق الأوسط    صالات مخصصة ل"طريق مكة" في 11 مطاراً ب7 دول    سجن مواطن 15 عامًا لترويجه وحيازته الإمفيتامين    وزير التعليم: الفصول الثلاثة تحت الدراسة    فيصل بن نواف يدشّن حساب جمعية "رحمة" الأسرية على منصة X    السعودية تستضيف المؤتمر الدولي لمستقبل الطيران    «أبشر»: تحديثات مجدولة للأنظمة يوم الجمعة.. لمدة 12 ساعة    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يغادر غداً أرض الوطن للمنافسة على جوائز آيسف 2024    هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية : الاحتلال اعتقل 8640 فلسطينياً في الضفة الغربية    منظمة التعاون الإسلامي تُدين بشدة تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    وزير التجارة يزور تايلند لبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين    مختص يحذر من الاحتراق الوظيفي ويشدد على أهمية توفير وحدات لقياسه داخل بيئات العمل    جامعة الإمام عبد الرحمن تحتضن فعاليات وأعمال مؤتمر كليات الحاسب بالجامعات السعودية    بدر بن عبدالمحسن: أمير الشعراء وصوت البسطاء    ارتفاع المخزونات الأمريكية يهبط بالنفط    أول مصنع لإنتاج القهوة في جازان    أسترازينيكا تسحب لقاحها من الأسواق    تركي الدخيل: احذروا تشغيل المحافظ الاستثمارية عبر غير المرخصين    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في البرازيل إلى 95 قتيلاً    توطين وتخطيط.. أدوار الهيئة السعودية للمياه    الجلاجل: تنظيم "وقاية" خطوة لمجتمع صحي    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    أمير الشرقية ونائبه يتلقيان تهاني الرزيزاء بتأهل القادسية لدوري روشن    مهما طلّ.. مالكوم «مالو حلّ»    «إنفاذ»: 30 مزاداً لبيع 161 عقاراً    محمد عبده اقتربت رحلة تعافيه من السرطان    4 أمور تجبرك على تجنب البطاطا المقلية    وزير الخارجية الأردني ونظيره الأمريكي يبحثان الأوضاع في غزة    الشورى يدعو لتحديث كود البناء السعودي    "الهلال" يطلب التتويج بلقب دوري روشن بعد مباراة الطائي في الجولة قبل الأخيرة    بيئةٌ خصبة وتنوّعٌ نباتي واسع في محمية الملك سلمان    أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال60 من طلاب الجامعة الإسلامية    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    ديميرال: اكتفينا ب«ساعة» أمام الهلال    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    الحرب العبثية في غزة    تحقيقات مصرية موسعة في مقتل رجل أعمال إسرائيلي بالإسكندرية    عبدالغني قستي وأدبه    حاتم الطائي    توثيق الأعمال الفنية الغنائية والموسيقية السعودية.. هيئة الموسيقى ذاكرة لحفظ التراث الوطني    بدر الحروف    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    هزيمة الأهلي لها أكثر من سبب..!    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    الاحتلال يتجاهل التحذيرات ويسيطر على معبر رفح    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    ريادة إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن في الخليج...ضرورة أم حرام
نشر في الرياض يوم 20 - 05 - 2012

الكتابة عن الوسط الفني الخليجي، والعربي على وجه العموم، قضية شائكة وملتبسة، وتحتاج إلى الكثير من الالتفافات والمراوغات والاعتبارات، لأن المجتمع الخليجي بغالبية مكوناته وشرائحه وأطيافه مازال يحمل صورة مشوهة ومضطربة ونمطية عن هذا الوسط الذي تكثر فيه الشائعات والفضائح والقيل والقال، ويبدو انه أي الوسط الفني مادة دسمة يقتات عليها الإعلام بمختلف وسائله ومستوياته، خاصة الإعلام الجديد
يظل المجتمع الخليجي، رغم كل مظاهر التحضر والتمدن والانفتاح التي قد تبدو عليه، مرهوناً بالكثير من العادات والموروثات والقناعات، يأتي في مقدمتها، الصورة النمطية التي تحملها الذائقة والمزاج للمواطن الخليجي العادي للفن، فضلاً عن التيار الديني، خاصة المتشدد
الذي وجد ضالته في هذا المجال الذي يعج بالأخبار والأحداث والمناسبات والفضائح . نعم، هذا يحدث في كل المجتمعات القريبة والبعيدة، ولكن يظل المجتمع الخليجي، رغم كل مظاهر التحضر والتمدن والانفتاح التي قد تبدو عليه، مرهوناً بالكثير من العادات والموروثات والقناعات، يأتي في مقدمتها، الصورة النمطية التي تحملها الذائقة والمزاج للمواطن الخليجي العادي للفن، فضلاً عن التيار الديني، خاصة المتشدد، والذي يُعارض أي تمظهر حقيقي للفنون، خاصة تلك التي تتمتع بقدر من الجرأة والصدمة والواقعية.
منذ خمسينيات القرن الماضي تقريباً، والدراما والمسرح في دول الخليج تُراوح محلها، مع الأخذ بالاعتبار طبعاً العديد من المبادرات والتجارب الرائعة التي وجدت في الكويت والبحرين، والآن في الإمارات، ولكن مسيرة الحركة الفنية في الدول الخليجية لم تخرج بعد من شرنقة البدايات والتأسيس، رغم كل تلك العقود الطويلة. أما عدم تجذر واستقرار الدراما والمسرح والسينما في منطقة الخليج، رغم أن ملاّك غالبية المؤسسات الإعلامية الكبرى هم من الأثرياء الخليجيين، وتحديداً من السعودية، فيعود لأسباب كثيرة، أهمها النظرة الدينية المتشددة التي تحمل الكثير من الحرمة والشك والريبة من الفن عموماً، وكذلك الصورة النمطية التي يحتفظ بها المواطن الخليجي عن الوسط الفني باعتباره بيئة غير صحية ولا تحظى باحترامه أو تقديره، إضافة إلى أن الفنانين والفنانات وكل المنتسبين لهذا الوسط المثير، لا يُمثلون قدوة حقيقية للأجيال الخليجية الشابة، فضلاً عن النخب أو الأطياف المختلفة، وذلك بسبب الشائعات والفضائح والأخبار المثيرة التي تُثار حولهم بكثافة وتركيز.
قبل عدة أيام، تلقيت دعوة كريمة من قبل جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج للمشاركة في مهرجان الخليج الثاني عشر للإذاعة والتلفزيون. في بداية الأمر، ظننت أن ثمة خطأ، أو تشابهاً في الأسماء، فانا لا صلة لي، لا من قريب أو من بعيد بهذا المجال المثير. عموماً، قبلت الدعوة مثمناً ثقة القائمين على هذا المؤتمر وعلى رأسهم الدكتور عبدالله أبو راس مدير عام جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج، والذي أكد لي أكثر من مرة أهمية التعاطي مع الفنون باعتبارها أحد أهم روافد الثقافة، وليست مجرد وسائل للترفيه والتسلية.
ولكن، هل ينظر البعض فعلاً للفن باعتباره ركيزة ثقافية ضرورية، أم أنه وسيلة تغريبية هدفها القضاء على ثوابتنا الدينية والأخلاقية والاجتماعية؟ سؤال كبير ومعقد، ويُلقي الكثير من الألغام والشكوك في وسط مجتمع مازال يحمل صورة مشوهة ومضطربة حول الوسط الفني، هذا الوسط المزدحم بالأضواء والشهرة والإشاعات والسهرات والفساتين الضيقة والقصيرة.
على مدى أربعة أيام، تقمصت دور المراقب الراصد لأجواء هذا المهرجان المثير، والذي ازدحم بالأنشطة والفعاليات والأحداث، أهمها على الإطلاق بالنسبة لي طبعاً الندوات الثقافية التي أقيمت على هامش المهرجان. بصراحة شديدة، لم أكن أتوقع ذلك الاهتمام الكبير بالثقافة الإعلامية عبر ندوتين رائعتين لم أجد لهما مثيلاً حتى في أهم الملتقيات والندوات الثقافية المشهورة. الأولى، خاصة بتفعيل إستراتيجية العمل الإعلامي الخليجي المشترك، والأخرى، تناقش خطورة الإعلام الجديد على النشء.
الاقتراب كثيراً من هذه الطبقة المخملية، يُتيح لك معرفة حقيقية وواقعية للكثير من أسرار وخبايا هذا الوسط المبهر بأجوائه الساحرة وعوالمه المغرية. الأضواء والفلاشات والميكروفونات والتسريحات والفساتين والأزياء المثيرة والضحكات والإيحاءات، والكثير الكثير من التفاصيل المثيرة التي لا تجدها إلا في هذا الوسط العجيب. تلك هي الصورة الأولى التي تشاهدها، ولكن الصور الأخرى ليست كذلك على الإطلاق، فهي باهتة وسوداوية وحزينة. لكل فنان وفنانة من هؤلاء حكايات حزينة، أو سيناريوهات دراماتيكية، فهم يُمثلون السعادة والتألق أمام الكاميرا، ولكن الواقع شيء آخر.
في أروقة ذلك الفندق الفخم الذي يُمثل مجتمعاً عربياً صغيراً، تتعالى الضحكات وتتمازج الآراء وتذوب الفوارق مهما كانت، وليتها تكون كذلك في واقعنا العربي البائس. فهذا مخرج سعودي في حديث عميق مع ممثلة لبنانية، وذاك ممثل قطري في لقاء مع فضائية إماراتية، وأحاديث هنا وتمتمات هناك. لقد تحول ذلك البهو الواسع إلى شاشة كبيرة يطل منها رموز الفن العربي، ولم يعد "الريموت كنترول" هو سيد الموقف كالعادة، فكل ما حولك حقيقي، ولن تستطيع الابتعاد، فهذا عبدالحسين عبدالرضا، حياة الفهد، فاطمة الحوسني، عامر الحمود، خالد الحربان، بدرية العامر، محمد الشهري، شيماء سبت، محمد المنصور، بوسي، سعيد قريش، غانم السليطي، زهير النوباني، عبد الناصر الزاير، ورموز أخرى ساهمت في تشكيل وعينا ووجداننا لسنوات طويلة.
يبدو أن الوقت قد حان لطي هذا الملف الساخن، وتحرير الفن بمختلف أشكاله ومستوياته من تلك العقد والظنون والأوهام. لماذا نعيش الازدواجية والتناقض في كل تفاصيل حياتنا؟ الفن ليس عيباً أو عاراً، ولكنه قيمة حضارية راقية، وركيزة ثقافية ضرورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.